أفكار على هامش لقاء الأغلبية الجديدة أخيرا –وبعد طول ترقب وانتظار – تم تعيين حكومة الاستاذ عبد الالاه بنكيران الثانية ، بعدما دارت عجلة التسوية السياسية لأزمة الأغلبية الحكومية لمغرب ما بعد دستور 2011 ، وبعدما تم تجنيب البلاد سيناريو المجهول الذي كانت ستنفتح عليه من خلال ركوب المتاهة والمجهول الذي كان البعض يحن اليه ويدفع المسار للتسارع في اتجاهه في محيط اقليمي يموج بكل صنوف العتمة والانسداد والنكوص الديمقراطيين ، لقد تم التعديل الحكومي باستقدام مكون حزبي بديل لإعادة تركيب أغلبية جديدة، والعمل على استبدال مكون حزبي تقليدي – حزب الاستقلال- كان حليفا سياسيا للعدالة والتنمية وصار الان طرفا يؤثت بيت المعارضة المؤسساتية بأنواعها وأصنافها المتفارقة –حتى بلا معرفة جدية بموضوع الخلاف السياسي الجوهري مع قيادة التحالف الحكومي ولا قضيته التي دفت في اتجاه القطيعة- لقد جرت مياه جديدة بين العدالة والتنمية وقوى التحالف الحكومي الجديد لذات الغاية التي تشكلت من أجلها الحكومة ، وهي استكمال مهام واستحقاقات المرحلة السياسية العصيبة التي تمر منها البلاد ، خصوصا بعد المأزق الحاد الذي ارتهنت له قيادة الأغلبية بعد تسلم وافد جديد لسدة قيادة حزب عتيد كالاستقلال ، ليدير دفته في اتجاه يجعله يأتمر بغير اسلوب هذا الحزب في الوفاء بمهام الاصلاح والدمقرطة لجهة ركوب منطق اخرتجسد في الالتقاء الموضوعي مع سدنة الفساد العمومي ورعاته والاشتراك مع بعض من قوى الردة الديمقراطية في ذات الخندق والاصطفاف معها في نفس الجهة المناكفة للاصلاح وجعله ينساب مع رياحها، أقصد –بالضبط-النسخة المنقحة الجديدة والبديلة للقيادة التي تصدرت الواجهة السياسية والتنظيمية لتدبير حزب الاستقلال في هته المرحلة من التطور السياسي لبلدنا، وقد انفتح أفق جديد للبلاد بعد التفاهم السياسي الذي تمت صياغته والتوافق من خلاله على تدبير جديد للمرحلة رفقة كيان حزبي آخر بديل–الاحرار- فيما يشبه ابرام تعاقد سياسي ضمني جديد لاستكمال برنامج الاصلاحات المعلنة والتي تم التصريح بها سلفا في مبتدأ هته التجربة السياسية والحكومية الفريدة في التاريخ السياسي للبلد ، هذا التفاهم السياسي الذي أعقب تكلس المشهد السياسي برمته وما شهده من فتور ران على المسار الاصلاحي والتنموي ، تم بعد ما سجل على مستوى التراتيب الادارية والسياسية للاصلاح الجاري والمنطلق وما تم تقديره من انقطاع في خط ذلك الاصلاح ، وقد حلم البعض من السلطويين بذلك الانقطاع والتوقف على أن يستمر على ذات الشاكلة من الارتباك والتردد ،بل كانت رغبتهم وأمنيتهم أن يعمر لفترة أكثر مما يضع حدا لهته التجربة الوليدة وينسفها من أساسها ، لكن رياح الوفاق السياسي الوطني هبت من جديد لتقنع الاطراف وكل اركان الانتقال بضرورة التعقل واعادة بناء الاغلبية من جديد لاستئناف المسارالاصلاحي ، الذي نتمنى ان تقود هته الخطوة إلى انفراج حقيقي في برنامج اعادة البناء الديمقراطي والتنموي للبلد ، ووضع المغرب على سكة الاصلاحات السياسية والاقتصادية ، و من الواجب أن نؤكد أننا لا نتمناها –هته الخطوة- ولا نتصورها وندركها خطوة شاردة معزولة بقصد استهلاك رخيص للزمن السياسي الذي كان شبه متوقف ، أو نخالها شراءا ممجوجا للوقت على حساب قضية الإصلاح السياسي العميق للدولة نفسها وانجازا لمهام الانتقال وإقرارا لسياسات اجتماعية واقتصادية عادلة بعيدا عن محاولات المناورة وربح الوقت وفرملة مسار الإصلاح الشامل. كثيرون من عرابي الوفاق الجديد والتفاهم الوليد –بالرغم مما يمكن ملاحظته من اشارات نقدية-، يستحقون الشكر الجزيل والتحية الغالية لدورهم الاكيد المعلن والخفى فى ترتيب جلوس الفرقاء المتشاكسون معا من أجل تقريب وجهات النظر وتخفيف الاحتقان الطافح والذي اعترى العلاقة السياسية بين الطرفين في لحظة ما في سماء السياسة في هذا البلد ، والبدء فى مسار جديد من المشاورات السياسية والمفاوضات الحكومية لترتيب وضع جديد للاغلبية السياسية والحكومية ،وقد راجت الكثير من الالمحاحات والاشارات حتى قيل انها –المفاوضات- كانت في المحصلة جادة ومثمرة أنتجت توقفا للتفاوض بالحجارة السجيل وكسرت لغة العنف اللفظي والقذف المدفعي العلني التي كانت تنضح باتهامات غليظة وثقيلة والتي أنتجها –ولا يزال –بعض من الخطاب الرديئ الذي ينتجه بعض من قادة المرحلة للاسف الشديد . إن التئام الفرق البرلمانية للاغلبية الجديدة مع قادة الاغلبية المتشكلة حديثا نهاية الاسبوع الفارط، بالرغم من أنه لم يكن اللقاء الأول من نوعه بين مكونات التحالف الرباعي الحاكم ، بل سبقته لقاءات عديدة ، لكنها كانت على غير ذات النهج والتدبير والحضور الاعلامي والسياسي الذي تم فيه، والخطاب السياسي الذي تم نسجه وبلورته وتصريفه من أقطاب وزعماء التحالف الرباعي ، ومن خلال التركيز على تحديات المرحلة وفعالية الزمن السياسي في تحفير اوراش الاصلاح والوعي بضرورة الانسجام والوفاق والحرص على منهجية جديدة في تدبير الاغلبية ،هذا بالاضافة إلى الاتصالات الجانبية التي تمت والاشارات الرمزية التي تم الافصاح عنها ، حتى تجاوز بعضها مطارحة قضايا المرحلة واستحقاقاتها الكاملة الى بسط افاق جديدة ومستقبلية لهدا التحالف السياسي والحكومي الظرفي، ان كل تلك التخوفات والتوجسات التي تم استخلاصها من خبرة التجربة السابقة على امتداد السنة والنصف الفارطة وجب العمل على تكسيرها على صخرة الشكوك والارتياب المتبادلة أولا، من خلال تجاوز رغبة طرف ما للحصول على أكبر مكاسب سياسية وحزبية ممكنة و العمل على تقديم أقل قدر ممكن من التنازلات ، ان تم ذلك –لا قدر الله- فسيكون بعيدا عن منطق التنافس الديمقراطي الذي أنتجته المرحلة المفضي للاستحقاق ، وبعيدا عن روح الجواب السياسي للحراك الشعبي الذي تفاعل معه المغرب الرسمي وافرز صيغة منبثقة عن صناديق الاقتراع صدرت العدالة والتنمية في طليعة القوى السياسية ذات الحضور الشعبي المتميز ،بما يعنيه ذلك من احداث زلزال في بيت القوى السياسية والتنظيمات الحزبية التقليدية، وهو ما يطرح مسألة تأهيل الحقل الحزبي وتمرينه على الحياة الديمقراطية السليمة . لكن السؤال الراهني المطروح علينا الآن ، هل بمجرد عقد لقاء الاغلبية الجديدة بذلك الحماس وبتلك المسؤولية في صوغ الخطاب واستشعار حساسية المرحلة ، والذى تم بروح فيها التوجس والامل واخذ المبادرة والترقب معا ، هل كل ذلك يعنى ان المشكلة السياسية للتحالف الرباعي – في الحدود الدنيا - قد انتهت وتكم تجاوزها من خلال الالتفات لأولويات المرحلة ، وأن الثقة السياسية بين العدالة والتنمية وغريمه التجمعي قد عادت وكأن شيئا لم يكن من سالف صراع انتخابي بل سياسي رافق مجمل المرحلة المنقضية –اندراج هذا الاخير في تجمع سياسي مجموعة الثمانية التي كانت تستهدف العملية الديمقراطية برمتها قبيل انتخابات 25 نونبر 2011- ، وكأن صراعا سياسيا وحربا معلومة مراميها لم تنقدح ولم تنبعث شرارتها ، منذ أن فجرت التحولات السياسية منطق الصرا ع التقليدي ومنذ أن اختل التوازن السياسي التقليدي داخل بنية النظام السياسي المبني على مرجعية والية التحكيم ،لصالح قوى غير تقليدية نابعة من رحم الشعب وعاكسة لتطلعات وامال المجتمع ؟ اننا في تمام الوعي الحصيف بذلك وبأكثر منه ، لكن هل البلاد كان لها أفق سياسي غير الذي نحن فيه الان ، هذا هو الاشكال، الإجابة –بالطبع -هى لا النافية، فربما تتعثر الأمور مرة أخرى وفي جولة لاحقة ، لكن هناك احتمالا كبيرا أن تتم تسويات جزئية بين العدالة والتنمية من جهة وبعض أطراف جبهة التصدي والممانعة داخل التحالف الرباعي من جهة أخرى، لكن لصالح قضية الإصلاح ، وفق مقولة تعزيز التناقض المركزي والحسم معه وتجاوز الخلافات والتنازل المتبادل للتعايش قصد تجاوز مطبات المرحلة . وحتى بإعمال لغة الربح والخسارة فقد ربح العدالة والتنمية وقوى الاصلاح الديمقراطي برمتها معركة الشرف والمنهج وقضية الاصلاح في عمومها ،ولم تربح مناورات والاعيب ذوي الطرح الكيدي الانقلابي ، هكذا وجب التقييم في مجمل الصورة والمشهد ، فلنراقب الوضع في سياق التطور العام لقضية الاصلاح بعيدا عن التفاصيل ، التي بالقطع هي مملوءة بالعورات والاعطاب الجزئية والموضعية ،. ما يعزز هذا الاحتمال ليس نظرية المؤامرة الرخيصة التي بعض عناصرها متواترة بل متوفرة بجلاء ، ولكن لأن السبب هو أن تحليل ومقاربة بعض مكونات الساحة السياسية والحزبية الوطنية للمشكلة السياسية في البلد ليس متحدا ولا متطابقا ، وبعضهم ذهب بالفعل إلى ترتيب احتمالات اخرى وبديلة هكذا بخفة مع قوى الردة الديمقراطية في صيغة اشبه بالانقلاب الناعم على موطن الشرعية الانتخابية والقراءة الديمقراطية لتأويل دستوري رئاسي بل سلطوي بات يسوق له بتحسر وبروح دعائية بادية –لنراجع الاداء الاعلامي والسياسي لذلك البعض لنفهم ونعي الدرس جيدا - ، بل ان جزءا من ذلك البعض وطيفا من تلك القوى سعى إلى ترتيب لقاءات ان لم اقل فبرك مبادرات وقام بحركات لها وجه كالح يتعدى محاولات الارباك للسير الحكومي ليصل الى محاولات الاغتيال السياسي والمعنوي للتجربة برمتها في تواطئ مكشوف ، لم يتم حتى الاعلان عن تلك المحاولات الجبانة والبئيسة ، لكنها – المحاولات- تعثرت لأن البعض من الكائنات السياسية الغريبة والمغامرة داخل المشهد السياسي تمكنوا من اقناعهم بتأجيل التنازل الظرفي ، مع الحرص على تحوير المسار المناور وتبديل صيغة النزال غير الشريف لانه يفت في عضدد المعارضة ويربك مناورات خصوم الاصلاح الديمقراطي ،بل انه يرفع من اسهم العدالة والتنمية ويزيد في تجذرها الشعبي وارتقائها في وعي الناس ويذكي منزع الاصرار على الاصلاح بقيادة العدالة والتنمية –لننظر لدرس الانتخابات الجزئية ونمعن اخذ العبر منه - حتى انهم استبدلوا الاستراتيجية الهجومية وابدلوا ادوار الفاعلين فيها حتى يلوح فى الأفق من جديد إمكانية للحصول على مكاسب سياسية تفرمل المد الانتخابي للعدالة والتنمية وقوى الاصلاح الديمقراطي ،ربما تم النظر الى الاستهداف المتواصل للتجربة بكونه تقوية لها بل انقاذ لها من التردد والارتباك ، ولم لا الاندراج فيها بغاية ابطائها . لكن بعيدا عن التأويلات العديدة التي قد يحبل بها المشهد السياسي الحالي، فالمهم جلست كل الاطراف –بعد مشاورات ومفاوضات وتوافقات -فى النهاية بل بعد عراك ونزال ، اعتصم فيه حزب العدالة والتنمية لحكمة التوافق والصمت لكنه كان مليئا بكل العبر وكسب جولة الأخلاق والتخليق والصراع بشرف والوفاء بالمواثيق والعهود حتى مع المخالفين الذين أراد البعض منهم أن يستفزنا ويستدرجنا لمتاهة ردود الفعل غير المحسوبة أخلاقيا وسياسيا ، وأحد الاحتمالات المتوقعة –وربما يكون سيئها على الإطلاق -ان يمارس الزعماء الجدد للاستقلال والاتحاد في التقاء موضوعي غريب مع قوى الإعاقة الديمقراطية والمناهضة للإصلاح ، هذا الالتقاء يثير الكثير من الشفقة كما يبعث على الارتياب ، وربما يؤسس من جديد للعبة العصا والجزرة مع من يحاولون أيضا تفريق شمل العائلة الديمقراطية والوطنية من قوى الكتلة التاريخية المتشكلة عقب الحراك الديمقراطي المنتفض ، انهم يمعنون في ذلك قبل حلول موعد الانتخابات الجماعية القادمة اعدادا لجولة إنهاك أخرى تنتهي بإفشال التجربة برمتها . إن لحزب العدالة والتنمية حساباته القيمية والمبدئية قبل السياسية والانتخابية ، والتي بالقطع لن تكون على حساب الانتصار لقضية الوفاء لشعب ولقضية الإصلاح نفسها ، وإذا فعل وقام بذلك الترتيب الذكي من الاستيعاب للمرحلة ومناوراتها -والمؤكد أنه سيفعل- فهذا لعب سياسي مشروع يراهن على توفير شروط النجاح لقضية الإصلاح وتكبيل خصوم الانتقال خسائر إستراتيجية فادحة ، ولقد كان البعض من قوى الردة يخطط ويراهن ويحلم باستدراج قيادة المرحلة للسقوط في أتون الأخطاء المنهجية الجسيمة ويأخذه بجريرتها ويأتي عل الإجهاز على التجربة من أساسها ، إن الأمر- في مجمله – بات يتوقف على مدى حنكة قادة المرحلة وبالتحديد القيادة السياسية للعدالة والتنمية في تدبير الأزمة السياسية للبلد بما يحافظ للصيغة المغربية في الإصلاح على جاهزيتها وجاذبيتها ونجاعتها في الخروج بالبلد من متاهة التسلط والفساد العمومي والاندراج في خانة الدول الرخوة والفاشلة لا قدر الله ، ومما يعنيه كل ذلك من ضرورة تحمل مسؤوليةوضع البلد على السكة الصحيحة للانتقال الديمقراطي والإنهاض التنموي بما يوسع من سقف الحريات ويعمل على انجاز التصالح التاريخي بين الدولة والمجتمع ، ويعالج مشكلة الشرعية السياسية بما يجعل الدولة في خدمة المجتمع . بقية المشهد السياسي الماثل امامنا ، أن قلة من قادة المعارضة المؤسساتية الحالية –المثيرة للشفقة مرة اخرى- مستعد لأن يمهر مواقفه لصالح قضية الاصلاح العميق للدولة ، بيد اننا نرى الكثير منهم يهرول لافتعال المعارك الهامشية لمواجهة الحكومة و التصدي لقوى الاصلاح ليكرس منطق الجمود السياسي الذي يصب في صالح قوى المحافظة السياسية ولصالح الاستبداد السلطوي ، ومن اجل ذلك نرى مواقف معظمهم غير مبدئية هدفها الفرملة العاجزة والمناورة الكاذبة والادعاء الاجوف ، وليس من مقاصدهم البتة إقامة دولة ديمقراطية ولا تشييد مجتمع الحداثة المفترى عليها ،انهم يخدمون اجندة خفية لقوى اعلنت النكوص والمحافظة السياسية والجمود بل انهم يفتلون في عضض من يحاول اعادة انتاج السلطوية برداء من حرير ، انهم يبيعون القضية بمقايضة المبادئ بالمناصب المتوهمة بعيدا عن حكم الشعب ، وبعضهم مستعد للبيع من أجل منصب وزير وآخر من اجل مسؤولية ادارية سامية وبعضهم يتغيا الحفاظ على تجارته الخاصة هكذا نستلهم الدرس من سالف الخبرة التي راكموها في الزمن السياسي القريب . فى ظنى أن الهدف الجوهرى لمجمل تلك القوى المجتمعة على عنوان واحد هو مواجهة غير ديمقراطية مع العدالة والتنمية ، من خلال السعي للحصول على ولاء وتطلع للقرب من مراكز السلطة والنفوذ ، من أجل تسوية سياسية عجلى بعيدا عن سيادة الشعب وعلى حساب قضية الإصلاح ، تنتهي بلقطة جماعية يجرى تسويقها في الخارج ويتم وضعها فى داخل ملف الحصول على موقع سلطوي زلفى للحاكم وقربى لنيل الولاء الرخيص أولا، ثم إعادة بعض الشرعية السياسية التي فقدها النسق السياسي والمشهد العام فى الأسابيع الأخيرة ثانيا. بعد ذلك ثالثا فإن الهدف الأساسى سيكون الذهاب إلى الانتخابات الجماعية اذا جرت فى موعدها لا ندري لحد يوم الناس هذا التى يعتقد الكثيرون من القوى السياسية وذوي الرأي أن الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية و الجزئية السابقة ، هو نفسه سوف يكسبها في الجولة القادمة لا محالة وخلفهم حلفائهم ليكتمل البناء المؤسساتي وليستقر الحضور المميز لحزب العدالة والتنمية في سدة الحكم لعقود ،إنهم يخافون من هذا الأفق وذاك المسعى الديمقراطي ،بكلمة إنهم يخافون الديمقراطية ، ومن الممكن أن يتفق حزب العدالة والتنمية مع بعض القوى السياسية الحليفة لتدبير الانتخابات الترابية على صياغة تحالفات انتخابية أكيدة أو حتى بعض التنسيق الانتخابي الذي تبدت بعض بشائره بل ومؤشراته في الانتخابات الجزئية السالفة . إنهم يخافون من إن ينجز حزب العدالة والتنمية ما عجزت عن انجازه قوى سياسية لعقود مديدة ، في قضية الإصلاح العميق للدولة والنهوض التنموي للمجتمع ، من خلال نهج سياسات عادلة وتوزيع متكافئ للثروة بل السعي لإنتاجها ، وإقرار المواطنة الكاملة لا الامتيازية وتحقيق الكرامة الإنسانية . في السياسة لا توجد حلول مثالية كاملة ومغلقة وناجزة ، بل هناك أفضل تسوية متاحة في اللحظة الراهنة في إطار الممكن تاريخيا والمحتمل حكوميا والمتحمل سياسيا ، وإذا كانت أهداف الفاعلين السياسيين الرئيسيين والثانويين –على حد السواء - واضحة، فما هي أهداف المرحلة لتحقيق ذلك المسعى في اتجاه تعميق التجربة المغربية في الانتقال الديمقراطي وتمنيعها إزاء محاولات الالتفاف وأمام الضربات الاجهاضية التي تستهدفها في مقتل، والأهم كيف يمكنهم تحقيقها في ظل موازين القوى الحالية ؟ أسئلة نعالجها في ما يستقبل من تحليل .