ما أن عاد الملك محمد السادس إلى أرض الوطن، أمس السبت، بعدما قضى إجازة خاصة له في فرنسا، دامت أكثر من شهر، حتى طفت على السطح مجددا التأويلات بشأن الطريقة التي سيسلكها تفاعل المؤسسة الملكية، مع قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال، القاضي بالانسحاب من حكومة عبد الإله بنكيران، في 11 ماي الماضي. وكان الملك قد أرجأ الصراع القائم بين حزبي العدالة والتنمية والاستقلال، باتصال هاتفي إلى حين عودته، بعدما ذهب حزب الاستقلال إلى الفصل 42 من الدستور، بدل الفصل 47 الذي يقول في جزء منه "ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية". سلطة الهاتف أفادت صحيفة ABC الاسبانية بحر الأسبوع الماضي، أن المغرب يمرُّ بصراع محتدم، بين طرفين أساسين في الائتلاف الحكومي، بين حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التجربة الحكومية بعد دستور 2011، وحليفه في الأغلبية ووصيفه في الانتخابات التشريعية الأخيرة حزب الاستقلال، والذي أعلن انسحابه من السلطة التنفيذية. وتابعت الصحيفة، أن العاهل المغربي، يؤجل الصراع بين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية بسلطة الهاتف، بعدما طالب الملك، حميد شباط الأمين العام لحزب الميزان بالإبقاء على وزراء حزبه بالحكومة، إلى حين عودته من فرنسا، وهو الأمر الذي أتاح الفرصة لعبد الإله بنكيران للإعلان عن الثقة الملكية في الحكومة التي يقودها، في أول مجلس حكومي بعد قرار الانسحاب، بعدما صرح مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، عقب الاجتماع، أن الحكومة "تحظى بثقة الملك" وستواصل برنامجها في الإصلاح.. غلاب .. آخر أوراق شباط قبل عودة الملك في خطوة اعتبرها الكثيرون مفاجئة، خرج كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، عن صمته الطويل، ليشهر ورقة الإنذار في وجه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، خلال الجلسة الافتتاحية للمناظرة الوطنية حول الحق في الوصول للمعلومة، الخميس الماضي، حينما خاطبه بأسلوب وصفه قياديون في حزب العدالة والتنمية، ب"الغير اللائق". وكأولى ردود الفعل على كلام صاحب ثالث منصب في المملكة، خاطب عبد العزيز أفتاتي كريم غلاب بالقول "إيلا كُنتي راجل انسحب، وقدم استقالتك من رئاسة مجلس النواب»، مرددا «خصك تمشي بحالك»، قبل أن يردف، أن كريم غلاب غير الخط الأحمر في إشارة لموقفه من تحالف حزبه مع العدالة والتنمية في السابق، إلى خط أخضر وأبيض، عندما وجه له السؤالقائلا "ما الذي جعل الخط الأحمر يتغير لونه إلى أخضر أو أبيض؟، وما الذي وعدتك به الجهات التي تهيئك لأمر ما؟». وعلى منوال أفتاتي، ذهبت العديد من تصريحات إخوان بنكيران، في ما يشبه الحرب بالوكالة على كريم غلاب، من طرف النواب البرلمانيين، بعدما أشار عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في لقاء له مع أعضاء حزبه ببوزنيقة، أن أفتاتي كاف لمجابهة ما أسماهم "المشوشين" على تجربة حزبه الحكومية. وكان كريم غلاب، قد طالب بتمثل الروح الجديدة للدستور، والحيلولة دون إعمال العرقلة وتعطيل العمل البرلماني في المقترحات داخل البرلمان"، محذرا من تجميد عدد من مقترحات القوانين التي يتقدم بها النواب من طرف الحكومة، معتبرا أن مبادرة الحكومة في التشريع لا تشكل إلا نسبة 1 من 666 مبادرة، يقول غلاب، الذي قال إن مجلسي البرلمان يتشكل من 665 برلماني في الغرفتين، وهو الأمر الذي أدخل عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة في جدال مع غلاب، الذي كان يُلقي كلمته في الجلسة الافتتاحية للمناظرة الوطنية حول الحق في الوصول إلى المعلومة، وهو الأمر الذي فتح باب التأويلات عن مآل التحالف الحكومي بعد تصريح غلاب. في انتظار التحكيم الملكي الكل مُترقب لجواب المؤسسة الملكية، على قرار حزب الاستقلال، بعدما فضل الذهاب للفصل 42 عوض الفصل 47 وهو ما بررته قيادات من حزب الاستقلال، بأن الأزمة في الحكومة ليست أزمة حزبين فقط، بل هي أزمة مؤسسات، تستوجب تدخلا للملك للفصل فيما بينها. في الوقت ذاته، يتهم حزب العدالة والتنمية حليفه في الائتلاف، بإقحام المؤسسة الملكية في تقدير سياسي بين حزبين مختلفين، مؤكدين أن حزب الاستقلال يكيل بمكيالين، متخذا من قراره الأخير آلية ضغط على الحكومة من الأجل التنازل عن ما أسموها مشاريع إصلاحية هيكلية تريد الحكومة أن تقوم بها. ففي اللحظة التي يلجأ فيها الاستقلال إلى فقرة في الفصل 42 من الدستور، والتي تقول" إن الملك يُعتبر الحكم الأعلى بين مؤسسات الدولة ويسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية". فإن حزب العدالة والتنمية، يطالب بتفعيل فقرة أخرى من الفصل 47 من الدستور والتي تقول "ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية". ليبقى الجواب مفتوحا على عدة سيناريوهات، ستتفاعل معها المؤسسة الملكية، بعدما تتوصل بكافة المعطيات المتعلقة بقرار حزب الاستقلال، بعدما صرح أمينه العام حميد شباط، بأنه سيرفع مذكرة مفصلة إلى صاحب الجلالة فور عودته من الزيارة التي وضعت نقطة نهايتها أمس السبت.