بدأ الأمر في فعاليات عيد الشغل في فاتح ماي من السنة الجارية وتكرر في مسيرة أمس الأحد، 22 شتنبر، حينما أبدع لنا الأمين العام لحزب الاستقلال والزعيم النقابي في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، حميد شباط، نضالا جديدا يستحق بجدارة أن يسمى "نضالا مؤدى عنه". لقد جرت العادة أن يبذل المناضلون النفيس والغالي من أجل إيصال رسائلهم بكل تلقائية وطواعية، ينفقون من أوقاتهم وجيوبهم، وإن اقتضى الحال من أجسادهم حينما تتعرض لهراوات عناصر الأمن والقوات المساعدة من أجل مطالب يرونها مشروعة، لكن ما فعله شباط منحرف خطير للعمل النضالي نحو التظاهر بمقابل. فأن تضع رهن إشارة من يريد المشاركة في مسيرة "الغضب" على قرارات حكومة عبد الإله بن كيران حافلات بالمئات، لأجل أن تأتي بهم من مختلف ربوع المملكة، وتوفر لهم المأكل والمشرب وأشياء أخرى، ليس لشيء سوى للاحتجاج على الزيادة في أسعار المحروقات، وهي رسالة يمكن أن تصل والناس يحتجون في مدنهم، دون الحاجة إلى كل هذه "البهرجة"، فالأمر يدل على أن الهدف منها لم يكن بالدرجة الأولى الاحتجاج على تطبيق نظام المقايسة الذي انعكس سلبا على أسعار المحروقات، بل أيضا للانتقام من رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، الذي رفض الخضوع لمطالب شباط حين كان حزبه في الحكومة، ولا أدل على ذلك أن الشعارات التي رفعت في المسيرة والتي كانت تستهدف بن كيران ووزراء العدالة والتنمية في حكومته دون غيرهم. لقد جنى حميد شباط على نفسه بالطريقة التي نظم بها مسيرته، وجعل نفسه، عن غير قصد من طبيعة الحال، أمام فوهات بندقيات الصحافة الوطنية بداية، ومدافع قيادات من داخل حزبه ومن غيرها، حينما أقدم على استقدام "المناضلين المأجورين" من مختلف مدن المملكة، وخلف حالة من الفوضى في الشوارع المحيطة بشارع محمد الخامس بالرباط، وخنق حركة المرور وجعل بعض السائقين "يوكلون فيه الله تعالى"، ثم حين استقدم "الحمير" الخمسة للسخرية من بن كيران، فانتشر اسم "مسيرة الحمير" في كل مكان من العالمين الواقعي والافتراضي بدل "مسيرة الغضب" التي أرادها الاستقلال وجناحه النقابي.