لم أعرف في حياتي «نحلة» في مثل حيوية ويقظة وحرص زينب سلمان. تولت بعد فترة تدريبية شملت إلى الصحف اللبنانية بعض أهم دور الصحافة في مصر، وبينها «الأهرام» و «دار الهلال» و «روزاليوسف» و«الأخبار».. كما زارت الجامعات واطلعت على نظم حفظ الصور وتنسيق الموضوعات. لكن دأبها ومتابعتها واجتهادها، وكل ذلك معزز بالدقة والأمانة والحرص واحترام الوقت، يمكن أن يعتبر « عملة نادرة».. فكل قصاصة ورق، كل معلومة، كل مجلد، كل كتاب في مكتبة «السفير» هو كنزها الخاص تحفظه بعيونها... ثم أن ذاكرتها هائلة الحضور، ما إن تطلب منها «سيرة شخصية» لأحد السياسيين أو الفنانين أو رجال الأعمال، حتى تذكر لك إضافات معينة قبل أن توافيك بالسيرة الذاتية كاملة مكملة. ولقد كان معها جيش من العاملات في المتابعة والتسجيل والترقيم والطباعة... ثم في نقل المادة إلى الكومبيوتر، وعصرنه الأرشيف بحيث بات جاهزاً للخدمة في أي وقت، وعن كل الشخصيات، وفي كل البلاد، عربية ودولية فضلاً عن لبنان. زينب التي كانت القائد والزميلة والصديقة والرفيقة لعموم «جيش الحريم» من الكفاأت وممن تعززت خبراتهن في أرشيف «السفير» الذي لم يكن يضم إلا ديكاً واحداً في النهار هو المرحوم حسن السبع، وفارساً مفرداً في الليل هو الساهر الأمين اليقظ حسن يوسف الذي آنسه وصادقه لفترة طويلة الزميل صقر أبو فخر الجاهز لأن يكتب في كل وقت وعن أي موضوع، والذي تولى لفترة طويلة إدارة التحرير في «ملحق فلسطين» تعويضاً عن غياب أية مطبوعة تهتم برعاية القضية المقدسة. كل هؤلاء والصبايا بغير استذكار لأسمائهن، بقيادة زينب، هنّ بعض من تميّز «السفير».. إن كان الأرشيف هو ذاكرة الصحافة والصحافيين قبل الكومبيوتر المخزن وبعده.