أطلقت فرنسا تحقيقا قضائيا في التهم الموجهة لشركة «لافارج وهولسيم» الفرنسية السويسرية في تمويل تنظيم «داعش» في سوريا بشكل غير مباشر، بهدف الحفاظ على استمرار عمل مصنعها في منطقة كانت تشهد حربا هناك، حسب ما أفادت النيابة العامة في باريس أمس الثلاثاء. وفي وقت سابق من هذا العام أقرت شركة الإسمنت العملاقة بأنها لجأت إلى «ممارسات غير مقبولة» لكي تتمكن من مواصلة عملياتها في مصنع الإسمنت، المغلق حاليا، في سوريا في الأعوام 2013/2014، بعد أن خرجت معظم الشركات الفرنسية من البلد المضطرب. وأعلنت نيابة باريس تعيين ثلاثة قضاة – واحد للتعامل مع أمور مكافحة الإرهاب واثنان متخصصان في الأمور المالية– للتحقيق في «تمويل مشروع إرهابي» و»تعريض حياة أشخاص للخطر». وقالت «لافارج وهولسيم» أمس أنها «ستتعاون بالطبع مع القضاء إذا تم استدعاؤها»، مضيفة في بيان أن المدعين لم يتصلوا بها بعد. وفي سبتمبر تقدمت الحكومة الفرنسية بشكوى قانونية ضد الشركة لشرائها النفط في سوريا التي تخضع لعقوبات، بهدف تشغيل مصنع جلابية الواقعة على بعد 150 كلم شمال شرقي حلب. وأطلِق على إثر ذلك تحقيق أولي تم خلاله استجواب مدراء «لافارج» حسب مصدر مقرب من التحقيق. وفي مطلع مارس اعترفت الشركة ان فرعها في سوريا دفع بشكل غير مباشر أموال حماية «لجماعات مسلحة» من بينها أطراف مفروض عليها عقوبات، لضمان استمرار العمليات في مصنع الإسمنت، ومرور موظفيها بشكل آمن، والتمكن من الحصول على إمدادات للمصنع وإخراج إنتاجه. وجرت هذه التعاملات خلال العام 2013 عندما «خلق تدهور الوضع السياسي في سوريا تحديات صعبة للغاية بالنسبة لأمن وعمليات المصنع وموظفيه» حسب الشركة. اشترت شركة «لافارج» المصنع في 2007، واستثمرت نحو 680 مليون دولار (600 مليون يورو) لتشغيله بحلول 2010، وهو أكبر استثمار خارجي في سوريا بعد الاستثمار في قطاع النفط. وتم إخلاء المصنع في 2014 وإغلاقه قبل اندماجها مع منافستها السويسرية «هولسيم» في 2015. ويشتبه في أن الشركة قامت بشراء النفط من سوريا لتشغيل المصنع في انتهاك للحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي في 2012 على شراء النفط السوري، في إطار مجموعة عقوبات تستهدف حكومة الرئيس السوري بشار الأسد. وظهرت تلك الاتهامات أول مرة في صحيفة (لوموند) في يونيو2016، حيث اتهمت الفرع السوري للشركة لافارج في «ترتيبات مشبوهة» مع تنظيم «الدولة الاسلامية».