قطعا لم أتوقع أن الجيش سيضيع فرصة مصالحة الكرة المغربية مع الألقاب، فرصة إستعادة هيبة كرتنا التي عانت الإخفاقات في السنوات الأخيرة، وفرصة أن نطرد شبح الأندية التونسية التي ما فتئت تغتال فرحتنا كلما تعلق الأمر بالحوارات المغربية/التونسية إلى أن باتت تشكل العقدة والبعبع الذي يخيفنا ويقض مضجع أنديتنا· ما كنت أظن أننا سنسقط مجددا في الفخ التونسي لإيماني القوي أن الجيش يملك ترسانة من اللاعبين المجربين والمخضرمين والمتحمسين، إن لم نقل أنها تركيبة بشرية أفضل ما توجد في البطولة، ولإيماني أيضا أن الفريق العسكري يملك مدربا خامر هو الآخر تجارب طويلة على الساحة المحلية والدولية، لكن في الأخيرة الغلبة آلت للفريق الذكي، النادي الإفريقي الذي سلك الطريق الأنجع ألا وهو الوصول إلى ضربات الترجيح، لأنه كان يعرف أنه يلعب خارج عرينه والجيش هو من يملك إمتياز الأرض والجمهور، وهو المعني أكثر بالمبادرة والوصول إلى المرمى، فهاجس الإفريقي كان أولا وأخيرا هو الحفاظ على نظافة شباكه، إذ أبان أنه أكثر استعدادا تقنيا ونفسيا لضربات الترجيح، ما يؤكد أن خطته نجحت مائة بالمائة· لنعترف أن زمن الأندية المغربية القوية قد ولى، لأن سوءاتنا تنكشف كلما تعلق بحوار خارجي مع أحد الأندية القوية يتعذر علينا مجاراتها·· لا عذر لدينا سوى أننا تخلفنا عن الركب، فما قاله محمد فاخر مدرب الجيش برأيي ليس منطقيا عندما أراد التحجج بعياء لاعبيه وازدحام أجندة الفريق·· تبرير ضياع اللقب برأيي هو أهون من بيت العنكبوت، إذ لا يعقل أن نربط هذه الخيبة بالعياء لكثرة المباريات والمشاركات، لأن مدربي الأندية الكبيرة يقبلون دخول هذه المغامرة وهم يؤمنون أن بذات المشاركات المختلفة الأندية تكبر، بل يخططون لتجاوز هذه المراحل وإلا لراحوا يدربون أندية بآفاق محدودة تلعب أدوارا ثانوية، ثم إن المدرب هو الذي يعرف كيف يستغل جميع اللاعبين حتى لا يصاب لاعبون بعينهم بالضغط والعياء كما قال، ويحافظوا على الطراوة البدنية أكيد أنه ينجح في تحقيق الأهداف ويذوب العراقيل·· وفاخر ربما كان قد أخطأ وهو يعتمد منذ إنطلاق الموسم على نفس اللاعبين، وعندما أراد الإعتماد على البدلاء وجد بهم نقصا على صعيد المنافسة والإحتكاك، وسيقانهم تفتقد طراوة إيقاع المباريات·· جواب المدرب الجزائري عبد الحق بنشيخة الملقب في تونس بالجينرال خلال الندوة الصحفية كان شافيا، كافيا وردا صريحا على ما قاله محمد فاخر، إذ أكد بنشيخة أن أجندة فريقه هي الأخرى جد مضغوطة، والإفريقي خاض ست مباريات في ظرف عشرين يوما، وأكد أن الأندية الكبيرة إنما تبقى كبيرة بذات المشاركات المتنوعة والمتعددة، كبيرة ليس بالإسم ولكن بالحضور، كلام بنشيخة يؤكد أن فريقه سيطر عليه هاجس العياء مثلما قال محمد فاخر، لكن الفرق أن بنشيخة عرف كيف يناقش المباراة ويدبر أمور لاعبيه ويسلك الطريق الأنجع والمفيد له، لذلك أعتقد أن فاخر لم يحسن مناقشة المباراة، لأن الإفريقي على العموم لم يكن بذلك الفريق الرهيب، فالجيش كان بإمكانه بلوغ المرمى لو كانت لمهاجميه نجاعة، ولو كان وسط ميدانه فعالا أو كان بالفريق صانع ألعاب حقيقي ومهندس يحقق الفارق ويوزع اللمسة الأخيرة· مجبر إذن الجيش أن يطوي هذه الصفحة وينظر بعين التركيز وإصلاح الثغرات والهفوات وحسن التدبير وهو مقبل على دخول دوري أبطال إفريقيا حتى لا يتوقف قطاره في الأدوار الأولى·· وهذا ما نخشاه·