لم يكن هناك ما يشحذ همم أسود الأطلس وهم مقبلون على مباراة باماكو أمام نسور مالية منكسرة الأجنحة بخيار الفوز للتقدم خطوات على درب التأهل للمونديال، أفضل من أن يتناهى إلى علمهم أن المنتخب الإيفواري سقط بمعقله أمام فهود الغابون في مفاجأة مدوية، فقد كان يعنى ذلك ببساطة، أن الفوز على نسور مالي بملعب 26 مارس ستكون له قيمة غالية جدا، إذ سيقود رأسا لصدارة المجموعة الثالثة بفارق نقطة عن الفيلة الذين جرى تركيعهم بطريقة مستفزة للمشاعر وكاسرة للمنطق. هذا الفوز كان يحتاج إلى نصف النجاعة الهجومية التي حضرت في مباراة الرباط وأسود الأطلس يفوزون بسداسية، وكان يحتاج إلى سيطرة كاملة على المعيقات الإستراتيجية التي ابرزتها أرضية الملعب، وكان يحتاج فعلا إلى بعض الجسارة التي تساعد على فرملة جموح الماليين الذين كانوا يتطلعون لمداواة كبريائهم المجروح. وعندما نعيد قراءة شريط المباراة، سنقف متحسرين على أن الفريق الوطني رفض الهدية التي جاءته من أبيدجان ورفض امتطاء الصدارة التي تضعه على بعد 180 دقيقة من المونديال، وأهدر فرصة أن يطلب من آخر مباراتين له أمام الغابون وكوت ديفوار أربع نقاط وليس ست نقاط كما هو الحال اليوم. والحسرة أن الفريق الوطني ترك الفوز ينفلت منه طوعا وليس كرها، فأن نقبل بكل المؤثرات الإستراتيجية من أرضية ملعب سيئة ومن رطوبة عالية، لا يمكن أن يجيز لنا قبول ما كان من رعونة على مستوى البناءات الهجومية، ففي النهاية الفريق الوطني أضاع ثلاث انفرادات زواضحة والأدهى أنه أضاع أيضا ضربة جزاء، لذلك لا يمكن أن نعتب على الحظ ولا على أرضية الملعب على الرغم من سوئها، لا بد وأن نعتب على لاعبينا الذين تعاملوا برعونة مع فرص واضحة للتهديف. صحيح أن أرضية الملعب السيئة أكرهت الفريق الوطني على أن يلجأ للأسلوب الذي لا يتقنه ولا يستصيغه، إلغاء البناء المعتمد على التمرير القصير واللجوء للكرات الطويلة، ما جعل كلا من زياش وفيصل فجر يبنيان معا للمجهول، وصحيح أيضا أن النسور المالية رفضت مواصلة السقوط الحر وحاولت قدر ما تستطيع أن تعود للتحليق ولو بأجنحة متكسرة، إلا أنه برغم كل ذلك كان بمقدور الفريق الوطني أن يفوز ويحقق من المباراتين معا العلامة الكاملة التي كانت خيارا إستراتيجيا حتى وفيلة كوت ديفوار يسقطون في أبيدجان وقد كنا نظن أنهم سيعيدون تأديب الفهود الغابونية. هي إذا نقطة وحيدة حصدها الفريق الوطني من مباراة باماكو، لا يمكن أن نطيل البكاء على أطلالها، فالمفروض أن يمضي الفريق الوطني إلى ما ينتظره الشهر المقبل عندما سيواجه منتخب الغابون المنتفض من رماده هنا بالمغرب، والخيار الأوحد هو تحقيق الفوز، ليقدر علينا أن نبحث عن التأهل للمونديال بالفوز على منتخب كوت ديفوار بمعقله، فما بات ذلك مستحيلا، لقد دلنا فهود الغابون على الطريق.