أجمل خاسر قطعا لم يكن فارس الرقراق جمعية سلا تلك السمكة الصغيرة في فم الجيش الملكي ولا بذلك الجدار القصير الذي اجتازه العساكر بسهولة، ولم يكن طريق الفريق العسكري مفروشا بالورود للوصول إلى مباراة النهائي لمواجهة الرجاء. هو إذن النصف النهائي الثاني الذي كانت أرضية مركب مولاي عبدالله بالرباط شاهدة على إثارته ومنافسته الشديدة وأهدافه وأخيرا على ضربات الحظ التي لم يجد عنها الفريقان بدا من أجل حسم المتأهل الوحيد لنهائي الكأس الفخرية. إستطاع الجيش أن يحقق مبتغاه في مباراة أكدت أنه لو كانت القوانين تجيز تأهل فريقين لاستحق الفريق السلاوي هذه التزكية عن جدارة واستحقاق ليرافق العساكر للنهائي.. فمن تابع جمعية سلا وهو يقارع الجيش بتجربة لاعبيه وحنكة مدربه رشيد الطوسي يمينا وشمالا، طولا وعرضا وأخيرا على مستوى الأهداف سيتأكد له أن الفريق السلاوي كان بحق نجم المباراة بعد أن عذب لاعبي الجيش قبل أن يحسموا المباراة عبر ضربات الترجيح. والظاهر أن أشد المتشائمين من جماهير الجيش ما كان ينتظر معاناة العسكريين بعد أن اختاروا طريقا وعرا وهم يركضون فوق تضاريس المباراة، إذ ضيعوا سيلا من الأهداف، ولو أن الفريق السلاوي الذي اختار ركوب التحدي وعدم الإستسلام لم يترك أيضا فرصته المشروعة تمر دون أن يحقق هو الآخر رغبته في البصم عن مقابلة في المستوى، بعد أن تمرد على الفوارق الفنية، وتقدم في التسجيل وعاد في وقت ميت في النتيجة ثم أضاع فرصا ذهبية من ضمنها ضربة جزاء كما أضاع فرصة التقدم خلال ضربات الترجيح.. مباراة الرباط وإن اغتالها الديربي بين الرجاء والوداد وشهدت نقصا على مستوى المتابعة الجماهيرية، إلا أنها ارتقت للمستوى المطلوب وحققت الهدف المنشود بعد أن استمتع الحاضرون بمباراة كان كل شيء فيها رائعا، ولو أن من خطف الأضواء كان هو الفريق السلاوي الذي خرج مرفوع الرأس ونال التقدير والإحترام.. أستطيع القول بأنني كنت محظوظا وأنا أتابع هذا النزال الذي تنبأ له الكثيرون أن مستواه سيكون أفضل من مستوى ديربي الرجاء والوداد الذي كالعادة خطف أضواءه بامتياز حضور الجمهور البيضاوي، مستوى ديربي الرقراق الذي وإن غاب عليه الجمهور بعد أن اغتالته البرمجة السيئة وتزامنه مع مواجهة الغريمين الرجاء والوداد فقد منحنا الإثارة المرجوة التي توقف قطارها إلا بعد اللجوء إلى ضربات الترجيح.. بل رسخ لنا فكرة مفادها أن الفريق السلاوي مطالب اليوم باستثمار وصوله لدور النصف وما قدمه من عروض في هذه المواجهة.. تألق لا بد في رأيي أن يؤخذ من الجانب الإيجابي لأن ما من شك أن هذا الذي ظهر به الفريق السلاوي من مستويات رائعة يستحق أكثر من وقفة، لذلك لا يجب أن يمر أداء الفريق دون أن يحرك مشاعر المسؤولين والغيورين ليلتفتوا إلى فريق سلاوي ينقصه الدعم والمؤازرة لتلميع صورته وتحقيق الصعود.. هي النقلة التي نتمناها لهذا الفريق ليوسع من دائرة طموحاته ويخرج من جلباب التواضع واللعب في الظل، أكيد أن النجاح يجب أن توازيه عزيمة وإرادة المسؤولين لنرى فعلا فريقا يستحق على الأقل أن يكون ضمن قسم الأضواء.