المغرب العراق: أسود الأطلس وأسود الرافدين في موقعة تكحل العين زيكو يعد بالمرور وغيرتس يحذر من الغرور في موقعة من عيار ثقيل جدا ونهائي سابق للأوان بين أسود الأطلس والمنتخب الوطني المغربي الذي نجح في كسب صدارة مجموعته باستحقاق كبير، سيكون أشبال غيرتس في اختبار حقيقي وصريح مختلف تماما عن السياق الذي نازل فيه ليبيا واليمن وخاصة البحرين. 90 دقيقة فاصلة عن موقعة النهائي ومباراة تعد بالكثير لاختبار قدرات لاعبي المنتخب المحلي أمام فريق عراقي متجانس قدم الكثير من الخلاصات في مرحلة المجموعات وعلى أنه قد يكون عظما غليظا أمام رفاق الصالحي. العبور السهل قياسا بما قدمه المحليون لحد الآن، فإن المعطيات كلها لا تصلح للقياس باعتبار سهولة مجموعة لم تكن بالإختبار الصريح ولا المحك الحقيقي الذي يقيس قدرات لاعبين نجحوا في امتصاص دهشة الخرجة الأولى ليؤكدوا تواجدهم في مربع الكبار باستحقاق الصدارة على حساب منتخبات منها من كان خارج النص (اليمن و البحرين) ومنها من أحرج المجموعة في بعض اللحظات (ليبيا). عبور وضع أشبال المدرب البلجيكي في معمعة النصف وهو نصف الرهان في انتظار استكمال باقي الفصول باللحاق بدرب النهائي الذي قد يشكل وسيلة لإعادة الحديث عن لاعبي البطولة من منظور مختلف. التواجد باحتلال الصدارة ضمن الأربعة الكبار عربيا حتى وإن تخلف عن الحضور بعض من كبار قلاع الكرة في المحيط العربي، يبقى أفضل من مغادرة المعترك سيما وأن الدور شهد الإطاحة بأشبال الفراعنة رفقة مدربهم هاني رمزي، لكنه رغم ذلك لن يكن بالمرهم لكل جراح الجمهور المغربي الذي انتظر من غيرتس أكثر مما تحقق. الأسود في قفص واحد لسوء حظ المنتخب المغربي أم لحسن حظه أنه حقق عبوره عبر احتلال الصدارة في مجموعته ليتخلف عن الإصطدام بمنتخب السعودية والذي لن يكون بالعظم السهل والطري في مرحلة النصف. مواجهة العراق بمدربها الكبير زيكو الساعي لترصيع تاريخ جديد عبر بوابة أسود الرافدين ستكون الإختبار الأول الأكثر جدية، رحتكاما لما قدمه هذا المنتخب من صرامة في مجموعة تسيدها من ألفها حتى يائها أمام مصر وصقور الجديان السودانيين. لذلك يعتبر النقاد المتتبعين لهذه المنافسة أن تواجد أسدين في قفص واحد في دور النصف يشكل قمة الدورة بامتياز بعد أن قدم المنتخبان معا مؤشرات على انضباط تكتيكي كبير خلال الملتقى العربي وهو ما ينبئ بصدام ساخن قد يتجاوز كل البرود الذي رافق أغلب لقاءات الدورة. غرور رفاق الصالحي هذا ما حذر منه الناخب الوطني إيريك غيرتس بعد الإطاحة بمنتخب اليمن في استنساخ لما قدمه لاعبوه أمام البحرين، إذ يراهن على إبقاء أقدام لاعبيه ثابتة على الأرض في محاولة لتخطي هذا الحاجز وختم المشوار بنفس التميز الذي رافق البداية.. التفوق الذي وضع المنتخب المحلي في صدارة المنتخبات العربية هجوميا، وما قدمه أمام اليمن من قوة شخصية كشف الدخول الفعلي للاعبين في الأجواء..لكن الأمور مختلفة أمام العراق باعتبار أن الخصم يختلف جملة وتفصيلا عن كل من واجههم الأسود في المحطات السابقة. الصالحي رجل الدورة بامتياز لحد الآن لن يكون مشمولا بالأريحية التي يتوقعا لأنه سيلاقي فريقا يؤطره مدرب كان خبيرا بوصايا الخط الهجومي وعارف كبير بكل الأسرار التي يمتاز بها ياسين وكل الأرمادة التي سيعتمد عليها.. الغرور الذي حذر منه المدرب البلجيكي يشكل إذن بحسب قربه من المحيط والمجموعة الخصم الأول، لأنه توصل بالخبرة والحرفنة إلى أن اللاعب المحلي قد يخسر رهانا كبيرا بالإشباع وأشياء أخرى منها الخروج عن النص بسذاجة. أي كومندو لربح الموقعة ؟ بكل تأكيد وأمام منافس قدم الكثير من الوجوه المميزة في الدورة (حمادة الطائي ومصطفى كريم في جبهة النار الأمامية) وعلاء عبد الزهرة كأحد اكتشافات الإستحقاق بالإضافة إلى صدام كاظم.. كل هؤلاء لن يكونوا بمثل الخفة التي كان عليها لاعبو البحرين واليمن، ما يقتضي من غيرتس توخي الحذر لصياغة القالب الذي يليق بالحدث والقمة. قد يعود غيرتس وهو يستعيد لاعبيه الماصاويين لتوظيف نهج جديد، حتى وإن كانت ثوابت الدورة غير منازع فيها وستطغى على الترسيم، كما يمثلها الحارس الكيناني الذي يواصل صموده الكبير كما أبرزه بالبطولة، مع تواجد رجال الخبرة (االسليماني والحموني) في الرواقين وحضور لمراني رفقة بلمعلم في متوسط الدفاع وتشكيل وسط ميدان مؤلف من السعيدي وجاحوح أحد الوجوه المربوحة في الدورة وهنا سيكون غيرتس موضوعا أما خيارين إما برفيق أو لمناصفي مع الإعتماد على مثلث هجومي كفيل بحسم كل شيء (الصالحي البحري وبنجلون). بهذا الشكل سيفكر غيرتس وهو يلاقي فريقا يقوده مدرب قدير وخبير وعد بالعبور والإطاحة بما سماه زيكو المنتخب الأكثر إنضباطا، وفي ذلك دغدغة لمشاعر منافس يدرك أنه سيخرج كل أنيابه للمنافسة على التاج العربي المحفظ في ملكية العراقيين.. كأس العرب لمداواة العطب حتى وإن وصل غيرتس لنصف النهاية فإن ما قد يشفع له لدى الجمهور المغربي لفرض قناعاته مستقبلا هو العودة بالكأس من السعودية التي يسعد فيها دائما.. التتويج بالكأس العربية معناه إصلاح الكثير من الأعطاب المزمنة ومعناه تجاوز كل لحظات الإحباط التي عاشها المدرب البلجيكي ومعناه أيضا ترميم لمعنويات لاعبي منتخب تخربت بواقع انتقاد صلاحياتهم في البطولة. لكي يحقق المنتخب المحلي هذه الأمنية، عليه أن يتخطى أولا فريقا عراقيا شرسا سيكون بكل تأكيد أكبر إختبار في طريق لاعبي غيرتس في دورة لم يختبروا فيها بعد.