قدم السيد منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة نفسه كمسؤول أول عن الشأن الرياضي المغربي الذي يعيش زمنين متقاطعين، زمن الحصائل الرقمية الضعيفة وزمن إعادة التقويم والهيكلة لقاعدة وقمة الهرم الرياضي، من خلال الندوة الصحفية التي عقدها الأسبوع الماضي بمدينة الدارالبيضاء· وكان متاحا لنا جميعا أن نستشف مقومات الشخصية، فلسفة العمل والمنهج الذي سيتحكم في تدبير الأوراش الكبرى، إذ يحسب أولا للسيد منصف بلخياط وقد روعيت الكثير من المعايير الفكرية في انتدابه ليتولى إدارة الشأن الرياضي في مرحلة غاية في الدقة والأهمية، أنه هضم في وقت قياسي كل المعطيات الرقمية والأدبية والفكرية المرتبطة بوزارته، فجاء تواصله مع وسائل الإعلام مطبوعا بكثير من الإنسيابية·· ثم يحسب للسيد الوزير أنه على قدر عال من الإيمان بأهمية التواصل في تدبر مرفق أحالتنا الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المناظرة الوطنية حول الرياضة على إستراتيجية مكانته وموقعه في منظومة التنمية الوطنية الشاملة، وأيضا على معوقات تطوره بما ينسجم مع روح العصر· ولأن ما يميز الفعل الرياضي عن ما عداه من مرافق حيوية، أنه مفتوح على كل التيارات، مهيء لتتداخل فيه الإختصاصات، وأكثر منه محتاج للغة تواصل من نوع خاص، فإن السيد الوزير وهو يجتمع بوسائل الإعلام الوطنية في جلسة مكاشفة ومصارحة، قال تلميحا وتصريحا أن المسؤولية في الإرتقاء بالمشهد الرياضي الوطني، في إزالة كل المعوقات وفي الوصول إلى درجة متقدمة من الإحترافية في التدبير، هي مسؤولية مشتركة، وقد يكون الإعلام الرياضي بوصفه لسان حال الرأي العام والجماهير وباعتباره قوة إقتراحية في منزلة عالية إذا ما نحن عمدنا إلى ترتيب مستويات المسؤولية·· وقد وجدت ما يقول ببراغماتية السيد الوزير، بخاصة في ضبطه لإيقاع السير أولا وفي ترتيبه للأوليات ثانيا وفي إيمانه المطلق ثالثا بضرورة العودة إلى القاعدة المهملة، ما يسمح بسن سياسة رياضية تحول المغرب بإنسانه وبتنوع طبيعته وأيضا بتفرده إبداعيا عن دول كثيرة في العالم إلى مشتل، إلى ورش مفتوح، غايته أن ينخرط المغرب بمدنه ومداشره وقراه في مشروع إكتشاف الأبطال وتصنيعهم، فقد كان محزنا حقا أن يكون المغرب بهذا الثراء البشري وتكون رياضته مؤسسة على الصدفة·· وحثما إذا كان الوصول إلى مغرب رياضي يتأهل إنسانه ليكون في خانة أبطال العالم يبدأ من سنِّ سياسة رياضية قوية، متماسكة ومنسجمة مع خصوصياتها، فإن آليات العمل تستوجب حضور فكر جديد سواء داخل الوزارة نفسها أو داخل الجامعات الرياضية، فالسيد منصف بلخياط وقف من دون أدنى شك وهو يقرأ ظاهر وعمق الشأن الرياضي الوطني وما يتفاعل في بنيته وفي مضمونه من مشاكل، على أن أساس الأزمة، إذا ما أقررنا فعلا بوجود أزمة هياكل وأزمة نتائج، هو في سوء التسيير الذي يأتي من تداخل الإختصاصات وغياب الأهلية الفكرية والرياضية، وهذان معا يأتيان من غياب أحزمة قانونية تحمي الشأن الرياضي بأنديته وجامعاته وحتى لجنته الأولمبية من الدخلاء ومن فاقدي القدرة على فهم خصوصيات الشأن الرياضي· وقطعا إذا ما نجح السيد منصف بلخياط وهو المدعو لتسريع وثيرة العمل في وضع الإستراتيجية الجديدة، في تأهيل العنصر البشري الموكول إليه تدبير الشأن الرياضي بمختلف زواياه، وإذا ما نجح في عقد شراكات مستدامة بين مكونات الفعل الرياضي وبين القطاعين العام والخاص، بما يوجد دعما ماديا للنوادي وبما يضمن تقوية للبنيات الرياضية من ملاعب وقاعات، فإنه سيكون قد نجح لأبعد حد في أن يكون وزيرا ثوريا من صميم متطلبات وإكراهات العصر، ينسينا السنوات العجاف التي قضاها مرفق الرياضة والشباب وهو يسير ويدار من شخصيات دخلت الوزارة وخرجت منها من دون أن تحرك ساكنا، لا لشيء إلا لأنها كانت فاقدة لشيء تصورنا خطأ أن بمقدورها أن تعطيه··