تسمم غبائي من الروايات التي شدتني وأنا أتابع ما يكتب على صفحات الجرائد الورقية والإلكترونية، حكاية التسمم الغذائي، بعد أن اهتدى أحدهم إلى ما يشبه السبق وهو يقدم رواية تؤكد أن الفقيد الزروالي مات تحت تأثير أكلة سامة. إذا كان الأمر كذلك، فإن النيابة العامة ستكون مقصرة في القيام بالواجب، لأنها لم تفتح تحقيقا في نازلة «التسمم الغذائي» ولم ترسل مخبريها إلى شقة الهالك لأخذ عينة الغذاء السامة وتحجز الإناء وتشرع في التحقيق مع صاحب المطعم الذي باع الوجبة. إذن حكاية التسمم الغذائي مستبعدة في حالة وفاة الزروالي، لأنه لم يكن يتناول من الأغذية في آخر أيامه إلا الياغورت والحليب والجبن والماء البارد، إلا إذا كان الماء يحمل جراثيم حينها ستتحول المساءلة إلى ليديك. الرواية الثانية وهي الرسمية حسب التقرير الطبي الصادر في الموقع الرسمي لنادي الرجاء البيضاوي، وتتهم مادة باراسيطامول، التي «أدمن» عليها الفقيد، حسب الرواية ذاتها، فأصابت كبده وعطلت الدورة الدموية للراحل وجعلته يدور حول نفسه من شدة الدوخة غير العادية. لا أعرف لاعبا مدمنا على الأدوية من تلقاء نفسه، إلا إذا بلغ الألم حدا لا يطاق، لكن لنفرض جدلا أن المرحوم قد استهلك كمية كبيرة من الأقراص المسكنة، نتج عنها تدمير مصفاة الدم، فإن المسؤولية لا يتحملها اللاعب لأنه مريض وكأي مريض فإن الملاذ بعد الله سبحانه وتعالى هو الدواء دون الخوف من مضاعفاته، بل يتحملها من أوكل لهم النادي المتابعة الطبية. هل طرق فرد من أفراد الطاقم الطبي للرجاء يوما باب شقة اللاعب ليسأله عن سر غيابه «غير المبرر» عن الحصص التدريبية؟ وهل خضع الزروالي وغيره من اللاعبين العائدين من رحلات إفريقية غير مضمونة العواقب لفحوصات للكشف عن مضاعفات محفوفة بخطر فيروس الهزيمة الميدانية والخسارة الصحية؟ على حد معرفتي المتواضعة بالأدوية، فإن من غير المنطقي أن يحتوي دواء على مادة فتاكة، ومن الغباء تصديق وجود دواء يعالج عضوا على حساب بقية الأعضاء، إذن فرضية الإدمان على الأقراص المخفضة للحرارة مستبعدة. تبقى الرواية الأقرب إلى التصديق، هي وجود وباء منقول عن رحلة إفريقية عجزت تلقيحات معهد باستور عن التصدي لها، وإذا تم إخضاع اللاعبين الرجاويين لكشف مضاد فإن النتائج ستكون صادمة لا محالة. أنا لا أصدق التقارير الطبية، منذ وفاة يوسف بلخوجة لأن حكاية السكتة القلبية المفاجئة، مجرد مرهم إنتهت صلاحيته بعد أيام، حين كشف كثير من اللاعبين سر الوفاة، وسر اعتقال التقرير الحقيقي بمكالمة هاتفية من مسؤول رفيع المستوى أقصد مستوى الدهاء. الجمهور الرجاوي الذي ردد في المدرجات «الشعب يريد الشامبيانس ليغ»، إقتنع بأن فريقه غير قادر على المنافسة على هذا اللقب، فاستبدل الطلب ب «الشعب يريد معرفة الحقيقة»، حقيقة لاعب جاء راجلا وهو يرتدي شورط إلى المصحة وخرج منها في نعش وهو يرتدي كفنا، في ظرف ثلاثة أيام. إرتباطا بوفاة الزروالي، تنتصب مجموعة من المفارقات العجيبة حول مركز الظهير الأيسر، أغلب اللاعبين الذين مارسوا مهمة مدافع أيسر تعرضوا لمكروه، منذ أن اعتزل خالد مسالك، فقد ظهر مدافع بديل من مدرسة النادي إسمه عزيز مونتاري لكن القدر تربص به وأنهى مساره بإعاقة جعلته يعلن اعتزال الكرة بعد حادثة في عين السبع انتهت بوفاة رفيقته وإحالته لمدة طويلة على غرفة الإنعاش، وعاش قاسمي محنة حقيقية اعتقل واحتجز وفشل في الإحتراف وانتهى به المطاف في الإعتزال السري، وجيء بالمهدوفي الذي كان أبرز ظهير أيسر في المغرب فأصيب بالسكتة الكروية وتحول إلى زبون للأطباء، واكتوى مسلوب بلعنة هذا المركز فغادره تحت عاصفة من الإحتجاج، وجرب فاخر يوما كوني في مباراة ضد الجيش، لكنه نال البطاقة الحمراء وغادر الرجاء ومنذ ذلك اليوم خرج من بوابة الرجاء ولم يعد، وحين اهتدى مدرب الرجاء السابق لصيغة الدنكير كبديل حكم على هذا الأخير بالرحيل، فتحول إلى مادة إخبارية في برنامج مختفون، وتقمص اللاعب أيت لكريف هذا الدور في مباراة واحدة أصيب بعدها بالشلل الفني، أما الزروالي فذاق في المركز ذاته مرارة التوقيف وألم مرض إنتهى به الأمر جثة هامدة. لست من هواة لعبة الفأل والتطير، لكن رجاء لا تعلموا أولادكم حرفة الدفاع الأيسر، ففي خباياها لعنة غامضة، تحول اللاعب من ظهير أيسر إلى كائن غابر ظاهر. لكن أغرب المفارقات في قضية الزروالي، هي وجود إسمه ضمن لائحة المعروضين على اللجنة التأديبية بداعي الغياب غير المبرر، رغم أن رئيس اللجنة هو الأجدر بالعقاب لأنه غائب عن الحسبان.