الفيجطا لم يعد أسامة السعيدي مجرد لاعب محترف، ولم يعد أبرز لاعب تألق في مباراتنا الأخيرة ضد الجزائر وكفى، بل صار رجلا مباركا صاحب كرامات، فأينما توجّه تنفجر الأرض من تحته بالبشر والزغاريد والرايات الحمراء.. تتطلع إليه الفتيات كفتى أحلام طالع من الأساطير، كل وحدة كتحلم بيه جاي راكب على عوْد قاصدها باش يخطفها، وهي زعما خايفة كتغوّت بلعاني، والمراهقون ينظرون إليه كمثل أعلى جمع السعادة من أطرافها: الشباب والتبوكيصة والشهرة واللعاقة والباسبور الحْمر، فبدأوا تقليده في تسريحة شعره كخطوة أولى، حيت ما خاسرين عليها والو، عشْرة الزغبات ودهنة وهاهو بْحال الفرّوج.. أما الكبار فيعتبرونه نموذجا للمغربي القادر على رفع التحديات وعلى زرع الفرحة في قلوب الملايين، تلك الفرحة التي عجز أكثر من ثلاثين وزيرا على صنعها منذ مجيئهم إلى الحكومة. لقد أدهشت العالم كلُّ الصور التي تتناقلها القنوات والصحف للإستقبالات الجماهيرية التي يحظى بها هذا اللاعب، حتى أن إحدى الجدات كانت تتابع ربورطاجا تلفزيونيا عن أحد هذه الإستقبالات، وظلت مندهشة لا تفهم ماذا يحدث، وكان لا بد أن تستنجد بحفيدها بنظرات متسائلة: فاش باغا تسَوْليني أجدّة؟ شكون أوليدي هاد الدرّي اللي دايرين ليه هاد الفيجْطا كلها؟ هادا أسامة السعيدي، جا من هولندا باش يدافع على راية البلاد، وبيه غلَبنا الجزائر. يستاهل أوليدي، والله إيلا فكرني غير في بوك الله يرحمو اللي مات وهو كيحارب فرانسا، كون رجع زعما حيْ، هُكّا كانوا يديروا ليه في الدوّار. ربما كان أسامة السعيدي محظوظا حين ارتكب عادل تاعرابت زلّته فجعلت المغاربة يشبهون عادل بالجندي الهارب من المعركة، وصار السعيدي شبيها بالجندي الصامد في جبهة القتال، وكان محظوظا أكثر حين تألق في مباراة الجزائر وتمكن من تسجيل هدف مذهل جعل المغاربة يطلقون عليه ميسي بالزربة، ثم كان الحظ إلى جانبه ثالثة حين تزامنت هذه المباراة مع نهاية البطولات الأوروبية، وبالتالي لم يُجبر على ركوب الطائرة كما جرت العادة من التيران إلى هولندا ديريكت، بل استغل الكونجي ليتجول في البلاد ويحظى بكل هذه الإحتفالات. لقد كشف المغاربة من خلال احتفائهم بالسعيدي أنهم شعب يعرف كيف يكرّم من اختاروا الدفاع عن مغربيتهم، ويعرف جيدا كيف يرفع إلى أعلى درجات التقدير كل من ساهموا في رفع رأس الوطن عاليا، ويعرف كيف يقول للذين يتقاتلون في سبيل الراية المغربية: شكرا. فاش باغا تسوليني أجدّة عاودتاني؟ غير خودني أوليدي على كد عقلي.. ياك خوك حتى هو عسكري كيحارب العديان، علاش ملي كيجي في الكونجي ما كاينش اللي يدّيها فيه؟ حيت هاد السعيدي أجدّة ماشي عسكري، راه لعّاب ديال الكورة، ماركا واحد البيت واعر على الجزائر، وهاد الشي علاش الناس فرحانة بيه؟ آهيا طْليتو خضر... علاه شكون اللي هاز راية البلاد بصح؟ واش خوك اللي كيبات الليل كلّو عاس في الصحرا كيجري على العديان أو لا هاد الدري اللي كيجري فوق الربيع تابع الكَوْرة؟ مهما حملت مباراة كرة القدم من أسماء وألقاب واستعارات تجعلها معركة وطنية أو مواجهة مصيرية أو ملحمة بطولية، فإنها تبقى مباراة في كرة القدم لا أكثر، وإذا كانت اللاعبون الذين ننعتهم مجازا بالجنود والفدائيين والمحاربين يستحقون كل هذا الاحتفاء والتكريم، فإن هناك الآلاف من شباب الوطن هم جنود حقيقيون وفدائيون حقيقيون ومحاربون حقيقة لا مجازا يتخندقون في الخطوط الأمامية، يحملون سلاحهم ويواجهون الموت حقيقة لا مجازا في كل يوم، يسهرون الليالي كي ينام الشعب قرير العين. ألا يستحق هؤلاء الأبطال حين يعودون في الكونجي إلى أهلهم أن يخرج أبناء الدوار أو الحي أو المدشر لاستقبالهم بكل ما يليق بهم من مظاهر التقدير والاعتزاز والإكبار كما يحدث مع لاعبي كرة القدم؟ فاش باغا تسوْليني عاودتاني أجدّة؟ ماشي انت اللي نسَوْلو، أنا غادا نمشي نسوّل القايْد. آش غادا تقولي ليه؟ غنقول ليه: «دخّلت عليك بالله، واش ولدي اللي عسكري ما يستاهلش تدير ليه شي فيجطا كيف درتيها لهاد السعيدي؟ راه كلنا ولاد سْعيد». نافدة: شكون أوليدي هاد الدرّي اللي دايرين ليه هاد الفيجْطا كلها؟