العاشر في عنقود الرجاء نتفق على أنه كان موسما بطبيعة استثنائية، تضاربت فصوله واختلطت ألوانه، بل حتى تضاريسه كانت وعرة، لكن المنطق الوحيد فيه والذي لا يخرج عن الإجماع هو أن الرجاء نال علامة الإستحقاق الكاملة في أن يكون بطلا تاريخيا فوق العادة، وفي ظرفية هي أيضا إستثنائية.. لا أقصد أن يكون الرجاء بهذا اللقب الذي حمله بشموخ يوم السبت الأخير قد إستفرد برقم قياسي، أبدا فهو بالكاد دخل نادي العشرة ألقاب لينضم بذلك للغريم وداد الأمة وللزعيم الجيش الملكي، إلا أن ما يجعل من تتويج الرجاء بطلا لموسم 20102011 نيزكا مضيئا في سماء كرة القدم الوطنية، هو أن هذا اللقب هو العاشر، ما يعني أنه وضع على صدر الخضر نجمة لطالما بحثوا عنها، بل إنه إذا ما صدقنا مشروع الجامعة فإنه آخر لقب على عهد البطولة الهاوية.. وتذكرون أنني تكهنت منذ أن عض الرجاء بالنواجد على صدارة الترتيب بتتويج الرجاء، وقدمت تهنئة للحاج عبد السلام حنات بصورة إستباقية، وما فعلت ذلك تبخيسا لقدرات من كانوا يشددون الخناق على الرجاء بفرض حالة مطاردة لا هوادة فيها (المغرب الفاسي، أولمبيك آسفي، أولمبيك خريبكة والوداد)، وإنما ليقين كامل بأن مرجعية الرجاء، تاريخيته، وتمرسه وإتعاضه من لدغات سابقة وأيضا لوجود ربان مثل امحمد فاخر تحرش فيه العقل وتقوى العود ضد عاديات الكرة، لن تسمح بتعطيل الحلم وبالتخلي تحت أي سبب عن فرصة القبض مجددا على لقب البطولة. ما يكون في العادة مقياسا لتحديد أوجه الإختلاف في الطبائع وأيضا في العزائم عند الأندية، هو عمقها التاريخي وبالخصوص عاداتها المكتسبة في المنافسة على الألقاب، وعندما تقاس الرجاء بخاصة مع الأندية الثلاثة التي تناوبت على مقاسمتها المركز الأول المغرب الفاسي، أولمبيك آسفي وبدرجة أقل أولمبيك خريبكة، فإن الرجاء يبرز كفريق مميز بقدرة رهيبة على ربح أي نزال كلما دخل السباق خطه النهائي، لذلك كنت موقنا من أن الرجاء برغم سجل السوابق الذي يحفل برجات عنيفة جاءت في صورة إستثناءات حزينة، سيحسم صراع اللقب لصالحه، لأنه يتمتع أولا بالأهلية وثانيا بالعمق التاريخي وثالثا وهذا هو الأهم بالخبرة المكتسبة لحسم النزالات الثنائية، لذلك ما كانت الهزيمة "المنطقية" و"الطبيعية" والتي لا إفتعال فيها أمام الكوكب بمراكش لتغير من واقع الحال شيئا، وقد وقفنا جميعا والرجاء يواجه أولمبيك خريبكة المتحرر من كل الضغوط النفسية والذي يملك خاصية ضرب فارسي البيضاء بمعقلهما على درجة النضج التي بلغها فريق الرجاء منذ أن كسر الطوق سنة 1988 ودخل نادي المتوجين بلقب البطولة، ذاك النضج المقرون بالعمق وبالجسارة تجسد في إلتحام رائع لفعاليات الرجاء لاعبين وجماهير هو ما قوى من شوكة النسور وأعطاهم القدرة الأنطولوجية على التحليق في أجواء مشبعة بالضغوط وبالمؤثرات وأيضا بالهواجس، فقد شاهدنا كيف أن لاعبي الرجاء بتحريض من جماهيرهم التي فاقت الستين ألفا لم يتأثروا بهدف أولمبيك خريبكة، ولا بكل الحمم الفوسفاطية التي تكاثرت في أول 20 دقيقة، فأدركوا هدف التعادل، ثم وقعوا هدف التقدم، ثم كانت لهم كامل الجرأة لمناقشة ما كان هادرا في الجولة الثانية، ليفوزوا، وليحتفلوا وليجعلوا من ذاك السبت يوما خالدا في تاريخ الفريق الأخضر.. الرائع في الصورة التي لون بها الرجاويون موسمهم، هو أن النسور جمعوا بين الحسنتين، حسنة الفوز بلقب البطولة وحسنة الوصول إلى دور المجموعات في عصبة أبطال إفريقيا، ولا بد أن نعترف للحاج عبد السلام حنات العائد من الباب الكبير لرئاسة الرجاء، ولكل المحيطين به كأذرع فكرية وتقنية، بأنه أحدث قطيعة مع نمط سابق في الإشتغال، عندما كان الرجاء تحت إكراه الحاجة يعمد إلى بيع أبرز نجومه فيبيع بذلك أغلى ما يربطه ربطا موضوعيا بالعالمية، بدليل أنه جعل قلب الرجاء يتسع هذا الموسم لكل الأبناء الذين طلعوا كالبدور من رحم الرجاء، وسطعوا في بطولات أوروبية وعربية ثم عادوا إلى الوكر الأخضر في لمسة وفاء رائعة، وأظن أن لكثير من هؤلاء فضلا وأي فضل في حصول الرجاء على اللقب العاشر والنجمة الأولى. هنيئا للحاج عبد السلام حنات ولكل رموز البيت الأخضر الذين يشكلون طوقا سحريا.. هنيئا للإطار الوطني امحمد فاخر على صبره وجسارته ونجاحه في صنع حاضر تقني جديد، هنيئا لكل الأطر التي عملت معه تحصي أنفاسه وضربات قلبه وحتى ترنيمات صوته وحلمه.. هنيئا للاعبي الرجاء الذين تحالفوا في نكران للذات من أجل أن يوقعوا على موسم بهذه الروعة.. هنيئا لجماهير الرجاء بالنجمة الأولى والتي ما كان لها أن تتوسط قلب النسور لولا دعمها وحضورها ووفائها، هنيئا لكل من أعطونا هذه الخاتمة الجميلة برغم ما كان أحيانا من قبح ومن نشاز لآخر مواسم الهواية وإن شاء الله نصبح على إحتراف يطابقنا مع إمكاناتنا وأحلامنا.. --------------------- يد مارادونا التي قال عنها الأسطورة الأرجنتيني أنها يد الله، وقلنا نحن إنها يد الشيطان، هي من قضى على أحلام الأنجليز وفتح الطريق سيارا للأرجنتين لتفوز بثاني كأس العالم سنة 1986 بالمكسيك.. ويد الفرنسي تيري هنري هي التي حجبت عن إيرلندا الجنوبية شمس المونديال، وأهلت فرنسا بغير وجه حق لمونديال 2010، فلاحقهم العار إلى أن أسقطهم في فضيحة الإضراب الشهيرة.. ويد عبد الإله منصور مدافع الفتح قد تكون رمت بشكل كبير بالكوكب إلى القسم الوطني الثاني.. من لمسة يد واضحة لم يرها الحكم رضوان جيد وإلا لكان عاقبها بخطإ وبإنذار لمنصور، سجل الفتح هدف التعادل فى مرمى الكوكب ليعيده بنقطة واحدة إلى مراكش وكان بالإمكان أمانة ومنطقيا أن يعود الكوكب بثلاث نقاط، كانت ستضعه اليوم في ذات المركز مع الوداد الفاسي المتعادل بالجديدة أمام الدفاع في مباراة هيتشكوكية.. اليوم وقد ظل الفارق بين الكوكب والوداد الفاسي نقطتين، فإن عملية إنقاذ الكوكب تعقدت بشكل كبير، إن لم تصبح مستحيلة، فبقاء الكوكب لا يقف عند مجرد فوزه في آخر دورة على المغرب الفاسي، بل إنه يرتبط وجوبا بهزيمة الوداد الفاسي بملعبه أمام حسنية أكادير، لأنه في هذه الحالة ستتقدم الكوكب بنقطة واحدة عن الوداد الفاسي، لطالما أن التساوي في النقاط يعطي الحق في البقاء للوداد الفاسي المتفوق على الكوكب في النسبة الخاصة، فالفريقان تعادلا بفاس، وعاد الفوز للوداد الفاسي بمراكش، أما الحالة الأخرى التي قد تحتفظ للكوكب بأمل البقاء فهي أن يفوز الكوكب ويتعادل الوداد الفاسي وينهزم شباب المسيرة، عندها سيصل الثلاثة إلى النقطة 31 ويكون بالتالي اللجوء إلى النسبة العامة المتمثلة في قسمة الأهداف المسجلة على الأهداف المقبولة، وفي هذه الحالة التفوق يبدو واضحا للكوكب.