لا نقاش اليوم مع تقنية ال«ڤار» حتى ولو انقسمت الآراء بين من يقول أن ال«ڤار» قتل متعة كرة القدم، وبين من يؤكد أنه خلص الكرة من عيوبها، ولكن الأصل أن قتل المتعة لا يكون إلا من خلال الإيقاف المبرر لعملية مشكوك فيها، ويتم في داخلها نزع سطوة الضغط على الخصم بإيقاع كبير يفشل حثما عمل المدرب، وحتى في داخل هذا الايقاف، يتجسد المحرك النفسي لدى اللاعب وربما يفقد حتى التركيز في مواصلة اللعب مع رفض الهدف، أو يحدث العكس لقرار صائب هو أصلا ذات ارتجاج مخ طار بالفرح أولا لعملية توقيع الهدف، ثم توقف لمعاينة الهدف بال«ڤار» وبانهيار نفسي، ثم يعود ليفرح بحق مشروع، أو يرفض له هذا الحق بقرار تكنولوجي. وهذا الإنطباع هو ما يفقد الكرة متعتها في أي لحظة شك تطال العديد من اللحظات وليس لمرة أو مرتين في عرف اجتهاد تقني وتواصلي بين حكم المباراة وغرفة المتابعة بالفيديو. قديما، كان عصر الكرة مسكوتا عنه في مجال التحكيم بالملاعب، ومجال القوة والقتال والعنف والأخطاء المقصودة من اللاعبين، وحتى التحكيمية منها بارزة بالدهاء والمكر والإرتشاء وغيرها من الفضائح التي هددت أندية بالنزول، وحتى عندنا في المغرب، كانت هناك الكثير من التظلمات والأخطاء العلنية في عهد المباريات غير المنقولة تلفزيا، وطالت حتى المنقولة منها بوضوح الأخطاء الجائرة، وما أكثر حتى فضائح التحكيم الإفريقي الذي قتل أحلام المنتخب المغربي والأندية الوطنية في الإستحقاقات القارية. وهذا الإنطباع طال أجيالا كان فيها التحكيم مدخلا قويا في اللعبة ولو بنسب متفاوتة في الأخطاء بحكم أن واقع الخطإ موجود لحكم له السلطة التقديرية لأي عملية يراها هو مشروعة، قبل أن تكون خاطئة ألف مرة . وعندما يتحول اليوم حكم أي لقاء إلى عنصر متحكم فيه خلال شبهة معينة لأقوى العمليات المتعلقة بضربات الجزاء، أو الإحتكاكات المؤدية إلى الطرد، أو عمليات الشرود الدقيقة التي سجلت منها الأهداف، يكون عمل الرجل بكامل الصياغة والمشروعية حتى ولو أجهز النزال بقتل الإيقاع والضغط الممارس من فريق معين، بل ويستريح الحكم من معضلة الإنتقاد أو التهجم عليه عنوة لأنه أصبح اليوم مدعوما بحكم ال«ڤار» المساعد حسب التقنية، وعندما يتحول الحكم الى عنصر مدعوم من التقنية الواضح من كل المواقع الدقيقة، وقتها يظهر حق النادي المظلوم، ولكن هناك أيضا أشكال غامضة حتى في قرارات ال«ڤار» خاصة بالشرود في موقع خطي دقيق للأرجل المتساوية، ولكنها تحسب شرودا قاتلا مما يضع ال«ڤار» أمام واقع سليم، ويغير الحكم تقديريا عملية الشرود بلا ال«ڤار» لانها عملية معقدة. ومع ذلك طالت المباريات هذا النوع التقديري لفترات أضاعت الإيقاع والجهد ومعنويات اللاعبين. لذلك، من يعيب على ال«ڤار» بأنه شؤم اللعبة، فهو خاطئ، بل أحدث للتخفيف من وطأة الأخطاء المقترفة، وأحدث للتدخل التصحيحي حتى يتجنب الحكم مشكلات كبرى يراها المناصرون من الفئات الهشة جريمة يعاقب عليها الحكم من قانونهم وليس قانون لجنة القوانين والأنظمة، ولذلك ، فتقنية ال«ڤار» لم تأت بالصرامة المطلقة، بل استخدمت لضبط القرارات التي يستند على عدم صوابها، أما وأن يتوقف ال«ڤار» لعطل مقدر أو مقصود في حدث عملاق، فسيكون تبرير ذلك بالإحتيال، لكون ال«ڤار» في المونديال الأخير لم يتعطل مطلقا والفاهم يفهم . في النهاية كثير من عظماء الكرة العالمية، فازوا بمباريات أوصلتهم إلى النهائيات الكونية بلمسات الأيدي للكرة المسكونة في المرمى وبوضوح الشاشة، والحكم لم ير شيئا رغم الإحتجاجات، ومع ذلك إحتسب الهدف مثلما اشتهر مارادونا أسطورة الكرة الأرجنتينية الذي سجل بيده في شباك إنجلترا في دور ربع نهائي كأس العالم 1986، ليخدع الحكم التونسي علي بن ناصر، ويمضي الأرجنتين إلى التتويج. ولذلك، عندما تجددت الكرة المعاصرة بتقنية غرفة السيطرة على إيقاف العمليات المشكوكة، تبين أن الحق ظهر بلا باطل. واعتقد أن الريال الملكي الذي سجل معظم أهدافه من الجزاءات الأخيرة منحته حق التتويج من الآن لكون ال«ڤار» أضحى راديو الأشعة لتشخيص العملية.