إحذروا العاهات الكروية تلزمنا كل المرارات التى تجرعناها فى أوقات سابقة ونحن نخوض معارك طاحنة من أجل نيل شرف تنظيم كأس العالم فى النسخ الأربع التى نافسنا من أجلها أن نعمل كامل الحذر في التعاطي مع السباق الذي ندخله مع جنوب إفريقيا من أجل إستضافة نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2015 أو 2017 ، والقصد بإعمال الحذر هو أن نتجنب التمادي فى التفاؤل بأن المغرب هو من سيحظى بشرف تنظيم المونديال الإفريقي لسنة 2015 بذرائع كثيرة منها أن تنفيذية الإتحاد الإفريقي تريد أن تعوض المغرب عن ضرر رياضي وكروي وتنموي أصابه والفيفا تعهد لجنوب إفريقيا بتنظيم كأس العالم 2010 بالإحتكام إلى وازع أدبي وأخلاقي، وأن تجبر خاطرا تكدر، ومنها أن المغرب ما نظم كأس إفريقيا للأمم سنة 1988 إلا بإيعاز من الكاف بعد إنسحاب منظمها الأصلي، فى حين نظمت جنوب إفريقيا مونديال إفريقيا سنة 1996، ومنها أيضا أن رئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم عيسى حياتو يحمل باستمرار عطفا خاصا للمغرب، ما يشبه دينا لا ينوء به ظهر الكامروني الذى كان على الدوام حافظا للعهود. والحقيقة أنني على إستعداد لقبول كل هذه الجدارات التى ننصبها حماية للحلم الإفريقي، ولكن هل هناك ما يمنع من إستحضار الآخر عند أي تقييم للحظوظ التى نملكها فى سباقنا الإفريقي، بخاصة عندما يكون المنافس فى طول وعرض وباع جنوب إفريقيا؟ جنوب إفريقيا التي نالت شرف تنظيم كأس العالم 2010 وتفخر بأنها أبدعت فى تمثل الرهان الصعب بأن صدرت صورة جديدة عن إفريقيا، ترى أنها أحق بتنظيم كأس أمم إفريقيا 2015 تحديدا لأنها خارجة لتوها من تنظيم حدث كوني بعلامة إمتياز، ولأنها بمنتهى المنطق تملك كل الضمانات لإخراج المونديال الإفريقي فى صورة أنطولوجية غير مسبوقة وهو أمر لن نختلف عليه، وأيضا لأنه ضرب للتوازنات ولعدالة التوزيع الجغرافي أن تنظم كأس إفريقيا للأمم لدورتين متتاليتين بشمال القارة إعتبارا إلى أن دورة 2013 ستقام بالشقيقة ليبيا. والأكيد أن بينكم من سيقول، ولماذا نفتعل كل هذا القلق وتنظيم كأس إفريقيا للأمم لسنة 2017 مضمون إن أنيط بجنوب إفريقيا تنظيم دورة 2015 ؟ يصبح للقلق معنى عندما نضع تنظيم المونديال الإفريقي في السياقات الزمنية التى نرى جميعا على أنها غاية فى الأهمية ونحن نباشر عملا بنيويا يرمي إلى هيكلة المشهد الكروي برمته، فتنظيم دورة 2015 يكسبنا سنتين فى سلم الإستثمار فى الأحدات الكروية التى لها طابع قاري، كما أن تنظيم حدث قاري يسرع وثيرة العمل على أكثر من صعيد لطالما أن الإستضافة تلزمنا ليس فقط بتحديث الملاعب لمطابقتها مع معيار الجودة ولكن أيضا لوضع المنظومة الكروية بكاملها تحت التعبئة لنكسب رهان التنظيم وبخاصة رهان المشاركة، لهذا كله نتطلع لأن يكون المغرب هو المستضيف لكأس إفريقيا للأمم 2015، لعل ذلك يكون لنا مدخلا حقيقيا للمراهنة على تنظيم كأس العالم سنة 2026، ومن أجل ذلك وجب أن نكثف الجهود، فما أكثر ما كانت الأمتار الأخيرة فى السباق لكسب أي رهان حاسمة ومصيرية، بخاصة عندما تشتعل الكواليس بحرب ذات طبيعة مختلفة، نحن من لدغنا من جحر تلك الكواليس أكثر من مرة. ---------------------------------- يستفزنا ما كانت عليه المشاركة العربية فى كأس أمم أسيا التى تستضيفها الشقيقة قطر من كارثية فى الحصيلة وفي المؤدى الجماعي من دون أن نأخذ بالإعتبار التفاوت فى فقر المحصلات بين منتخب عربي وآخر. وإذا ما كانت قطر التى أصبحت لها تقاليد وقدرات فائقة فى التنظيم قد أخرجت البطولة فى أروع صورة ما يدعم إستحقاقها شرف تنظيم الحدث الأكثر كونية، فإن المنتخبات العربية التى حضرت النهائيات، إذ كانت بعدد ثمانية، تساقطت بشكل غريب حتى أن الدور النصف النهائي خلا منها خلوا تاما ونحن من كنا نعتقد لدرجة الجزم أن اللقب إن لم يبق عربيا بعد أن ناله منتخب العراق الشقيق قبل أربع سنوات، فإن أحد طرفي النهائي سيكون عربيا. وإذا ما كنت أستمع وأرى مثلكم للذبح الإعلامي وللمناداة بإسقاط الرؤوس اليانعة للقطف عندما تفتح الإخفاقات أبواب السلخانات، وتلك عادتنا نحن العرب، فإنني أطمع فى أن تحضر الحكمة فى محاكمة الإخفاق الجماعي برغم معرفتي بوجود فوارق بين إخفاق وآخرلا يبطل معها القياس، والحكمة هي فى أن نعترف بما نعانيه نحن العرب من الخليج إلى المحيط من بطئ فى الإنتقال من الفكر الهاوي إلى الفكر الإحترافي، وأيضا ما نمعن فيه من تعامل سطحي مع الإخفاقات وأيضا ما نظهره من سادية فى تحليل الإخفاقات بإلغاء الأخر، حتى لا أقول بعجزنا عن ملاءمة ومطابقة أنفسنا مع إمكاناتنا، ونستطيع أن نجد فى التجربة اليابانية التى إحترمت منطق التسلسل، وفى المشروع الأوزبكي ما يدل على أننا أخطأنا كثيرا المقاربة والتحليل. يجب أن ننزعج بقوة لهذا الذي حدث للمنتخبات العربية في كأس أمم أسيا بقطر، حتي لو كان هناك بين هذه المنتخبات من يقول إعلامها بوجود ما يشبه الإنجاز، ومصدر الإزعاج أن هناك إشارات أرسلها الأسياد الكروي تقول بأن عرب أسيا وحتى عرب إفريقيا إن لم يطابقوا أنفسهم مع محيطهم الكروي القاري قبل العالمي بإعتماد سياسات كروية مندمجة، فإنهم سيتركون عاجلا أم آجلا على الهامش بدعوى أنهم مصابون بعاهات كروية مستديمة.