أياما قليلة بعد إعلان المغرب عن نيته تقديم ترشيحه بشكل رسمي لاحتضان إحدى دورتي كأس إفريقيا للأمم 2015 أو 2017، حتى وجد نفسه مرة أخرى وسط "معممعة" جديدة مع جمهورية جنوب إفريقيا، التي سارعت بدورها لتقديم ملفها لاستضافة دورة 2015، زاعمة بكون ترشيحها يأتي لشكر القارة السمراء على جهودها لإنجاح دورة كأس العالم 2010 والتي نظمت مؤخرا ببلادها. فما هي الخلفيات الحقيقية الكامنة وراء تقديم جنوب إفريقيا لملفها، وهل نحن قادرون حقا على تجاوز عتبة بلد نيلسون مانديلا؟ خلفيات ترشيح جنوب إفريقيا بعثت جنوب إفريقيا في أخر اللحظات خطابا للكاف- لربما بالفاكس أو البريد الإلكتروني- يفيد برغبتها في تنظيم بطولة كأس أمم إفريقيا لسنة 2015، زاعمة على لسان رئيس إتحادها كريستين نيماتينداني، أن الترشيح يأتي لشكر القارة السمراء على جهودها لإنجاح دورة كأس العالم 2010 وأنها مستعدة أتم الاستعداد لتنظيم هذه التظاهرة الإفريقية بحكم توفرها على بنيات تحتية من أعلى المستويات. انتظار اللحظات الأخيرة، وتقديم ملف لاحتضان تظاهرة كبيرة بالطريقة والكيفية التي قدمت بها جنوب إفريقيا لترشيحها، والذي اقتصر فقط على خطاب وليس ببعثة أو وفد رسمي كما هو المعمول به، يوحي بأنها لم تكن لديها نية مسبقة للترشح لاحتضان التظاهرة الإفريقية، وأن تقديم ملفها جاء فقط ل"مزاحمة" المغرب لا أقل ولا أكثر، وأن الترشيح بمبدأ شكر القارة لا يغدو أن يكون حجة واهية، لأنه في خضم المنافسة بين المغرب وجنوب إفريقيا على احتضان كأس العالم، قرر معظم ممثلي إفريقيا في الإتحاد الدولي منح أصواتهم للمغرب وليس لجنوب إفريقيا. فلا يخفى على أحد عمق الخلافات السياسية بين المغرب وجنوب إفريقيا، هذه الأخيرة وكما نعلم هي من أكبر مساندي أطروحة إنفصاليي البوليزاريو، بحكم علاقاتها بالجزائر والتي يصفها البعض بالمتينة، كما أن المغرب لا يتوفر على تمثيلية ديبلوماسية ببريتوريا، الشيء الذي سيزكي حتما حدة المنافسة بين المرشحين بسبب اختلاط السياسي بالرياضي، فجنوب إفريقيا يحذوها طموح كبير من أجل توجيه صفعة ثانية للملف المغربي بعد الصفعة الأولى سنة 2006 وهي السنة التي كسرت بها جنوب إفريقيا مبدأ احتكار القارات الأوروبية، الأمريكية والأسيوية تنظيم كأس العالم، لتصبح أول دولة إفريقية تحظى بشرف تنظيم تظاهرة بهذا الحجم. الملف المغربي المغرب وبحكم ترشيحه لاستضافة كأس العالم لدورات 1994، 1998، 2006 و2010 استفاد من أخطاءه الماضية وحضر هذه المرة ملفا متكاملا من جميع النواحي، عكس المرات السابقة التي إعتمد فيها ملفه على "ماكيت" ووعود بإنجاز للملاعب فقط بدون ضمانات حقيقية، حيث تم إبراز جميع مقومات البلد من بنية تحتية و طرق ومواصلات وأمن وفنادق مصنفة...مع التركيز على المركبات الشبه الجاهزة التي بات يتوفر عليها كمركبات أكادير، مراكش، وطنجة، بالإضافة لمركبات فاس والرباط والدار البيضاء والتي سترصد لها وزارة الشباب والرياضة عشرات الملايير من السنتيمات قصد تجديدها وترميمها لتصير مطابقة لمعايير الإتحاد الدولي لكرة القدم، رغم أن الكاف لا يشترط سوى أربعة ملاعب مطابقة للمعايير الدولية. نقطة أخرى تجعل ملف المغرب قويا، وهو أنه لم يسبق له البتة أن قدم بشكل رسمي بطلب لاحتضان هذه التظاهرة الكروية، بل إكتفى بتنظيم الكأس الإفريقية لسنة 1988 في أخر اللحظات بعدما اعتذرت زامبيا التي لم تقوى على تنظيم تظاهرة بهذا الحجم، عكس جمهورية جنوب إفريقيا التي سبق لها احتضان دورة 1996، أي بعبارة أخرى فالمغرب له الأفضلية على جنوب إفريقيا بحكم قوانين الإتحاد الإفريقي والذي يمنح الأسبقية للبلد الذي لم ينظم الكأس لفترة أطول. أما بخصوص الكونغو الديموقراطية المرشح الأخر، فتبقى حظوظها جد ضئيلة إن لم نقل منعدمة بسبب الظرفية السياسية التي تمر بها، حيث يسيطر المتمردون على أقساط واسعة من البلاد، الشيء الذي لن يشجع الإتحاد الإفريقي لمنحها شرف التنظيم تفاديا لتكرار سيناريو الأحداث الدامية التي جرت في النسخة الأخيرة بأنغولا، حين هوجمت حافلة المنتخب الطوغولي من طرف المتمردين، والتي أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة تسعة آخرين من البعثة. نقطة مهمة أخرى لا يجب إغفالها، وهي أن عيسى حياتو رئيس الإتحاد الإفريقي والذي يتمتع بشخصية قوية داخل الإتحاد، لم يخفي مساندته المطلقة للمغرب إبان ترشيحه لاحتضان المونديال، وهو الذي سيعول عليه كثيرا للتأثير على أعضاء اللجنة التنفيذية التي ستحدد منظم النسخة التاسعة والعشرين من الكأس الإفريقية، والتي ستحتدم المنافسة عليها في الآتي من الأيام. فهل سنكون هذه المرة قادرين على رفع التحدي؟ شعار كأس إفريقيا للأمم المغرب 2015 (شعار غير رسمي) للتواصل مع الكاتب www.facebook.com/KarimBelmezrar