قليلا ما يكون هناك إجماع حول لاعب، السعيدي هو هذا الإستثناء الذي حاز الإجماع ولا أحد من المدربين الذين تعاقبوا على تدريبه بالمنتخب وباقي الفرق اشتكى منه أو وضعه احتياطيا. قشاش يستل الكرة من منافسيه برشاقة وانسيابية، وسقاء يضحي ويتعذب في أهم رقعة من الملعب ليخفف عن دفاع فريقه ويتحرر رفقاؤه في الهجوم. من حمراء مراكش صوب حمراء الوداد تغير اللون ومعه تغير الفأل، إذ عانق صلاح المجد مع فارس الكرة المغربية الأول من أطرافه..في الحوار التالي تقرأون أفكار لاعب يستحق الإحترام لشخصيته ولكثير من مميزاته التي نعرضها كما يلي:
المنتخب: تمضي موسما إضافيا مع الوداد بعدما ربطتك العديد من التقارير بالإنتقال خلال الصيف لإحدى البطولات الخليجية، ما صحة كل هذه العروض، ولماذا البقاء في الوداد؟ صلاح الدين السعيدي: يقولون أنه لا يوجد قط يهرب من دار العرس، والوداد هي الدار الكبيرة ودار العرس والإحتفالات و التاريخ وكل الأشياء الجميلة الأخرى،وأنا فخور بأن أكون واحدا من أفراد هذه الأسرة وأن أواصل الظهور معه. العروض لم تكن مجرد استهلاك ولا ترويج إعلامي، ولا هي فرقعات دعاية ولكم أن تسألوا رئيس الفريق ليخبركم عن كل عرض والمبالغ التي تم تقديمها من أجل التعاقد معي. المال ليس كل شيء، الحمد لله وضعي مريح ويناسبني وهناك أشياء أخرى تتصدر عندي الجوانب المالية منها راحة البال والهدوء والسكينة، وخاصة الإحترام والتقدير الذي أجده هنا داخل فريق يمثل أفضل محطة في مشواري. لا أدعي أنني ضحيت للعب للوداد، لأن حمل قميص الوداد شرف قبل كل شيء، لكن فعلا كانت أمامي إمكانية للخروج وبعقود مريحة ومغرية تتيح أمامي توقيع كل موسم صفقة انتقال حر، لكني اتخذت أهم قرارات مشواري كلاعب وهي البقاء بالنادي. المنتخب: لكن ألا تتخوف بأن يصبح الأمر مملا بالنسبة للاعب قضى سنوات طويلة مع نفس الفريق وتحصل معه على كل الألقاب الممكنة؟ صلاح الدين السعيدي: لن يكون كذلك، لأن اللاعب الذي يشبع من الألقاب ليس بلاعب محترف ولدينا في الصراع المستمر ولسنوات بين ميسي ورونالدو الدليل الكافي على ما تمثله الألقاب من زاد وبنزين للاعب الكرة أكثر من المال. داخل الوداد الطموح يتجدد كل موسم والشغف لمزيد من البطولات يتضاعف والنجمة الثانية ولقب آخر للعصبة ومونديال ثاني كانوا بالنسبة لى أكثر إغراء من كل البطولات الخليجية، هذه الرهانات تزيد من الحماس ويذوب معها الإرهاق والتعب. المنتخب: هل ما زلت تطمح للمزيد من البطولات رفقة الوداد؟ وأيها يتصدر قائمة الأحلام والرهانات؟ صلاح الدين السعيدي: كل بطولة ننافس عليها وكل جبهة نشارك فيها، يتحتم علينا حسم لقبها، لا يمكنك أن تقنع جمهور الوداد بشيء آخر، أن لا تحتل الصف الأول أو الثاني على أقل تقدير في البطولة لتشارك في عصبة الأبطال فهذا يعني أنك فاشل في تقدير جماهير الوداد، ولهم عذرهم في ذلك لأن الفرق العملاقة وضعها الطبيعي هو البوديوم. نجمة ثانية للبطولة وبلوغ اللقب 20 ومعه عصبة ثالثة تدخل هذا الجيل التاريخ وبطبيعة الحال لو تحصلنا على اللقبين فهذا يعني مونديال أندية آخر، كل هذه الأهداف سنقاتل لبلوغها إن شاء الله. المنتخب: ألا تخشوا من كثرة الجبهات المفتوحة بوجه الفريق وما قد يترتب عن الأمر من إرهاق وتشويش؟ صلاح الدين السعيدي: عشنا تجارب سابقة استفدنا منها الكثير،نحن الفريق الوحيد بالمغرب الذي لعب 4 مواسم متتالية دور المجموعات في عصبة الأبطال ولا أحد تحدث عن الإنجاز كما ينبغي. نحن الفريق الوحيد الذي خاض لاعبوه ل 5 مواسم متتالية عددا ماراطونيا من المباريات ولا أحد التمس لنا العذر، ولا أعتقد أن هناك فريقا عانى ظلم التحكيم ومشقة التنقلات أكثر منا، نحن لا نصرخ ولا نبكي لأننا الوداد ولأن قيمنا تمنعنا من ذلك. المنتخب: لم تجبن، هل أنتم مستعدون للخط المستقيم من الموسم الذي سيكون حاسما خاصة وأن العصبة تلعب هذه المرة بتوازي مع البطولة؟ صلاح الدين السعيدي: لا توجد خيارات، لذلك سنتفاعل مع كل شيء بذكاء وحذر، فرطنا في عدة ألقاب بسبب ظرف لن تتكرر ولن نسمح بحدوث ذلك، سنحاول حسم الأمور مبكرا في البطول لنتفرغ للعصبة. في السابق كنا نخوض معركتين ونحن في وضع صعب، هذه المرة الأمر مختلف وضعنا في البطولة مريح نسبيا وسنحاول استثماره كما ينبغي. المنتخب: تمثل مع ابراهيم النقاش ثنائية تقليدية في خطوط وسط البطولة، ماذا تقول عن رفيقك في خط الوسط؟ صلاح الدين السعيدي: بعد كل هذه السنوات التي قضيناها سويا وحتى قبل الإنتقال للوداد أصبحنا نتفاهم بالغمزة كما يقال، «ابا ابراهيم» يحررني أحيانا، ويتيح أمامي فرصة لدعم الهجوم وهو يتكفل بعملية المسح، الناس والإعلام أحيانا ينظرون لأرقام الهداف وتصديات الحارس، ولا يلتفتون لدور الجندي المجهول وهو لاعب الإرتكاز والسقاء داخل الفرق وهو الرئة التي يتنفس من خلالها الفريق، وأنا سعيد بأن أكون رفقة الأخ النقاش هذه الرئة داخل الوداد. المنتخب: لو سألتك عن واحدة من المحطات السوداء في مسار السعيدي نبدأ بها ثم نعرج عن المحطة الأفضل؟ صلاح الدين السعيدي: الأسوأ هي لحظة هبوط فريق الكوكب للقسم الثاني والآلام التي تسبب فيها هذا الهبوط لي لما يمثله النادي لي وفضله علي، والأفضل على الإطلاق هي التتويج بالعصبة والمصالحة مع تسيد إفريقيا بعد مرور سنوات طويلة وتعاقب أسماء كبيرة على القميص لأكون متشرفا رفقة الجيل الحالي بهذه المصالحة. المنتخب: في كلمة مفتوحة اعتيادية للسعيدي لجمهور الوداد نترك لك ختم هذا الحوار؟ صلاح الدين السعيدي: جمهور الوداد ظاهرة فريدة من نوعها لست أنا من يقول هذا،الحكم كان لمختصين ووسائل إعلام عالمية حللت هذه الظاهرة، ويكفي أن نتحدث عن جمهور رحالة يتنقل لإفريقيا برا لمواكبة مبارياتنا. كان له فضل في احتضاني ولم يشعرني يوما ما أني غريب عن الفريق أوالمدينة، أشكره وأشكر زوجتي وأسرتي وبنتي كنزة على التضحيات، لأني قضيت أوقاتا كثيرة في السفريات والملعب أكثر مما قضيتها معهم، وشكرا لكم أيضا.