ها قطر، ها الديربي خرج آلاف الهنود والبنغلاديشين والماليزيين من بيوتهم في الدوحة يلوحون بالأعلام القطرية بعد يوم واحد من اختيار قطر بلدا مستضيفا لمونديال 2022، وظلوا يجوبون الشارع الوحيد في البلاد غادين جايين احتفالا بهذا الإنجاز العظيم. حتى الصحفيون الجزائريون والتونسيون والمصريون العاملون في قنوات الجزيرة بكوا فرحا بعدما رأوا الوفد القطري يتسلم الكأس الذهبية من يدي جوزيف بلاتير وقد تخلى أعضاؤه عن دشداشتهم وعقالهم وصندالة الجلد اللي كيخرج منها الضفر ديال الصبع الكبير، حيث ظهروا كأنهم من نجوم بوليود... وفي المغرب، بقى كلشي ضارب الطم، ما عرفوا واش يفرحوا ولا يكعاو. إذ يمكن أن يكون المغاربة سعداء لأن بلدا عربيا سينظم كأس العالم، ويمكن أن يموتوا من الحسد بعدما نجحت دولة صغيرة جدا وفي أكثر مناطق العالم توترا وأشدها حرارة في الدقة الأولى من تحقيق ما فشل فيه المغرب العريق والآمن والمعتدل أربع مرات. أما في البلدان المتنافسة الأخرى، فقد فكر كثير من الأستراليين والكوريين واليابانيين في الانتحار مباشرة بعدما سمعوا النتيجة. أواااه؟ واي؟ نازيديسو كا؟ علاش؟ لقد اعتقدوا في البداية أن الأمر مزحة ثقيلة تشبه كاميرا خفية مغربية، لكن في النهاية وبعدما سمعوا باراك أوباما يعتبر الإختيار قرارا سيئا وخاطئا أغمي عليهم، ومنهم من لم يستيقظ من غيبوبته إلى حد الآن. هانت غتشوف، ما غاديش يتنظم كأس العالم تماك، حيت في 2022 ما غاتبقاش شي حاجة سميتها قطر. مادام باقا قاعدة السيلية وقناة الجزيرة، ما عند قطر فين تمشي. دابا كاع اللي عندو شوية ديال الرملة وشوية ديال البشر وبزاف ديال الغاز، غادي يضسر علينا. بعّد لينا أخويا من السياسة، وعاود لينا على الديربي ديال كازا. حين كنا صغارا، كنا نؤمن بكثير من الأفكار الحمقاء. فقد كان سائدا في الأحياء البيضاوية أن حب فريق الرجاء البيضاوي يعني الإنتماء آليا إلى الثوريين والمقاومين والمناضلين. كان الفريق الأخضر في أحيائنا الشعبية عنوانا للثورة والالتصاق بهموم الشعب. لدرجة كتلقى مول الزريعة مْعلق التصويرة ديال عبد المجيد الظلمي حدا البوسطير ديال بوب مارلي. ومع الوقت اكتشفنا أن الذين يسيرون الرجاء ليسوا إلا فاعلين سياسيين واقتصاديين في أحزاب وهيئات تناهض اختيارات المناضلين، وتقف في الجهة المناقضة لتطلعات الفقراء والمحرومين. نعم، إكتشفنا متأخرين أنهم ليسوا من البسطاء والثوار كما تخيلنا، ووجدنا أن بعضهم لا يشبهون شي غيفارا في شي حاجة إلا في طريقة تدخينه السيكار. وبالمقابل، كان حب فريق الوداد البيضاوي يعني الانتماء إلى عالم البورجوازية، وإلى شعب مغربي آخر يستيقظ باكرا ويفطر جيدا قبل أن يتوجه إلى الجامعة أو المعهد أو المكتب. كان الواحد ملي يبغي يدوي مع شي درية كيقول ليها: «أنا ودادي»، زعما باش تحتارمو. كنا نتخيل لاعبي الوداد يغسلون شعرهم كل يوم، ويركبون سياراتهم ويعيشون مهذبين مثل أوروبيين. لكن مع الوقت، اكتشفنا أن كثيرا من لاعبي الوداد كانوا مساكين، وأن فريق الوداد البيضاوي ليس فريق الملوك كما يردد أنصاره إلى اليوم، بل هو ككل الفرق المغربية يعتبر فريقا من المزلوطين، حتى ولو لعب في صفوفه شخص اسمه السقاط اللي كيلعب مدافع وما عمّر شي نهار تْوعت أو خرج بحمرا، الله يحجبو لماماه. كل هذا يعني ألا فرق بين الوداد والرجاء، وأن النظر إلى الانتماء إليهما بمنظور طبقي خاطئ تماما، فهما معا ينتميان إلى البسطاء بلاعبيهما وجمهورهما. ويلا شي نهار انقرضو الفقراء، غادي يبقاو غير المسيرين بوحدهم، وغادي نلقاو أكرم وأوزال نهار الديربي قالبينها كولف بيناتهم في ضونور. إذن، بحال الوداد بحال الراجا. اللاعبين بحال بحال، والجمهور بحال بحال. والمسيرين بحال بحال. شحال داروا بعدا في النتيجة؟ في الديربي، ماشي مهم شحال داروا، المهم شحال من طوبيس تهرّس.