[حرية تملك المال وصيانته] من أهم أسس الاقتصاد الإسلامي أنه صان الملكية الفردية للمال وحماها عن أي اعتداء، هذا طبعاً إذا كان وصل إليها صاحبها عن طريق مشروع، وقد قرر الله تعالى ذلك في كتابه الكريم فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ" [النساء، 29]. وقال: "وَلَا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَاكُلُوا فَرِيقًا مِنْ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالاِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة، 187]، وأكد ذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع التي قرر فيها أهم مبادئ الإسلام وتشريعاته حيث قال: "أي شهر هذا؟ وأي يوم هذا؟ وأي بلد هذا؟ أليس شهر ذي الحجة، ويوم عرفة، والبلد الحرام؟" فأجابوا: نعم. فقال: "فإن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا". كما أكد صلى الله عليه وسلم ذلك مرة أخرى في مناسبة ثانية فقال: "كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه"، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: "ولا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه". وبهذه التقريرات الجازمة الحازمة يعيش المرء في المجتمع الإسلامي آمناً مطمئناً على نفسه وعرضه وماله من أي اعتداء، فإذا حصل عليه أي اعتداء رغم ذلك فهناك القضاء ليعيد إليه حقه المسلوب كاملاً غير منقوص، ولا يستطيع أحد كائناً من كان حتى ولو كان رئيس الدولة نفسه أن يظلم أحداً شيئاً، أو أن يأخذ شيئاً منه أو ينال منه إلا بحقه، والشريعة هي الحامية لذلك، والدولة كلها مستخلفة لتنفيذ شرع الله – عز وجل. ولا شك أنه في ظل هذا الأمن يعم الاستقرار والطمأنينة، فيخرج الناس أموالهم ويستثمرونها فتنشط الأحوال الاقتصادية وتكثر فرص العمل، وتعمر البلاد، وتزدهر الأوطان وينعم الناس. يتبع في العدد المقبل…