فبانتظار ورغبة متفاوتتين من قبل فاعلين سياسيين تربطهم علاقات استراتيجية متبادلة لكن ليست لهم موارد متساوية، تمت صياغة الدستور المغربي الجديد في سياق تجاذبات التاريخ الوطني وتحت تأثير عدة إكراهات نسقية مرتبطة بالمحيط المحلي (20 فبراير) والجهوي (الربيع العربي) والعالمي (البرامج الدولية لدعم الديمقراطية). تبنى المغرب، فعلا، دستورا جديدا، بالمقارنة مع الدساتير السابقة، لكنه مازال يسعى إلى إرساء وتوطيد دولة القانون، أي مؤسسات فعلية تضمن فصلا وتوازنا بين السلطات. والسؤال الان هو متى يلتقى وعي الشعب بوعى الحكام والنخب السياسية أو العكس فيكون للمغرب دستورا يضبط توازن السلطات و يحمي الحقوق الأساسية للمواطنين و يصبح مرجعية للفاعلين السياسيين و السياسات العمومية؟ كيف يمكن تجنب متاهات انتقال ديمقراطي طويل المدى، والمرور إلى مرحلة تدعيم أسس ديمقراطية ناشئة؟ كيف يمكن التأكد من أن سلطة الحاكمين، التي يؤطرها مبدئيا القانون والمقتضيات الدستورية، تستجيب بشكل حصري للمصلحة العامة ومتطلبات "التنمية التي توسع و تقوي الحريات الفعلية للمواطنين" ؟ لماذا تستحيل الإصلاحات الجوهرية من دون إعادة "إختراع" فكر سياسي جديد وقيادة ديمقراطية جديدة بشكل تدريجي؟ لعلنا إذا قرأنا محتويات هذا الكتاب قد نجد بعض عناصر الإجابة عن هذا الأسئلة. *يتعلق الأمر بالكتاب الجماعي [الصادر عن منشورات كلية الحقوق بمراكش سلسلة الندوات والمؤتمرات )العدد (2013-40 تحت عنوان الدستور الجديد 2011 : وثيقة جوهرية للإنتقال الديموقراطي ؟] الذي أشرف على تنسيقه ومتابعته الأساتذة مصطفى جاري، فواد إدريسي آيت الوالي و عبد العزيز الراضي. ويتضمن الكتاب الذي صدر باللغتين العربية والفرنسية، بالإضافة إلى مساهمة بإلإنجليزية 412 صفحة من الحجم المتوسط، وهو مجموعة من الأوراق البحثية التي شارك بها عدد من الأساتذة الباحثين ضمن أشغال المؤتمر الوطني الذي نظمته مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العمومية، التابعة لكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض، حول الموضوع يوم الخميس 29 نوفمبر 2012.