ان السبب في بقاء حركة المقاومة الاسلامية حماس بل وصعودها المستمر على الرغم من ان جماعات وفرقا غيرها لم تدم الا فترة قصيرة حتى غابت عن الساحة ، ذلك ان الحرجة قامت على اسس علمية سليمة مستمده من الرسالة الاسلامية ومباديء الاسلام ، واستطاعت ان تنتقل وتصمد امام عدة اختبارات صعبة وقاسية مرت بها الحركة طيلة سنوات وجودها وعملها ، واستطاعت ان تقوي ارادتها وتشتد عزيمتها وان تصبح اقدر على تحمل تبعات الدعوة والمقاومة والعمل السياسي. برزت حركة المقاومة الاسلامية حماس الى الوجود في الوقت الذي اجدبت فيه التربة وشاكت الأرض ، ولم يكن طريقها مفروشا بالورود ممهدا لكنه كان وعرا شاقا مليئا بالعقبات والتحديات الجسام حتى اشتد بأعضائها الكرب وعم البلاء وتوالت عليهم الضربات ، لكن بقيت الهامات كالجبال الرواسي وما لانت لهم قناة ولا فترت عزيمة وما انكسرت لهم ارادة ، ظن البعض ان حماس قد أفل نجمها وغابت شمسها الا انها وبعد 25 عاما على انظلاقتها لازالت حركة فتية عفية تنبض بالحياة وما زالت جذوة الدعوة والمقاومة تتأجج في قلوب اعضائها ومريديها ،بل استطاعت ان تتبوأ مكانة سامقة كانت مثار جدل وتحليل ، لكنها رغم كل ما أثير حولها فإن ما نالته حماس من رصيد شعبي يوحي بانها تمضى بثبات على الطريق. بعد قتل الجندي الاحتلالي اجتمع المجلس الوزاري لحكومة الاحتلال بتاريخ 17/12/1992 واتخذ قراراً بإبعاد كافة قادة حركة المقاومة الاسلامية حماس وعدد من قادة الجهاد الإسلامي. أُعتقل الدعاة والمجاهدين من الحركة والجهاد، وانتظروا المعتقلون ثلاثة أيام وهم لا يعرفون شيئا في مصيرهم ، سوى أن هناك عدد من الاعتقالات غريبة طالت عناصر وقيادات حركتهم تتم منذ ثلاثة أيام ، قارب عدد من أعتقل فيها الألف شخص . خلال هذه الأيام كانت المخابرات تعمل على قدم وساق من أجل إعداد قائمة كاملة للمعتقلين الذين سيتم إبعادهم وكانت تحركات وتنقلات المتعقلين التابعين للحركة في السجون غاية في الغرابة والتعقيد يحث لم تكن الأمور اعتيادية بل كانت على دفعات، ولم يكن يعلم هؤلاء الذين يتم أخذهم بأنهم سينقلون عبر الطائرات ( الهيلوكبتر ) أو الباصات إلى منطقة واقعة على الحدود المحتلة مع لبنان . جُمع كافة الأشخاص الذين إتخذ بحقهم قرار الإبعاد وهم أربعمائة وخمسة عشر ( 415 ) شخصا كان معظمهم من حركة حماس وقلة هم الذين يتبعون لحركة الجهاد الإسلامي قرابة 40 شخصاً ، ورغم كل هذا فلم يصدق المعقتلون ال 415 بأن دولة الاحتلال سوف تقوم بإبعادهم حتى إلى هذه اللحظة إلى خارج الأراضي المحتلة. رغم مسيرة حماس وما مرت به من ايام مؤلمه وقاسية إلا اني ارى ان اعظم حدث مرت به الحركة وكان له الاثر الاكبر على مسيرة الحركة هو ابعاد قادة ونشطاء حماس الى جنوب لبنان الى مرج الزهور ، اذ ان هذا الحدث الذي كان في ظاهره ضربه قوية لبنية حماس التنظيمية و عزل لقادتها وإبعادهم عن الشارع الفلسطيني ، الا انه كان في واقعه خير وقوة للحركة ، اذ ان الابعاد وصمود المبعدين لأكثر من عام كامل في مخيم مرج الزهور ورفضهم لمبدأ الابعاد واصرارهم على العودة ، كان هذا المخيم مركزا اعلاميا لحماس حيث قدم الصحفيين من كل العالم ونشروا فكر حماس و آرائها ، علما ان احدى القنوات الاذاعية المشهورة كانت قبل الابعاد قد رفضت بث بيان لحماس مقابل مبلغ مالي كبير ، ولكن خلال الابعاد قدمت كل وسائل الاعلام لتنقل عن حماس كل كلمة وكل فعل لقد وصلت إلي المخيم الشبكة الأمريكية للإعلام أل CNN مجانا و بلا مقابل (مع العلم أن الساعة تبث في المحطة مقابل 3 آلاف دولار) . الابعاد الى مرج الزهور وتجميع اكثر من 400 من قادة ونشطاء حماس والجهاد الاسلامي في مكان واحد كان عبارة عن مؤتمر واجتماع تنظيمي تلاقت فيه الافكار والخبرات و بنيت العلاقات المتينه بين المبعدين ليكون لهذه العلاقات الأثر الواضح على فعل الحركة بعد عودة المبعدين. اصرار المبعدين على العودة وعودتهم فعلا الى فلسطين كانت اول انتصار على دولة الاحتلال وكانت اول عودة جماعية لفلسطينيين الى فلسطينالمحتلة . رغم 25 عاما على خروج وانطلاقة حماس ورغم كل ما واجهته من تحديات وما وضع في طريقها من عراقيل الا انها ظلت حية متجددة ، فهي على منهج سليم يستند الى صحيح الدين الذي جاء به القران الكريم والسنة النبوية.