لحسن كجديحي ينبغي استخدام الشدة واللين معا عند تعويد أطفالنا على الاستقلال فلا ينشأون معتمدين على الآخرين، ولا ينشأون مستقلين يقلقهم أمر اللجوء للآخرين للمشورة في أوقات يحتاج فيها الإنسان للرأي الآخر الذي يستنير به. فينشأون وداخلهم رغبة في الاعتماد على الغير للتخفيف من حدة القلق، أو على النقيض نجدهم يشعرون بالقلق إن شعروا باحتمال اعتمادهم على الغير مما يجعلهم تعساء في حياتهم. في كل الأحوال، لا بد من تعليم الأطفال "إناثا وذكورا" أن الذي يشرفهم هو الجهد الذي يبذلونه في بناء ذواتهم المهنية والاجتماعية، الإنسان يعرف أولا بمن هو وبما ينجزه وبعد ذلك يعرف بما يملك من ماديات و... علينا أن نعلمهم أن كل الناس أبناء البلد الواحد، ولكن شاءت الأقدار أن يضم الوطن شرائح وطبقات مختلفة، المهم والأساس أن نحرص على تكافؤ الفرص وخلق جو من التنافس البناء والمتكافئ بين أبناء هذا البلد.مع التأكيد باستمرار على أننا نريدهم منتجين ولا نريدهم مجرد مستهلكين لماديات لم يقدموا في مقابلها أي جهد. ولكننا لا بد أن نربيهم على أن هذه الماديات ينبغي أن تدوم أداة للتطوير والتقدم وليس مادة للاستهلاك والإنفاق فحسب، بهذا المفهوم نقدم لأبنائنا ما يريدون من احتياجات أساسية ومن كماليات يمكن توفيرها في حدود عدم خلق درجات عالية من التمايز تفرق بينهم وبين أقرانهم، كذلك في حدود الإبقاء عليهم قادرين على التكوين والبناء الذاتي وفي حدود دفعهم إلى أن يصبحوا هم بذواتهم في المستقبل قادرين على العمل والكسب من جهدهم وبمجهودهم. فالهدف الأساس من رعاية وتربية الأطفال هو إعداد مواطنين نافعين لبلدهم الذي يحتاج بالفعل لهؤلاء المواطنين، في هذه الحالة وفي ضوء الهدف الأسمى لنا، لا بد وأن نراعي التوازن الاجتماعي العام والتوازن التربوي الخاص. فإذا اعتبرنا أن القراءة تعد إحدى الأدوات الناجعة لتحقيق هذه التوازنات، فيجدر بنا أن نشجعهم على القراءة في أوقات معلومة فينشأون ومعهم نفوس تواقة إلى المعرفة والقراءة ويجتهدون دائما في البحث عن المعرفة أينما كانت.لاعتبار أن المعرفة هي السلاح الواقي من الجهل. ... وإذا كانت القراءة لأطفالنا مهمة لهذه الدرجة، وما ينبغي إتباعه عند تعليمهم إياها ألا يجدر بنا أن نتساءل: متى يكون الطفل مستعدا للقراءة ولتعلم أسسها ومبادئها؟ من المعروف من دراسات علم نفس الطفولة أن الاستعداد للقراءة لدى الطفل يستلزم ثلاثة أنواع من النمو: 1 - النمو العقلي الذي يعتمد على مؤشرين أساسيين وهما: - نضج الذات : ونعني به تلك العوامل الأساسية التي تدخل ضمن مظاهر النمو العقلي، ولها تأثيرها على الاستعداد للقراءة، وهي الوصول إلى عمر عقلي معين يسمح بالقراءة وغالبا لا يكون قبل سن السادسة إلا في حالات بعينها، وكذلك القدرة على تذكر صور الكلمات ومدى تذكر المقروء، والقدرة على التفكير المجرد ثم القدرة على الربط بين المعاني وكلها عمليات عقلية معرفية تتضمن نضجا ذهنيا معينا. - التدريب والخبرة: و هما حصيلة عملية التنشئة الاجتماعية والتربية الهادفة ( من خلال المستويات الثلاثة) أولا داخل الأسر، حيث يربي الأطفال في ضوء الخبرات الأولية المختلفة التي تمكنهم من الحصول عليهما، وثانيا المدرسة حيث التربية المقصودة والموجهة، ويبدو أثر المدرسة واضحا على الاستعداد القرائي للأطفال في زيادة الحصيلة اللغوية، وصحة النطق، والقدرة على تركيب الجمل واستنباط المعاني المختلفة بالإضافة إلى اتساع مداركهم والقدرة على التفكير في حل المشكلات، ثم القدرة على الاحتفاظ بسلسلة من الحوادث في العقل.وثالثا المؤسسات الموازية التي كثيرا ما نغفل دورها ومن ضمنها زمرة الأنداد. 2 - النمو الجسمي ويقصد به الصحة العامة للجسم وسلامة الحواس الضرورية لتعلم القراءة كالسمع والبصر وسلامة أعضاء النطق ونمو العضلات المتحكمة في أطراف الأنامل في الأيدي... 3 - النمو الذاتي الاجتماعي ويقصد به نمو المهارات الشخصية والاجتماعية لدى الأطفال، وذلك من خلال مدى قدراتهم على التوافق الاجتماعي والشخصي مع ذواتهم أولا ثم المحيطين بهم ثانيا، مع وجود الاستعداد العاطفي الذي يلائم بين الأطفال والمواقف المدرسية ويساعد على الاستجابة للعمل، فالأطفال لا يستطيعون تعلم القراءة بصورة أفضل ما لم يكونوا متزنين عاطفيا ومتوافقين توافقا نفسيا سليما.و تعتبر قصص الرسوم وهي القصص القصيرة التي تستخدم الرسوم والصور للتعبير عن حكاية بسيطة أنجع الوسائل في البداية،لاعتبارها تهدف إلى تنمية الخيال والسلوك السليم والقيم المرغوبة، والاستعداد للقراءة لدى الأطفال الصغار الذين لم يلتحقوا بالمدرسة أو الذين في الصفوف الأولى منها.وبهذا تغدو المدخل الرئيس لإثارة فضولهم وترسيخ القراءة الذاتية وحب الاستطلاع لديهم. وحتى يترسخ لديهم حب وتعلم القراءة أيضا ، علينا أن نعطي من أنفسنا القدوة والمثل في حب القراءة والمعرفة، فيتعين أن نهتم بالزاد القرائي للأطفال اهتماما موازيا بمأكلهم وملبسهم فنوفر لهم القصة والكتاب والمجلة إلى جانب التكنولوجيا الحديثة ( الحاسوب مثلا )، ونشجعهم على القراءة في أوقات معلومة فينشأون ومعهم نفوس تواقة إلى المعرفة والقراءة ويجتهدون دائما في البحث عن المعرفة أينما كانت. وتوفير الكتاب للأطفال يحتاج إلى التدقيق في نوعه فنختاره متفقا مع ميولولاتهم وانتظاراتهم. وتأخذ القراءة مراحل تطورية متعددة : ففي مرحلة ما قبل التمدرس ينبغي أن يتعلم الأطفال ربط علاقة المكتوب بالمنطوق، وأن يفهموا أن الكلمة المكتوبة تقابل الكلمة المنطوقة، وفي البداية يكون من الضروري أن تكون الكلمات التي نعلم الأطفال القراءة من خلالها من المألوفات الشائعة على ألسنتهم. وفي هذه المرحلة تنمو لديهم - بشكل تدريجي- حصيلة لغوية من المفردات المتداولة، وبمرور الوقت يستطيعون أن يفهموا الجمل ويستخدمونها الاستخدام الصحيح، ومن ثم تنمو لديهم القدرة على الاستماع والاستيعاب للقصص ويستطيعون كذلك أن يستخدموا اللغة ويفهمونها بدرجة تتناسب ونضجهم العقلي "بحسب عالم اللسانيات تشومسكي". ومن المعروف أن هناك فروقا واضحة بين الأطفال في الاستعداد للقراءة، فهي الأساس في نمو القدرة على القراءة في مختلف مراحلها، كما توجد فروق فردية واضحة بين الأطفال في سن السادسة من العمر في عملية القراءة (كما يؤكد ذلك علماء النفس )، ففي نهاية السنة الأولى من عمر الأطفال العاديين يكونون قد اكتسبوا حصيلة لغوية معينة يستطيعون أن يتعرفوا عليها بالنظر، ويكونون قد وصلوا إلى درجة من الاستقلال في استخدام أساليب التعرف على الكلمات (بالطبع ليست كل الأساليب المتعارف عليها )، ووصلوا إلى درجة من المهارة في القراءة الصامتة و الجهرية للكلمات على حد سواء، إنهم قد يستطيعون أن يستقلوا بذواتهم في عملية القراءة. وفي نهاية السنة الثامنة من العمر يكون الأطفال قد مشوا في طريق القراءة من أجل الدرس والتحصيل واكتساب المعرفة خطوات واسعة، ويتكون لديهم عنصر السرعة في القراءة الصامتة بدرجة أكبر من القراءة الجهرية، ويتكون لديهم اتجاه إيجابي نحو الكتب والقراءة بوجه عام، ويستطيعون كذلك أن يقوموا بعملية القراءة بمفردهم، وفي الأعوام التالية من عمر الأطفال التاسع والعاشر والحادي عشر تصبح القراءة لديهم أداة لتحقيق الاستمتاع وتحصيل المعلومات بأنواعها المختلفة، ثم يصبحون قارئين مستقلين، وبعد ذلك يسير نموهم بخطى مطردة في طريق القراءة حتى يصلوا إلى مرحلة النضج القرائي في سن الشباب. ...تذكروا أيها الآباء ،أيتها الأمهات ! !.اللحظات التي يشعر فيها الطفل بأنه يستحوذ على والديه في آن واحد يشعر فيها بالأمن والطمأنينة! كما أن للكبار حقوقاً يسعون إلى تحصيلها! كذلك للأطفال حقوق يرغبون في انتزاعها من الكبار. ولكن هل فكرنا يوماً ماهي تلك الحقوق التي نطالب بها أمام أطفال صغار؟ حق الأطفال في أن نحبهم لذواتهم لا لشيء آخر! هذا يعني أن نحب أطفالنا بصفاتهم التي يتصفون بها وأن لا نطلب منهم أن يكونوا مثل فلان أو علان حتى نرضى عنهم. كل طفل له الحق في وقت الفراغ، أن يروح عن نفسه ويلعب، وإذا كان الطفل قد تعود في وقت معين من اليوم على الترفيه، فلا يجب أن نشغله في هذا الوقت بقضاء بعض حاجات المنزل أو غيرها من الأشياء التي قد تضيع هذا الحق. وإذا وعدنا أطفالنا بشيء من الترويح عن النفس فلا نخلف وعودنا ، فأطفالنا سيفقدون ثقتهم فينا. شعور الأطفال بحب الامتلاك شيء طبيعي، ولابد أن تكون عندهم أشياء وممتلكات خاصة، ولا يجب أن يتعدى عليها أحد، وشعور الأطفال بالملكية الخاصة لبعض الأشياء ينمي عندهم شعور احترام ملكية الغير. قد ينزعج الآباء عندما يجدون أبناؤهم البالغين من العمر سبع سنوات مثلا قد أصابهم الضيق والضجر عند قدوم بعض الضيوف، ولكن لو فكرنا قليلاً لعرفنا سبب انزعاج الأبناء، حيث إن قدوم الضيوف بالنسبة لهم يعني لديه عدة أشياء .. لاتلعب، لاتتكلم، اخفض صوتك، ابق بعيداً! وهذا يعني : كبت مشاعرهم وعدم السماح بحرية حركاتهم والتعبير عن نفوسهم، وإذا قابل الآباء مشاعر الأبناء هذه بنوع من العنف والتوبيخ فإنه يزيد الأمر تعقيداً ولا يقدم حلاً، والأفضل أن يحاول برفق أن يخبرهم أنه يفهم سبب ضيقهم، ولكن يجب أن نظهر أمام الضيوف بمظهر لائق وأن لا نزعجهم، وليحاول أن يشغل الأبناء في تلك الأثناء بشيء مفيد يلهون فيه. كما أنه إذا كان الأب مشغولاً دائماً والأم كذلك، فلا بد من وقت معين يتم تخصيصه لهم للجلوس معهم وسماعهم، خصوصاً مع الأب حيث إن الآباء كثيرا ًما ينشغلون عن الأبناء