طالبت مفتشية الشغل بوزارة التشغيل بإحداث لجنة مشتركة بين وزارتي العدل والتشغيل، لتتبع مصير المحاضر الزجرية التي يرفعها مندوبو الشغل إلى النيابة العامة. وعلمت «المساء» أن هذه الدعوة جاءت على خلفية توالي الانتقادات الموجهة إلى طريقة تعاطي جهاز القضاء مع محاضر مفتشي الشغل، حيث غالبا ما «تجمد ملفات قضايا الشغل لأعوام في رفوف المحاكم دون البت فيها، على الرغم من أن غالبيتها تكون مشمولة بالنفاذ المعجل»، يقول أحد مفتشي الشغل ل«المساء». وأفادت مصادر مطلعة بأن عددا من مفتشي الشغل أكدوا أنه لو كان جهاز القضاء يسرع البت في قضايا الشغل، خاصة ذات الطابع الجنحي، لكان بالإمكان تفادي جملة من المشاكل المرتبطة بميدان الشغل مثل محرقة ليساسفة. ويتوفر المغرب على 300 مفتش شغل محلف موكول له الحرص على تتبع تطبيق قانون مدونة الشغل لدى حوالي 86 ألف مقاولة وشركة معترف بأنشطتها الصناعية من قبل السلطات المختصة. وبحسب ذات المعطيات، فإن وزارة التشغيل عهدت بأمر مراقبة نحو 32 ألف مقاولة ذات النشاط الصناعي ل75 مفتش شغل مرفقين بخمسة مهندسين متخصصين في الوقاية والسلامة في الدارالبيضاء التي عاشت أكبر حادثة شغل في تاريخ المغرب. وتنبهت وزارة التشغيل إلى خطأ إهدارها لأزيد من 70 مهندسا متخصصا في الوقاية والسلامة في الأعمال الإدارية، بدل الحاقهم بمندوبيات الشغل لتحرير المحاضر التقنية بحق المقاولات الصناعية المخلة بقواعد السلامة والوقاية بميادين العمل. ورفع نحو 140 من مناديب ومندوبات الشغل بالأقاليم ذات النشاط الصناعي ورئيسات ورؤساء دوائر التفتيش، بمناسبة الاجتماع الاستثنائي للوزير أغماني أول أمس الأحد، جملة من المشاكل التي تعرقل عملهم سواء تلك الصادرة عن المؤسسات الرسمية أو الخاصة. وعددت مصادر مطلعة تلك المشاكل في استدعاء الضابطة القضائية لمفتش الشغل بأمر من النيابة العامة لمواجهة رب الشركة المخالفة للقانون في حالة تعذر على المفتش تدوين هوية المشغل في المحضر الزجري، بحيث يصبح المفتش كأنه طرف في القضية. وزادت المصادر نفسها أن مفتش الشغل غالبا ما يكون بين مطرقة نفوذ رب الشركة المخالفة وسندان سلطة ماله، وهي «سلط» يلجأ إليها لتعطيل تنفيذ محاضر مفتش الشغل. وردت المصادر ذاتها تراجع عدد المحاضر الزجرية إلى 100 محضر سنويا، إلى غياب حماية قانونية لمفتش الشغل من تهمة «الابتزاز» التي يحركها بعض أصحاب الشركات المخالفة للقانون. وقال محمد القصير، قاض سابق ومحام متخصص في القضاء الاجتماعي بهيئة مكناس، «إن محاضر مفتش الشغل تتمتع بحجية مقبولة أمام القضاء ما لم يثبت العكس» وما يؤكد أهميتها في الكشف عن خرق قانون الشغل يقول لقصير هو "تحريرها من قبل مفتش محلف لدى القضاء ويتمتع بالصفة الضبطية". على صعيد ذي صلة، نظمت لجنة التضامن مع عائلات ضحايا محرقة مصنع «روزامور» بالمنطقة الصناعية ليساسفة حفلا تأبينيا عصر أول أمس بالقرب من موقع الحادث، حضرته بعض أسر الضحايا. وبينما رفع بعض الحاضرين قطعا كرتونية صغيرة علقت عليها صور «شهداء المحرقة»، كان المشاركون في الحفل التأبيني ينصتون إلى شهادات العمال الناجين. وتحدثت شهاداتهم عن زحف ألسنة النيران بسرعة إلى طوابق العمارة في وقت كانت فيه كل المنافذ مغلقة، واستحضرت تأخر سيارات الإسعاف وغياب المياه والاستعانة بإطفائيين متدربين، إذ قال أحد الشهود إن أحدهم كان يدخن سيجارة ويراقب ألسنة اللهب من بعيد عوض أن يتقدم لإطفائها. ولم يخل الحفل التضامني من انتقادات شديدة لأرباب المصانع المستنزفين لعرق "البروليتاريا" العمالية الكادحة، ودعا متحدث باسم لجنة التضامن الدولة إلى عدم التساهل مع منتهكي حقوق العمال وتجاوز مرحلة الإفلات من العقاب على الجرائم الاقتصادية والمالية.