أمر المدعي العام الإسباني بفتح تحقيق بتهمة الإهمال المؤدي إلى القتل في حق ثلاثة عناصر من قوات الحرس المدني الإسباني بمدينة سبتة، حيث عمدوا إلى إحداث ثقب في طوق النجاة الذي كان في حوزة أربعة مهاجرين غير شرعيين تم اعتراض سبيلهم في عرض البحر، حيث لقي بعدها أحدهم حتفه غرقا لعدم إجادته السباحة، وذلك عندما انطلقوا من شاطئ بليونش في محاولة منهم للوصول إلى شاطئ مدينة سبتة. وكانت جريدة «المساء» هي المنبر الإعلامي المغربي الوحيد الذي حقق في حادث القتل، حيث تمكنت أسبوعا بعد دفن الضحية من التوصل إلى رفيقه الذي نجا من الغرق، والذي سلمه الحرس المدني رفقة اثنين آخرين، بينهما امرأة، إلى أفراد الدرك الملكي. وكانت «المساء» أجرت حينها، أي في العاشر من شهر أكتوبر الماضي، استجوابا مع فابيان ديدي صديق الضحية، الذي كان يتواجد في الرباط، أكد فيه أن أفراد الحرس المدني عمدوا إلى إغراق صديقه عبد الكريم في عرض البحر في الوقت الذي كان يصرخ بكل قوته بأنه لا يجيد السباحة، مما أدى إلى موته غرقا. وتعود وقائع الحادث إلى ليلة 25-26 شتنبر الماضي، قبالة سواحل سبتة، حيث اعترضت دورية بحرية للحرس المدني الإسباني سبيل أربعة مهاجرين أفارقة من بينهم امرأة من الكامرون يفوق عمرها 50 عاما، عندما كانوا يحاولون الهجرة إلى سبتة. حيث قام أفراد الحرس المدني بإعادتهم إلى شاطئ بليونش، وعمدوا إلى رميهم في البحر بعدما أحدثوا ثقبا بسكين في أطواق نجاتهم. وحسب ما صرح به حينها فابيان ديدي ل«المساء»، فإن صديقه الذي لقي حتفه غرقا كان يدعى لاوكلين سونغو، بينما تمكن الثلاثة الباقون من النجاة، وهو الاستجواب الذي اعتمد عليه المدعي العام باعتباره شهادة لأحد الناجين. كما أكد «فابيان»، لحظة الاتصال به بعد مقتل السنغالي لاوكلين، أن «الحرس المدني هو المسؤول عن غرق صديقه». وبعد مرور سبعة أشهر من هذا الاستجواب أمر المدعي العام أول أمس بفتح تحقيق بتهمة القتل العمد والإهمال، حيث ورد في محضر المدعي العام الإسباني بمنطقة قادس وسبتة والذي اطلعت عليه «المساء» أنه «في الوقت الذي كان فيه الضحية يصرخ لنجدته من الغرق، كان أفراد الحرس المدني الثلاثة يضحكون ويسخرون منه». ويضيف المحضر أن «أحد أفراد الحرس المدني، إحساسا منه بالخطأ الذي ارتكبه رفقة زملائه، ارتمى إلى البحر في محاولة يائسة لإنقاذ الضحية إلا أنه كان قد فارق الحياة». وتم رفع الدعوى من طرف الهيئة الإسبانية لمساعدة اللاجئ بعد اطلاعها على الاستجواب المذكور، مما أدى إلى فتح تحقيق قضائي بشأن تهمة القتل في حق مهاجر غير شرعي. كما أن أفراد الدرك الملكي المغربي رفضوا آنذاك قبول جثة الضحية، حيث اضطرت السلطات الإسبانية إلى استدعاء سيارة الإسعاف التي تأخرت أكثر من ساعة في الوصول إلى مكان الحادث. وتم دفن جثة الضحية بهوية مجهولة في أواخر شهر شتنبر الماضي، إلا أنه بعد شهادة صديقه فابيان تم التعرف على اسمه الحقيقي، وعلى هوية أخته التي تقيم في مدينة ألمرية.