مصطفى الفن اختار الدكتور المهدي المنجرة، الخبير المغربي في الدراسات المستقبلية، أن يمنح جائزته السنوية (الدفاع عن الكرامة) لسنة 2008 إلى كل من المحامين الثلاثة بهيئة تطوان أصحاب «رسالة إلى التاريخ» وجمعية محاربة الرشوة «ترانسبرانسي المغرب». وفي تعليله لترشيح جمعية «ترانسبرانسي» لنيل جائزة «الدفاع عن الكرامة»، قال المنجرة إن تأسيس هذه الجمعية لم تنظر إليه السلطة بعين الرضى، ذلك أنها حرمت لمدة 8 سنوات من حصولها على وصل إيداع ملفها القانوني، غير أن هذا لم يمنعها من الانخراط في أنشطة التحسيس والتربية والمرافعة للنهوض بالشفافية في تدبير الشأن العام ومكافحة الرشوة، مؤكدا، في الوقت نفسه، أن جمعية ترانسبرانسي كانت دائما تعتبر عملها رافدا من روافد الدفاع عن حقوق الإنسان وسمو دولة القانون، وأنها اهتمت، بالخصوص، بتقديم المساعدات إلى ضحايا القمع المسلط على المنددين بالفساد أمثال القبطان الذي حظي بأول جائزة عالمية سلمتها إليه ترانسبرانسي الدولية. أما بخصوص ترشيح الحبيب حاجي وعبد اللطيف قنجاع وخالد بورحايل لنيل الجائزة، فيؤكد المنجرة أن هؤلاء المحامين كانت لهم الجرأة على فضح واقع الفساد الذي يعرفه جهاز القضاء بتطوان والتنديد بكل التجاوزات التي تقع داخله من خلال تحرير رسالة تحمل عنوان «رسالة إلى التاريخ»، مؤكدا أن هذه الرسالة أصبحت وثيقة وشهادة على واقع الفساد بالقضاء، وأن أصحابها حوكموا محاكمة غير عادلة انتهت بحكم غير منصف قضى بالتشطيب عليهم من سلك المحاماة. واعتبر الحبيب حاجي، عن المحامين الثلاثة أصحاب «رسالة إلى التاريخ»، فوزهم بجائزة «الدفاع عن الكرامة» للدكتور المنجرة نصرا رمزيا للحركة الحقوقية بالمغرب ضد أباطرة الفساد، سواء في جهاز القضاء أو غيره من الأجهزة في نظام الدولة. وقال، في تصريح ل«المساء»، إن «رسالتنا إلى التاريخ لم تكن بدافع انتقامي من أشخاص في سلك القضاء نريد الزج بهم إلى السجن، وإنما كانت ضد شخص واحد اسمه الفساد»، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذه الجائزة هي أيضا «رسالة إدانة إلى كل الذين اعتبرونا مشاغبين وفوضويين، ولهذا لم يترددوا في التشطيب علينا بتلفيق تهم جاهزة». وقال حاجي إنه لا يعرف، إلى حد الآن، القيمة المالية لهذه الجائزة لأن ما يهم هو بعدها الرمزي، مشيرا إلى أنه لا يستبعد أن يحتفظ بشيك الجائزة معلقا في غرفة نومه ك«شاهد على الظلم الذي تعرض له حتى من قبل ذوي القربى، (هيئة المحامين بتطوان)، الذين التزموا الصمت إزاء التشطيب الظالم الذي طالنا من سلك المحاماة فقط لأننا انتفضنا ضد شخص الفساد الموجود في جهاز القضاء بشهادة الجهات الرسمية نفسها». من جهته، أعرب عز الدين أقصبي، عن جمعية ترانسبرانسي، عن ارتياحه للفوز بجائزة «الدفاع عن الكرامة»، وقال، في اتصال مع «المساء» إن هذه الجائزة هي اعتراف ليس فقط بمجهودات الجمعية في محاربة الرشوة، وإنما هي رسالة مباشرة إلى السلطة كي تضاعف من مجهوداتها لمحاربة هذا الفيروس الذي ينخر مؤسسات الدولة، مؤكدا، في الوقت نفسه، أن هذه الجائزة هي أيضا رسالة إدانة للمرتشين الذين يوظفون موقعهم في السلطة لأغراض شخصية. يذكر أن جائزة «الدفاع عن الكرامة» هي امتداد لجائزة «الحوار الثقافي شمال-جنوب» التي أحدثها الدكتور المنجرة عقب صدور كتابه حول «الحرب الحضارية الأولى» في بداية التسعينيات واختار لها ال17 من يناير من كل سنة، هو التاريخ الذي يصادف اندلاع الحرب الأمريكية على العراق سنة 1991. و«كانت هذه الجائزة قد تم حجبها سنة 2005 اعتبارا لكون هذه السنة، حسب المنجرة، كانت أحلك لحظات البشرية على مستوى تدني التواصل بين الشمال والجنوب».