قال عبد العزيز المسيوي، أحد أبرز الوجوه السياسية التي ارتبط اسمها بحزب «الاتحاد الدستوري»، والذي ينكب حاليا على تأسيس حزب للمتقاعدين، إنه شغل منصب نائب برلماني عن دائرة الحوز لمدة 18 سنة، وقال إنه لم يغير فريقه وقد بقي وفيا للفريق البرلماني الذي ينتمي إليه. وأضاف: «خلال تجربتي كنائب برلماني، ألفت 10 كتب منها «البرامج الحكومية تحت قبة البرلمان»، وقد جمعت شتات هذه البرامج التي كانت مهملة. وفي البرلمان عملت عضوا ورئيسا للجنة الإعلام والشؤون الإسلامية التي يترأسها الآن فؤاد عالي الهمة». وقال المسيوي إنه تعلم أشياء كثيرة وشاهد أشياء كثيرة كذلك، وسافر إلى عدة دول وجال قارات، وقد لخص ذلك في كتاب أصدره تحت عنوان: « تجربة نائب برلماني». حاوره: عبد الواحد ماهر - عملت مساعدا لكاتب الدولة مكلفا بالعلاقات مع اتحاد المغرب العربي، كيف كنت تعمل لإحياء اتحاد مغرب عربي يعتبره البعض ازداد مشلولا؟ < كنت مكلفا بملف المغرب العربي، إلا أن الأجواء لم تكن مساعدة لتحريك الأطراف. أذكر أنني كنت في الجزائر في إطار اجتماع اللجنة التحضيرية لعقد قمة بين القادة سنة 1996، وألقيت كلمة فاجأت الجميع، إلى درجة أن ممثل دولة تونس قال لي بالحرف: «هذا أسلوب جديد»، وقد ركزت فيها على أننا على استعداد لتحريك المغرب العربي، وكلنا آفاق لتغيير الوضع داخل المغرب العربي. شاركنا في اللجنة التحضيرية إلى أن جاءني عبد الكريم الصمار، السفير المغربي الحالي المعتمد لدى المملكة العربية السعودية، والذي كان آنذاك سفيرا للمغرب بالجزائر، ووضعني في موقف حرج، عندما قال لي: «يجب أن تسافر إلى المغرب على متن أول طائرة. هذه أوامر الرباط». سألته عن موعد إقلاع أول طائرة من مطار بومدين في العاصمة الجزائرية، فقال السفير المغربي إنها تقلع في الساعة الثالثة بعد الظهر، فقلت له: كيف يمكن تبرير غيابي واللجنة التحضيرية تختتم أشغالها في العاشرة من مساء نفس اليوم؟ فقال لي: تظاهر أنك مريض. قلت له إذا تظاهرت أنني مريض فالوفود كلها ستزورني، فقال لي السفير: تصرف.. أنا أنقل إليك تعليمات الرباط. قلت له: من سيحضر في الاختتام؟ فقال إنه سيحضر بصفته سفيرا، وقد كلف من الرباط بالحضور. المهم أنني قضيت الليل كله أفكر في الحل لمغادرة اللجنة التحضيرية المجتمعة في إقامة تؤوي الجميع في المبيت والاجتماعات، وهي محروسة وقد كان الخروج منها ليلا ممنوعا. انتظرت إلى حدود السادسة صباحا وناديت على السفير الصمار وقلت له: لابد أن أراك. فجاء على متن سيارته، وجمعت حقائبي وأخبرته برغبتي في الذهاب إلى السفارة إلى حين موعد مغادرة الطائرة. ذهبت عنده وبقيت إلى حين موعد السفر، وقد راودتني أسئلة كثيرة، وتساءلت مع نفسي: هل قلت شيئا أو ارتكبت خطأ أو شيئا من هذا القبيل؟ حطت الطائرة في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، ومن داخل سيارتي اتصلت بالطيب الفاسي الفهري، كاتب الدولة في الخارجية آنذاك، فأخبرته بعودتي وسألتهم إن كانوا في حاجة إلي، فنفى ذلك وطلب مني الذهاب إلى البيت والنوم إلى الصباح. في الليل اتصلت بالزملاء الوزراء ولم أستشف من كلامهم وجود تعديل حكومي مرتقب ولا أي شيء، في اليوم الموالي علمت بأن وزير الخارجية الجزائري قد أساء إلى المغرب في مؤتمر انعقد في نيروبي، ولما بلغ إلى علم الملك الراحل ما قاله السفير الجزائري سأل عني، فقالوا له إنه في اللجنة التحضيرية، فقال لهم الملك «قولوا له أن يدخل»، وهكذا عدت من الجزائر على عجل. - قلت إن هدفك من تأسيس حزب للمتقاعدين في المغرب واحد ووحيد، هو منافسة الأحزاب الأخرى على تطبيق برنامج الملك، وإن جميع الأحزاب وبدون استثناء تطبق برنامج الملك الذي يمتد إلى 2016. < لقد قال الوزير الأول عباس الفاسي بنفسه أثناء تقديمه لبرنامجه الحكومي إن الحكومة ستلتزم بتطبيق برنامج الملك. - إذا قرر المسيوي رمي حجرة ثقيلة في بركة السياسة المغربية الآسنة، عن ماذا سيكشف؟ < أريد من هذا الحزب الجديد أن يأتي بقيمة مضافة إلى الحقل السياسي، لا أن يكون حزبا يحصل على الرقم 36، أريد من الحزب الجديد أن يربط تجربة الماضي بطموح المستقبل. وأنا أعتبر أن تدني نسبة المشاركة أكبر حجر رمي في بركة السياسة المغربية، يليها تصدع الأحزاب وتغير القيادات. - يقال إن الناخبين عاقبوا الأحزاب وقاطعوا الانتخابات والمغرب مقبل على إجراء انتخابات جماعية في سنة 2009، ماذا ستضيف برأيك هذه الانتخابات؟ < ستكون المنافسة في الانتخابات الجماعية المقبلة قوية بحكم الإغراءات المالية، فالعضو في الجماعة أمامه عدة مراحل ليتمكن من البيع والشراء قبل انتخاب الرئيس والأعضاء وأعضاء المجالس والغرف. - كيف كانت فترة صباك؟ أين قضيتها؟ وما هي شذرات الأحداث التي انحفرت في ذاكرتك. < ازددت في مراكش سنة 1944، أصولي أمازيغية وانتمائي عربي، ازددت كطفل معاق واستطعت أن أقطع مراحل، ومررت بمرحلة التعليم الابتدائي في مراكش، وعشت مع أبي المتقاعد من سلك الشرطة، ولازمت البيت إلى سنة 1960، حيث دخلت المدرسة الإقليمية للمعلمين، ومنها تخرجت لأكون معلما في مجموعة مدارس «إيميني» بإقليم ورزازات. لم تمض سنتان حتى انتقلت إلى مدرسة المعلمين بورزازات، لأصبح حارسا عاما للداخلية بها ومعلما تطبيقيا في مدرستها الابتدائية ومسؤولا إقليميا عن الشؤون الاجتماعية. طوال هذه الفترة بقيت بدون حوالة، وبدون تسوية وضعيتي، حيث مرت أربع سنوات دون أن أتوصل بأجري، وقد كان شخص اسمه الحدوشي وزيرا للتعليم الابتدائي آنذاك. وقد ذهبت إلى الوزارة أستفسر عن وضعيتي، فاستقبلني رئيس القسم وطلب مني أن أشرح حالتي، فأخرجت له الكفاءة في التعليم فاستغرب وقال لي: إنه من المفترض فيك أن تكون خارج الإدارة لأن اللجنة الطبية أثبتت عدم أهليتك لممارسة المهنة فكيف تشتغل؟ فقلت له إنني أعمل منذ 4 سنوات وها أنت ترى مراجعي. فاستغرب وقال لي: اذهب سننادي عليك لتسوية وضعيتك. فأصررت على عدم الخروج حتى أجد حلا، فنادى على أعوانه وحاولوا إخراجي بالقوة، وقد اعتصمت أمام مكتبه إلى ما بعد الغذاء، وفي الأخير سلمني مبلغا من المال قدره 200 درهم وقال لي: عد إلى بيتك في ورزازات وسنوافيك بقرارنا.