منعت ولاية جهة الدارالبيضاء-سطات أنشطة الإلترات وقررت إغلاق ملعب محمد الخامس، فإذا كان مقبولا منع الإلترات، فإنه أيضا كان يجب فتح تحقيق معمق وشفاف حول من يمول هذه الفصائل؟ والحديث هنا على المسيرين الذين يمولون الأعضاء لغاية في أنفسهم. ويجب البحث أيضا في كيف ظل أعضاء هذه الإلترات يستفيدون من جمع التبرعات ومن بيع منتوجات، في خرق سافر للقانون الذي ينظم جمع التبرعات، والبحث أيضا في لماذا لم يكن هناك نجاح في الاحتفاظ بالجانب الإيجابي للإلترات. مشكلتنا في المغرب أن المسؤولين لا يتحركون إلا إذا وقعت «الكارثة»، ووصلت الأمور إلى الحد الأقصى من الخطورة وزهقت الأرواح. لقد كان واضحا منذ فترة طويلة، أن بعض الإلترات أرادات أن تحول الفرق إلى ملكية خاصة لها، بل إنها لم تكن تتردد في تهديد حياة صحفيين مثلا، لأنهم تطرقوا إلى مواضيع لم ترق هذه الإلترات، أو لأن هناك من كان يحركهم بآلة التحكم عن بعد، دون وعي بخطورة ما يجري. قبل سنوات أصدرت مجموعات إلترات الرجاء، بلاغا ناريا..ومن بين ما حمله البلاغ تهديدات بالتصفية الجسدية للعديد من الفاعلين في المنظومة الكروية. لقد جاء في البلاغ حرفيا: «نحن مجموعات الإلترا نود أن نبعث تحذيرا علنيا لكل من يقف وراء هاته المخططات من أشباه الرجاويين، أو من غير الرجاويين من مسيرين سابقين، لاعبين سابقين، منخرطين، صحافيين وأعضاء جامعيين، نقول لهم إنكم معروفون لدينا شخصا بشخص، وسينال كل واحد منكم عقابه، خصوصا إذا تمادى في إيذاء الرجاء، وأننا سنكون له بالمرصاد مهما كان مركزه، فأيادينا ستطوله. أيضا نعلن أنه إذا كنا قد نجحنا بثورتنا ومعنا كل جماهير الرجاء في تغيير جلد الرجاء، فإننا سنبقى جندا له لحمايته من كل المتربصين والمرتزقة». هذا البلاغ في ذلك الوقت كان له ما بعده، لقد مثل منعرجا جديدا في الدور الذي تقوم به الإلترات، وللأسف الشديد فبدل أن تتحرك النيابة العامة وتقوم بدورها، فإن الجميع ظل يتابع كما لو أن هذا «الإرهاب» لايمثل أي خطر. اليوم، خرجت المديرية العامة للأمن الوطني لتقول إن ما وقع في مباراة فريقي الرجاء وشباب الحسيمة كان مفاجئا، وأن لا أحد كان يتوقع أن يشتبك فصيلين مساندين لنفس الفريق، في ما بينهما. هل يمكن لعاقل أن يقبل بمثل هذا التبرير، لقد كانت هناك عدة مؤشرات على إمكانية وقوع مثل ما حدث يوم السبت الماضي، وهنا كان المفروض توقع الأسوأ لا الركون إلى الاطمئنان الخادع. ثم إننا اليوم لا يجب أن نعتبر الإلترات وحدها أصل البلاء، فهناك أطراف كثيرة تساهم في الشغب وتغذيه، وكل طرف يتحمل جزءا من المسؤولية. مسألة أخرى تبدو على قدر كبير من الأهمية، وهي المتعلقة بملعب محمد الخامس، فهناك اليوم من يلوم فريقي الرجاء والوداد لأنهما تشبثا بإجراء مبارياتهما فوق أرضيته، وهذا خطأ كبير، فمن حق الفريقين أن يجريا مبارياتهما بالدارالبيضاء وسط جماهيرهما، لكن السؤال الأهم هو لماذا قامت السلطات بإغلاق الملعب في البداية، لتباشر الإصلاحات دون سابق إعلام، قبل أن تعود لفتحه من جديد، مع أنه كان بالإمكان الانتظار إلى غاية نهاية الموسم ليتم البدء في الإصلاحات. أما الأهم من كل ذلك فهو أن المنع وحده لا يمكن أن يكون حلا، وعلى الأصح عوض المنع يجب أن يتم توفير فضاء آمن لولوج الجمهور، فسواء كانت هناك إلترات أو لم تكن، مفروض أن يتحرك المغاربة باطمئنان. فالمغرب الذي ما فتئ يسوق صورة البلد الآمن، ليس مقبولا أن لا ينجح في تنظيم مباراة لكرة القدم.