سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صرخة تتكرر كثيرا في أوساط الموظفات: زوجي يمنعني من العمل رجل يرغم زوجته على الجلوس بالبيت لأنها تتقاضى راتبا أكبر من راتبه وآخر يستولي على راتبها ليسمح لها بالاستمرار في العمل
خاضت المرأة المغربية معارك طويلة من أجل الحصول على حقوقها، وتحقيق تطلعاتها و أحلامها، وهو ما مكنها من الاستقلال بشخصيتها وصنع نجاحها دون وصاية من الرجل. لكن بعض الأزواج يرفضون رؤية امرأة تحقق النجاح تلو النجاح ودون أن تخل بالتزاماتها الأسرية، فيخيرونها بلغة الآمر الناهي بين البيت والوظيفة، والنتيجة في غالب الأحوال امتثال الزوجة لطلب الزوج والتضحية بوظيفتها وراتبها ونجاحها الذي حققته في عملها. سميرة طبيبة ناجحة وأم تعرف كيف تجمع بين وظيفتها وبين التزامات بيتها. لكن زوجها كان له رأي آخر. تقول سميرة التي فضلت استخدام اسم مستعار: «تكبد والدي الكثير من المعاناة والمشاق من أجل أن أصل إلى مراتب متقدمة من التعليم الجامعي، إلى أن أصبح دكتورة أخصائية في طب الأسنان، بالرغم من أنني من أسرة فقيرة. وعندما تزوجت برجل من نفس مهنتي انهار مستقبلي المهني، لأنه أجبرني بعد إنجابي لطفلتي على التخلي عن عملي الذي قدمت الكثير من جهدي لكي أنجح فيه، وكانت حجته في ذلك أني فشلت في التوفيق بين البيت والعمل، رغم أن الزواج لم يعطلني عن أداء دوري كزوجة وأم وطبيبة ناجحة في عملها، وبمرور الوقت بدأت أفهم سر تصرفه هذا، وأصبحت مقتنعة بأن كل ما يقوله نابع من غيرته ليس إلا. لقد كان يستخف بعملي وفي الوقت نفسه يحاول إقناعي بأن وظيفتي تؤثر على التزاماتي العائلية، وهذا غير صحيح بتاتا.. الحقيقة أنني لم أكن أتصور أن الرجال يغارون من زوجاتهم إلا بعد معاناتي». أرغمني على المكوث في البيت بعد مرور أسبوعين فقط على الزواج نفس الألم تحمله نورة بين جنباتها والتي ترددت كثيرا في الإفصاح عما يعتمل بداخلها: «لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن زوجي الذي نال تعليما عاليا سيجبرني على التخلي على عملي، وأنا التي كنت أشتغل رئيسة قسم إداري في شركة خاصة، براتب جيد وامتيازات كثيرة تتمناها كل موظفة في سني الذي لا يتعدى الثلاثين. كنت ناجحة في عملي ومتفوقة، إلى أن تزوجت من محام، إذ لم تمر سوى بضعة أيام حتى أعلن زوجي عن رغبته في أن أتخلى عن مهنتي لكي أتفرغ له بالكامل، وأسهر على راحته، والاهتمام بالبيت مقابل راتب شهري سيمنحه لي بدلا من راتبي. لكنه لم يف بوعوده، وهذا ما يجعلني أتحسر على وظيفتي التي ضيعتها ونجاحي الذي حققته..لقد أكدت لي هذه الحادثة أن الرجل يشكل أكبر عقبة في طريق نجاح المرأة». حائرة بين زوجي وعملي بدأت حديثها بالتعبير عن حيرتها بسبب صعوبة الاختيار بين رغبة زوجها الملحة في ترك الوظيفة، أو التمسك بالعمل خوفا من تقلبات المستقبل. تقول ق,ت موضحة: «تزوجت عندما كنت أدرس في السنة الثانية من تكوين المعلمات، وبعد تخرجي تم تعييني بالبادية. ثم انتقلت بعد ذلك إلى قرية قريبة من مدينتي، وكنت أزور زوجي الذي يرفض عملي، في نهاية كل أسبوع، وكان ذلك يسبب لنا مشاكل كثيرة ناجمة عن تمسكي بالعمل، خاصة وأنه إطار كبير بشركة خاصة، ولا يحتاج إلى راتبي الشهري، لكني أحب عملي، والوظيفة بالنسبة لي كنز لا يفنى، وصمام أمان يحميني من تقلبات المستقبل، خاصة إذا تخلى عني زوجي الذي يصر على تركي للوظيفة وإنجاب الأطفال. ولذلك أنا حائرة وعاجزة عن الحسم في هذا الموضوع». يغار مني بسبب راتبي الكبير وتخالفها الرأي نعيمة التي لخصت معاناتها مع زوجها في أن راتبها كان أكبر بكثير من راتبه، حيث كانت تشتغل إطارا إداريا في شركة خاصة، وتوضح ذلك بالقول: «ألح علي زوجي كثيرا من أجل أن أتخلى عن وظيفتي بحجة أنه لا يعقل أن نشتغل معا في الشركة نفسها، فقدمت استقالتي من أجل البحث عن وظيفة في شركة أخرى، لكنه تراجع عن الاتفاق الذي حصل بيننا وخيرني بينه وبين الوظيفة، فوجدت نفسي مجبرة على الإذعان لرغبته، وبسبب ذلك أصبحت ربة بيت بعد تجربة عمل طويلة، وتفرغت فقط لتربية الأبناء والسهر على راحته التي غابت معها سعادتي». يأخذ نصف راتبي مقابل السماح لي بالعمل «الوظيفة تشعر المرأة بالاستقلال ماديا، إذا لم تخضع لابتزاز الزوج وشروطه».هكذا ابتدأت (ح.ل) حديثها مضيفة: «أعرف عددا من الزميلات لا يفعلن براتبهن ما يردن وأنا واحده منهن، فبعدما رفضت الخنوع لزوجي وترك وظيفتي كممرضة في مصحة خاصة، أصبحت مجبرة على الخضوع لأوامر زوجي الذي يطلب مني أن أمنحه قسطا كبيرا من راتبي، لدرجة أني أصبحت أشعر في كثير من الأحيان أني أوفر له راتبا إضافيا دون أن يبذل فيه أي مجهود، ومع ذلك لا أستطيع الاعتراض على ابتزازه لي بسبب الأولاد ورغبتي في الحفاظ على الأسرة، واستقرارها وضمان استمراريتها وتجنبا للمشاكل والنزاعات التي قد تتطور إلى الطلاق، وهذا ما أخشاه ولا أرغب فيه، رغم أنني أمقت اليوم الذي وافقت فيه على الزواج من هذا الرجل». رأي الدين : عمل المرأة ليس حراما طالما أنها لا تقصر في بيتها أكد مجموعة من علماء الأزهر أن عمل المرأة تقتضيه الفطرة والعقل والشرع، فهو أمر لابد منه، لكنه في المجالات المناسبة، فالعلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تكامل وانسجام وليست علاقة صراع وانتقام. أما دخلها فهو من حق الزوج لأن وقتها أساسا ملكا له، فإن كانت تشارك في مصاريف المنزل فلا يحق للزوج أن يقبضه ثم يعطيها، والمسألة في كل الأحوال بالمودة والرحمة. فليس بين الرجل وزوجته حساسية مفرطة، وإنما العبرة بالوفاء بمتطلبات البيت، وعليه فعمل المرأة ليس حراما مادام أنها لم تقصر في بيتها. رأي علم النفس : عمل المرأة أداة لتحقيق الذات وليس مجرد وسيلة لتأمين المال العقد شريعة المتعاقدين، فإذا اشترطت المرأة على زوجها قبل عقد قرانها عليه عدم التخلي عن عملها، فليس من حقه إرغامها على تركه بعد الزواج، لأن جل الأزواج يعدون نساءهم في مرحلة الخطوبة بوعود لا يقبلون بتطبيقها فيما بعد، والرجل العربي عموما معروف بسخائه ووعوده الكثيرة في مرحلة الخطوبة، لكنها سرعان ما تذهب أدراج الرياح، حينما يدخل الزوجان معترك الحياة بما لها وماعليها من حقوق وواجبات، وفي كثير من الحالات يطالب الزوج زوجته بترك وظيفتها بعد اختلاقه لأعذار قصد إقناعها، بالرغم من أنها لا تستسيغ الطلب، خاصة أولئك اللواتي يتوفرن على وظيفة تحقق لهن مكانة اجتماعية مرموقة، وبراتب كبير، فتقع الزوجة في حيرة من أمرها، ويصبح من الصعب عليها الاختيار بين بيتها ووظيفتها، خاصة في حالة وجود أبناء، مما يؤثر عليها نفسيا لأن العمل بالنسبة لكثير من النساء ليس فقط وسيلة لتأمين قسط من المال، بل أيضا لتحقيق الذات والاستقلالية عن الزوج، مما يسبب لها حالة من الاكتئاب وانعدام الثقة في النفس، والعزوف عن الممارسة الجنسية والرغبة الشديدة في الانتقام من الزوج بشتى الطرق، وأحيانا أخرى تختار المرأة التضحية بالحياة الأسرية واستقرارها لكي تحتفظ بوظيفتها بطلب الطلاق. ومن وجهة نظري، يجب على المرأة أن تضع الأسرة في مقدمة اختياراتها ولو على حساب وظيفتها التي تحقق لها راحة مادية ونفسية، ولكن شرط ألا يكون غرض الزوج من إجبار زوجته على ترك وظيفتها التسلط أو الإستقواء المادي والمعنوي عليها ومحاولة احتوائها بالكامل.