تنشغل النساء وخاصة الفتيات في مقتبل العمر بإيجاد الأجوبة للعديد من المشاكل الصحية التي تواجههن في حياتهن اليومية.البروفيسور خالد فتحي المختص في أمراض النساء والتوليد يجيب على هذه الأسئلة المحيرة. - سؤال : عمري 32 سنة حامل في الشهر الرابع مشكلتي أنني مدمنة كحول منذ المرحلة الجامعية. فهل أشكل خطرا بهذا السلوك على جنيني؟ وهل هناك مضاعفات محتملة بالنسبة إليه؟ خصوصا أنني أنتظر موعد ولادته بشغف بالغ لذا أرجو التطرق إلى هذا الموضوع من كل جوانبه وهل هناك قدر مسموح به من الكحول للحوامل؟ > المؤكد أنك لا تنشدين موعظة دينية من قبيل تذكيرك بأن الخمر محرمة بحمل أو بدون حمل وأنك تبحثين فقط عن إجابة علمية وافية تشفي غليلك حول هذا الموضوع وبالتالي تنقادين لرغبة غير واعية لديك للإقلاع عن هذه العادة السيئة متى تيقنت من مضارها ومن تأثيراتها الجانبية على جنينك أي أنك تبحثين عن الدليل العلمي بمناسبة هذا الحمل لتجنب الخمر. لذلك ينبغي أن تعرفي أن رأي وموقف الطب واضح بخصوص هذه المسألة فالأطباء يجمعون على أن الحامل تنتهك وتضر بحقوقها الصحية وبالحقوق الصحية لطفلها الآتي. فحتى في بلدان الغرب يقرون بهذه الحقيقة العلمية التي لم تعد سرا منذ أن تطرق لها بإسهاب العالم الفرنسي لوموان lemoine في 1968 وأعاد اكتشافها وشرحها العالم الأمريكي جوناسال سنة 1974 حيث ان هناك إجماعا على أن تسمم الجنين وراد كلما تجاوزت الحامل 3 أكواب من الكحول يوميا، هذا التسمم الذي يؤدي كما سنشرح لاحقا إلى مضاعفات عصبية خطيرة جدا. لذلك لا نستغرب إذا صرح أستاذ لامع كالبروفيسور داميان سابتيل damien sabtil بأنه « قد آن الأوان لضم الكحول إلى مجموعة المواد السامة التي تسبب تشوهات خلقية لدى الأجنة» الشيء الذي يفسر إقدام العديد من الأزواج بفرنسا مؤخرا على رفع دعاوى ضد الدولة الفرنسية لتقاعسها وتقصيرها في توعية الحوامل بمخاطر الخمر على صحة الجنين إسوة بما هو معمول به في بلدان أخرى. فماهي يا ترى هذه الآثار الجانبية ؟ بداية ينبغي أن نقر بأن إدمان الحامل للخمر قد يظل غالبا مجهولا من قبل الطبيب المتابع للحمل، كما أن متلازمة التسمم الكحولي للجنين تبقى بدورها غير معروفة خصوصا عندما تعوز طبيب الأطفال مثل هذه المهارة مما لا يمكن من رصد كل الحالات وبالتالي تحديد حجم هذه المشكلة. أهم الأعراض التي تنبئ بإصابة الجنين هي أولا تأخر نموه داخل الرحم. هذا التأخر الذي يهم بالخصوص العظام الطويلة ومحيط الرأس مما قد يؤدي إلى صغر حجم الرأس (Microcephalie) في الحالات المتقدمة. ثم هناك بعض التشوهات التي تصيب الوجه والمحيا والجهاز العصبي والجهاز الحركي والقلب بالإضافة إلى اضطرابات تهم حاسة البصر والسمع... الخ كذلك يعاني هؤلاء المواليد الجدد من تخلف عقلي ومن اضطرابات في السلوك وفي النطق والتركيز بالإضافة إلى اضطراب النوم وانعدام السكينة النفسية ومن تراجع معامل الذكاء وأحيانا من تدهور حاد للقدرات العقلية في الحالات المتطورة. لذلك ونظرا للمخاطر المحتملة، يجب على الحامل أن تقلع نهائيا وبتاتا عن تعاطي الكحول. لذلك يكون مهما معرفة هؤلاء الحوامل وثنيهن عن هذه العادة السيئة منذ الإرهاصات الأولى للحمل (خلال الاستشارة الأولى). لكن هذا الموضوع لا يحظى باهتمام أطباء الولادة الذين يتناسون طرح أسئلة من هذا النوع على مريضاتهم. بالنسبة للشطر الأخير من سؤالك فإنه لايوجد قدر مسموح به للكحول بالنسبة للحامل. فالحيطة والحذر تتطلب الإقلاع نهائيا عن تناول الخمر فالقاعدة الدينية التي تذهب إلى أن ما أسكر كثيره فقليله حرام تبدو ذات فائدة صحية قصوى بخصوص هذا الجانب وأخيرا لابد من القول إنه ربما لا يمثل الخمر مشكلة أو معضلة حقيقية بالنسبة للحوامل المغربيات نظرا للعمق الديني للمجتمع المغربي. ولكن في دول أخرى شرع الخبراء في ابتداع وسائل لمكافحة هذه الظاهرة على الأقل خلال مرحلة الحمل كالتفكير في تضمين كناش المرأة الحامل عبارات تفيد بأن الكحول تجتاز حاجز المشيمة وتقوم بتسميم خلايا الطفل بل هناك من يقترح وضع ملصقات صغيرة على قارورات الخمر تتضمن تحذيرات للحوامل من مغبة هذا السلوك على صحتهن وصحة الجنين الذي يحملن في أحشائهن. أرجو أن تساعدك هذه الحقائق العلمية على تصحيح سلوكك. وأن يكون هذا الجواب فرصة لك للقطع مع الخمر نهائيا. - أنا حامل في الشهر الثامن. مشكلتي أنني أعاني من الحرقة. مما يسبب لي الكثير من الإزعاج. هل لهذا العارض علاقة بحملي؟ وماهي الاحتياطات التي يتعين علي اتباعها؟ > الشعور بالحرقة أو ما يسمى بالفصحى الارتجاع المعدي مشكلة صحية تهم الكثير من الحوامل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة للحمل. تتمثل أهم الأعراض في الشعور بحرقة وراء عظم القفص الصدري مع صعود لسائل حامض إلى الفم (ارتجاع) وتعزى هذه العلامات إلى تضخم حجم الرحم بسبب نمو الجنين وضغطه بالتالي على المعدة مما يتسبب في نكوص إفرازات هذه المعدة إلى المرئ oesophage ومن ثمة إلى الفم خصوصا عندما تكون الحامل مستلقية على ظهرها أو منحنية نحو الأمام. يؤدي الارتجاع المعدي أحيانا إلى مضاعفة التهاب بطانة المرئ التي تؤدي إلى الشعور بحرقة أثناء ابتلاع أطعمة ساخنة أو ذات مذاق حلو أو حامض بل قد تتطور الأمور أحيانا إلى ضرورة عرض الحامل على الطبيب المختص في أمراض الجهاز الهضمي للخضوع لفحص منظاري (Examen endoscopique) وقد يترتب عن ذلك علاج خاص. بالنسبة للاحتياطات الواجب إتباعها في هذه الحالة فتتمثل في احترام عدد من القواعد كعدم التمدد مباشرة بعد الوجبات «وضرورة رفع الرأس قليلا عن مستوى السرير أثناء النوم في حالة الارتجاع الليلي Reflux nocturne والامتناع عن التدخين وتناول الكحول والمواد الدهنية. وكذا توزيع الأكل اليومي على عدة وجبات متفرقة صغيرة كما ينبغي وصف أدوية مضادة للحموضة لا تمتص أو يتم امتصاصها فقط بكميات قليلة من طرف الجهاز الهضمي وذلك بمقادير ولمدد معقولة يحددها الطبيب حسب شدة كل حالة على حدة. - عمري 36 سنة وحامل بطفلي الثالث حيث إنني الآن في الشهر السادس. كان وزن طفلي الأول 3000 (ثلاث كيلوغرامات) غرام عند الولادة. أما وزن الثاني فقد ناهز 4700 غرام (أربعة كيلوغرامات و700 غرام). يقول الطبيب بأن ذلك راجع إلى إصابتي بسكري الحمل. وأنه يجب أن أخضع لاختبار للكشف عن ارتفاع السكر خلال هذا الحمل أرجو أن توضحوا لي حالتي أكثر. > من حق الطبيب أن يرتاب في إمكانية إصابتك بالسكري من حمل لآخر رغم أن معدلات السكر قد تكون عادية لديك خارج هذه المرحلة من حياتك ودليله في ذلك هو ارتفاع وزن مولودك الثاني الذي فاق 4 كيلوغرامات وهذه خاصية ينفرد بها أكثر أطفال الحوامل المصابات بالسكري الحملي. سكري الحمل هو سكري يظهر خلال الحمل ويختفي بعده وهو إشارة إلى إمكانية إصابة المرأة في مقبل الأيام بسكري دائم من النوع الثاني غير المرتبط بالأنسولين. ذلك أن جسم بعض الحوامل يفشل في تثبيت معدل السكر بسبب التغيرات الفيسيولوجية المرافقة للحمل. مما يجعلنا نتنبأ بأن هذا الجسم قد يفشل مرة أخرى عندما يتقدم العمر في القيام بهذه المهمة ثانية ومن ثمة ارتفاع السكر لدى هذه المرأة دون حمل. نشك في سكري الحمل كلما توفر عنصر من العناصر التالية : • ارتفاع وزن الجنين • كثرة سائل النخط المحيط بالجنين • عسر ولادة سابق بسبب ارتفاع محيط الكتفين • موت الجنين داخل الرحم (حمل سابق) • تشخيص ارتفاع في السكر في حمل سابق • رصد تشوهات لدى الجنين معروف عنها أنها تترتب عن داء السكري • سمنة وإفراط في الوزن لدى الحامل • وجود إصابات بالسكري لدى أفراد عائلة الحامل لذلك، فإنه ينبغي لك الخضوع لهذه الاختبارات تفاديا للمضاعفات والتي سنتطرق لها مستقبلا في هذا الركن بالتفصيل تعميما للفائدة خصوصا وأن نسبة هذا السكري تهم 3 %من مجمل عدد الحوامل.