انطلقت شرارة حرب الأئمة المسلمين من مغاربة سبتة مجددا بين بعض الجمعيات المحسوبة على الحكومة المركزية بمدريد وفرع الحزب الشعبي اليميني بسبتة، وأخرى تتهم داخل وسائل الإعلام ومن بعض السياسيين الإسبان بولائها للمغرب وخضوعها لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب. الصراع الديني المحتدم أسفر حاليا عن توقيف بعض الأئمة من مغاربة سبتة، فيما قال العربي ماتييس، الذي يترأس اتحاد الجمعيات الإسلامية الإسبانية و«جماعة التبليغ»، أول أمس، لوسائل الإعلام إنه «يفكر في عقد ندوة صحفية يستدعي إليها الصحافة الجهوية والمركزية بالمغرب وأخرى إسبانية ومن العالم الإسلامي لتفسير الصراع الديني القائم بين طوائف إسلامية متعددة». لقد كشفت مراسيم تأدية شعائر صلاة عيد الفطر بسبتة عن انقسامات واضحة في تدبير الشأن الديني بالمدينة، فيما يقول مصدر مأذون رفيع المستوى بسبتة ل «المساء» إن «استقبال الملك محمد السادس في نطاق الدروس الدينية التي تلقى في حضرته خلال شهر رمضان، لرئيس الفيديرالية الإسلامية للهيئات الدينية في سبتة حامد محمد علي ولإمام مسجد عمر بن الخطاب في مليلية، عمر البوستاوي، اعتبر استفزازا خطيرا لحكومة سبتة ولثاباتيرو، وتحديا من المغرب للاستفراد بتدبير الحقل الديني بالمدينة». وإن الاستقبال الملكي لمغربيين من سبتة يعتبران من نشطاء الحقل الديني لقي امتعاضا من طرف مسؤولي المدينة باعتبارها «المرة الأولى التي يجتمع فيها الملك محمد السادس بعضوين بارزين تنظر إليهما إسبانيا والجمعيات الدينية المتصارعة بعين الحذر والريبة من ولائهما لإسبانيا التي يحملان جنسيتها». يقول المصدر الإسباني الرفيع المستوى والدي رفض الكشف عن اسمه. وعلمت «المساء» أن العربي ماتييس، الذي يترأس اتحاد الجمعيات الإسلامية الإسبانية و«جماعة التبليغ» سوف يوجه قريبا مذكرة اقتراحية إلى كل من بلدية المدينة وحكومتها يلتمس فيها منهما تقديم الدعم المالي من أجل تكوين أئمة آخرين جدد بمنأى عن المغرب وعن سيطرته على الحقل الديني. من جهتها أفادت مصادر أخرى بأن اتحاد الجمعيات الإسلامية الإسبانية يفكر في عقد اجتماع عاجل يضم كافة الجمعيات والطوائف الإسلامية بسبتة بهدف تحديد موقفها من هيمنة المغرب على الحقل الديني وكذا للاطلاع على مدى «وفاء» البعض منهم للإستراتيجية الدينية الإسبانية في هذا الشأن. «الغرض من هذا الاجتماع هو معرفة موقف كل جمعية، وخاصة القادة الدينيين وحول الأئمة الذين هم على استعداد لمواصلة الانصياع لإملاءات المغرب ولأوامر المجلس العلمي بعمالة المضيق- الفنيدق الذي يشرف عليه إسماعيل الخطيب. ويطالب أعضاء اتحاد الجمعيات الإسلامية الإسبانية مندوبية الحكومة بالعمل على خفض وتقليل حجم الدعم المادي للجمعيات الإسلامية الأخرى من ضمنها «الفيديرالية الإسلامية للهيئات الدينية»، مقابل تشجيع الجمعيات الأخرى الناشطة بمسجد «سيدي مبارك» وغيرها، على اعتبار رفض وصاية المغرب عليها. واحتج المصدر على رفض مندوبية الحكومة وبلديتها تقديم منح دراسية لعدد من الشبان الأعضاء في جمعية اتحاد الجمعيات الإسلامية الإسبانية، من أجل استفادتهم من تكوين في الشريعة الإسلامية بكل من المدينةالمنورة والرياض بالمملكة العربية السعودية وبكليات الشريعة بالقاهرة، وهي«جامعات معروفة بتوجهها الديني وفكرها الوهابي السلفي». وهو نفس الأمر الذي سبق وأن حذر منه مدير المخابرات العسكرية المغربية ياسين المنصوري، في لقاء بجزيرة مايوركا، حيث احتج على نظيره الإسباني ألبيرتو سايث، مدير مركز المخابرات الوطنية حينها، إذ نبهه إلى تزايد ارتفاع التيارات الإسبانية الخارجة عن وصاية الرباط. وأكد المنصوري في اللقاء ذاته لسايث على ضرورة «الحفاظ على التعاون الشامل مع إسبانيا في ملف مكافحة الإرهاب»، كما حذر حينها السلطات الإسبانية من «اللعب بالنار» في مدينة سبتة، وإن كان بدرجة أقل في مليلية، وفقا لمصادر من الاستخبارات كشفت عن فحوى ما دار في اللقاء. إن مناورة فك الارتباط بين مسلمي مدينة سبتة عن وزارة الشؤون الدينية بالمغرب وبين المذهب المالكي المعتمد فيها سوف تدفع بمسلمي سبتة نحو حركات مثل حركة الدعوة والتبليغ أو الإخوان المسلمين. أضاف حينها المبعوث المغربي، أنهما تياران لهما مرجعية هندية ومصرية حيث تأطر فيهما عدد كبير من المتطرفين، تمهيدا للجهاد، يحذر رئيس لادجيد. وكانت مراسيم تأدية شعائر عيد الفطر لهذه السنة النقطة التي أفاضت كأس الصراع الديني الإسلامي بسبتة، حيث صلت كل جماعة لوحدها في أماكن متفرقة، ما أثار الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسبانية التي عجزت عن التوصل إلى حل بين الأطراف الإسلامية المغربية المتنازعة فيما بينها على الحقل الديني بالمدينة.