اعترف عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بأن ما قام به النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي من إرسال رسالة إلى السفارة الفرنسية بشأن الحالة الصحية للمستشار الجماعي نور الدين بوبكر «خطأ جسيم»، موضحا أن حزبه يرفض بشكل مبدئي وتحت أي مبرر مثل هذه المبادرات التي تخالف مبادئ الحزب. وأكد بنكيران خلال لقاء حزبي عقده صباح أمس وسط العاصمة الرباط مع المستشارين الجماعيين الجدد أن أفتاتي لم يستشر ولم يخبر أي واحد من الحزب بمبادرته، وهو ما جعله يقدم استقالته موضحا أن أفتاتي استقال من هيئات تسيير الحزب فقط. وأضاف الأمين العام قائلا: «لقد طلبت من وزير الداخلية خلال لقائي به مراجعة ملفي وأخبرته بأنني مستعد لتقديم استقالتي من الحزب إذا ما وجد فيه رسالة مني أشكو فيها أمرا ما إلى هيئة أجنبية حتى ولو كانت هيئة حقوقية». وحول تداعيات الرسالة قال بنكيران: «أعتقد أن المشكل قد يكون انتهى باستقالة أفتاتي، لكني أقول للأحزاب التي سارعت إلى إصدار بيانات مستنكرة: بشوية عليكم»، مضيفا: «اعترافنا بالخطإ، وتحملنا المسؤولية باستقالة السيد أفتاتي الذي نقدر فيه شجاعته وإخلاصه، يجعلنا نتحدى العديد من المسؤولين بالاستفادة من الدرس وتقديم استقالاتهم بسبب الأخطاء الكثيرة التي ارتكبوها ويرتكبونها». ووصف الأمين العام للحزب المعارض ما جرى خلال تشكيل بلدية وجدة ب «الفضيحة» وب«الفلم المرعب»، وقال: «لقد أخذت منا وجدة بالقوة وتم الاعتداء على مستشارينا، وتم التآمر علينا، لكننا صامدون»، وطالب وزير الداخلية بإرسال لجنة تحقيق للبت في ما جرى بوجدة على غرار اللجنة التي أرسلت إلى مدينة مراكش. واستنكرت عدد من الهيئات الحزبية والحكومية المبادرة التي أقدم عليها أفتاتي واصفة إياها ب «التصرف اللامسؤول». وعبر مكتب مجلس النواب في بلاغ له أول أمس السبت عن شجبه «للتصرف اللامسؤول الصادر عن أحد قياديي حزب العدالة والتنمية، واصفا إياه ب «السابقة المشينة التي تمس بحرمة المؤسسة النيابية». وأعرب المكتب عن استيائه من هذا السلوك المنافي لروح الغيرة الوطنية الصادقة والمواطنة الحقة. وشدد مكتب مجلس النواب على «تشبث كافة أعضاء المجلس بالولاء الخالص والدائم لمقدسات المملكة وثوابتها وسيادتها، والتزامها الراسخ بدستور المملكة ومؤسساتها، الضامنة لممارسة الحقوق وأداء الواجبات، وبضرورة احترام الجميع لسمو القانون ولضوابط العمل البرلماني البناء وأخلاقيات الممارسة السياسية المسؤولة». وجاء بلاغ مكتب مجلس النواب يوما بعد إصدار الحكومة بدورها يوم الجمعة الأخيرة بيانا عبرت فيه عن رفضها لما قام به أفتاتي، وقالت إن هذا «التصرف اللامسئول يمس الشعور الوطني الذي دأب على احترامه الجميع»، مضيفة أن «مساعي السيد عبد العزيز أفتاتي لدى السلطات الفرنسية غير مقبولة وغير مبررة بتاتا؛ حيث إن الموضوع يتعلق بانتخابات وطنية لا تهم إلا الشعب المغربي». وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه وزير الداخلية شكيب بنموسى بقوله في بيان يوم الجمعة 17 يوليوز الجاري إن «سلوك السيد عبد العزيز أفتاتي جاء ليعبر مرة أخرى عن التناقضات التي تتسم بها مواقف حزب العدالة والتنمية، خاصة في ما يتعلق بالاحترام الواجب للمؤسسات الوطنية التي يجب أن تبقى في منأى عن أي تدخل أجنبي». واستدعى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري من جهته يوم الجمعة الأخيرة سفير فرنسابالرباط، جون فرانسوا ثيبو، «ليتداول معه بشأن الطابع غير اللائق للتحرك» الذي قام به النائب أفتاتي.وشددت وزارة الشئون الخارجية في بيان لها على أن «هذه المراسلة ليست مقبولة ولا معللة بأي حال من الأحوال، سواء على الصعيد السياسي أو الأخلاقي»، مضيفة أن «الجنسية الفرنسية التي يحملها السيد بوبكر لا يمكنها أن تشكل حجة وتعلل أي حماية أجنبية فيما يتعلق بانتخابات وطنية وداخلية». وندد حزب التجمع الوطني للأحرار من جانبه بما قام به أفتاتي «من تصرف لا يليق بمواطن غيور على بلاده، وذلك باللجوء إلى هيئة دبلوماسية أجنبية ومطالبتها بالتدخل في شؤون داخلية تتعلق بالسيادة الوطنية». وبخصوص علاقته المتوترة مع حزب الأصالة والمعاصرة، شن بنكيران من جهة ثانية هجوما لاذعا على حزب الهمة واتهمه بمحاولة «السطو» على مجالس عدد من المدن التي استطاع الحزب أن يحقق فيها نتائج إيجابية، وكان يستعد لتسييرها رفقة حلفائه داخل الأحزاب الأخرى. وقال بنكيران إن حزب الأصالة والمعاصرة وبعدما وجد نفسه خارج التحالفات التي كان من المفترض أن تسير المجالس في أغلب المدن «نظم الندوة الصحافية المعلومة ودعا الأحزاب المرتبطة به أو التي تشبهه لكسر التحالف معنا والانضمام إليه». وأضاف غاضبا «لكن للأسف لم يقف الأمر عند الدعوة بل حاول هذا الحزب بكل الوسائل اغتصاب تحالفاتنا والسطو عليها في مدن منها طنجة ومكناس وبني ملال وتمارة». ووسط تصفيقات الحاضرين، صرخ بنكيران بأن حزبه «لن يستسلم أمام كل محاولات التشويش» التي يشنها الخصوم، ورحب بسعي حزب الهمة لمقاضاة حزبه أمام المحاكم وقال «نحن نرحب بهذه الخطوة ومستعدون لها، وأقول للجميع حزب العدالة والتنمية حزب اختار العمل لأجل مصلحة البلاد ولن نسلم لمن يريد أن يفعل الأفاعيل بالمواطنين، وقد عشنا فيما سبق تجربة المحاكم وتجارب أخرى غيرها، ولا مانع عندنا من تكرار التجربة». وكان أفتاتي قد بعث برسالة إلى السفارة الفرنسية بالرباط يوم 5 يوليوز الجاري يشرح فيها الحالة الصحية للمستشار الجماعي نور الدين بوبكر الذي يحمل الجنسية الفرنسية، بعدما ألحت عائلة الضحية الذي دخل في غيبوبة دامت حوالي أسبوع إثر تعرضه للضرب من طرف قوات الأمن قبالة بلدية وجدة أثناء تشكيل مجلس بلدية المدينة يوم 3 يوليوز الجاري. واستنكر بلاغ لوزارة الداخلية بشدة سلوك من أسماهم «نوابا منتسبين للعدالة والتنمية يوم 13 يوليوز الجاري» و قال البيان إن تصريحات ومواقف نواب من الحزب تعدت حدود البرلمان والإعلام الوطني لتصل إلى «جهات أجنبية».