فاز الشاعر العراقي سعدي يوسف بجائزة الأركانة التي ينظمها بيت الشعر بالمغرب، و ذلك على ضوء اجتماع لجنة التحكيم الذى عقد مؤخرا برئاسة الناقد صبحي حديدي وسيتم تسليم درع وشهادة الجائزة للشاعر العربي الكبير سعدي يوسف في حفل شعري كبير ينظم يوم 24 أكتوبر 2009 بمسرح محمد الخامس بالرباط. أفاد بيان صادر عن بيت الشعر بالمغرب، توصلت «المساء» بنسخة منه، أن لجنة تحكيم جائزة الأركانة العالمية للشعر التي يمنحها هذا الأخير بشراكة مع مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، قررت بإجماع في اجتماعها المنعقد يوم 23 يونيو برئاسة الناقد صبحي حديدي (سوريا/باريس)، وعضوية: منصف الوهايبي (شاعر/تونس)، محمد الغزي (شاعر/تونس)، بنعيسى بوحمالة (ناقد/المغرب )، حسن نجمي (شاعر/المغرب) ونجيب خداري(شاعر/المغرب). منح الجائزة في دورتها الرابعة للشاعر العربي الكبير سعدي يوسف (العراق). عن هذا التتويج يقول نجيب خداري، في تصريح ل«المساء»: «لقد تم اختيار سعدي يوسف من ضمن مجموعة من الأسماء الشعرية العالمية، التي تم التداول في شأنها من طرف لجنة التحكيم، باعتباره من الأهرامات الشعرية التي تمكنت من صياغة تجربة شعرية عميقة أثمرت، إلى جانب مجموعة من الأسماء الشعرية العربية، انفتاح القصيدة العربية على الأفق العالمي، وبتطوير دوالها ومحكياتها، موثقة لليومي وللتفاصيل العابرة. وأضاف خداري قائلا: «لقد ظل سعدي يوسف مواظبا على التجديد والعطاء ليؤسسس منجزا شعريا ثريا ومديدا يتميز بعمق الرؤية والقيمة الإبداعية المضافة». وأشار خداري إلى أن الجائزة هي في الآن نفسه تحية خاصة من بيت الشعر لهذا الشاعر الذي يعد واحدا من أصدقاء البيت، الذين حضروا تأسيسه، واستمرت صداقته للمغرب وشعرائه وقتا طويلا. وقال نجيب «إننا سعداء لأن الجائزة حددت سقفا عاليا لاشتغالها، وهي مازالت تواصل اشتغالها داخل ذلك السقف الذي يلتفت بشكل عميق للتجارب الإنسانية في الشعر العالمي الراهن. هذا وقد استحضر البيان الصادر عن لجنة التحكيم مسوغات فوز سعدي بهذه الجائزة، بالقول: و«الأركانة» ترسو، في دورتها الحالية، عند سعدي يوسف فإنّما هي تسدي قسطا من مديونيّة معنوية طائلة لشاعر محنّك، فطن، ومبتكر لا يمكن التّطرق إلى الشعرية العربية المعاصرة واستثارة كبريات قضاياها وأسئلتها.. سيروراتها وتمفصلاتها.. بمعزل عن استحضار البصمة القوية والنوعية التي كانت له، هو بالذات، في هذا الشأن: معاجم وتوليفات.. موضوعات وتلوينات.. وأخيلة وتمثّلات، الشيء الذي تعبّر عنه دواوينه الشعرية المتوالية ويشكّل، دون شك، قيمة إبداعية مضافة. فضلا عن نقولاته المتميزة والمثمرة، إلى العربية، لمدوّنة مكتنزة تقترح نصوصا ومتونا أساسية في الشعر والسرد العالميّين». وأضاف نفس البيان «لعل ما يستحق التأمّل في المشوار الشعري لسعدي يوسف هو اقتداره الذاتي ليس فقط على مبارحة موقف الاحتراز، وذلك بأثر من اعتناقاته الإيديولوجية والجمالية في مطلع خمسينيات القرن الماضي، على شعرية الريادة التي نهض بها رعيل من الشعراء العراقيين سبقوه بسنوات قليلة لا غير، والتحول، بعدها، إلى عقيدة التجديد الشعري، بل وعلى تطوير أدواته وتوسّلاته، من ديوان إلى آخر، متنصّلا من أيّما مهادنة تصوّرية أو تقاعس كتابي قد يثبّتان مشروعه الشعري عند النقطة التي كثيرا ما انتهى إليها العديد من فرقاء المجال الشعري العربي الراهن. وإذ استجاب، عن تبصّر، لما يمليه عليه هذا المتطلّب الصعب من جهد وعنت خوّل له، في المقابل، أن يصبح، وعن استحقاق، واحدا من أبرز أصوات ومرجعيات النادي الشعري العربي الحداثي وأن يتخطّى، تلقاء ذلك، تحرّجات البداية التي استحكمت في أعماله الشعرية الباكرة، مثل «أغنيات ليست للآخرين»، «القرصان»، و«51 قصيدة»، ريثما يمسك بالنّواة الصلبة لهويته الشعرية المتفرّدة بدءا من «النجم والرّماد» و«نهايات الشمال الإفريقي» و«بعيدا عن السماء الأولى» و«الأخضر بن يوسف ومشاغله» و»تحت جدارية فائق حسن» و«خذ وردة الثلج، خذ القيروانية»؛ وصولا إلى أعماله المتأخرة، مثل «صلاة الوثني» و«الخطوة الخامسة» و«حفيد امرئ القيس» و«الشيوعي الأخير» و»قصائد نيويورك» و«قصائد الحديقة العامة».. وفي المسافة المترامية، الشّاقة والمكلّفة دون شك، كان أن أخذت في الارتسام والتعيّن القسمات العريضة لبرنامج تعبيري يقوم على لغة ذات نكهة مستجدّة.. على موالاة مفردات اليومي ومنفصلاته وتشظّياته.. كإبدال للمنازع الميثولوجية والماورائية والباطنية التي تزخر بها المدوّنة الشعرية العربية من تمجيد أمكنة الحياة الجارية والارتقاء باستعاريّة أفضيّتها التحتيّة والمرذولة.. على استدماج ذوات وجموع هشّة ومنذورة للحاجة والغبن ورتوب المعيش في صميم الممكن الشعري الخلاّق.. على ابتناء محكيات وتداعيات أصيلة، توضّعات ومفارقات جاذبة.. وهو ما يجعل من تجربته الشعرية محفلا لتفاعلات وجودية وخبرات رؤياوية دالّة تضفي عليها لمسته التخييليّة الرشيقة طابعا تاريخيا ملحميا متعاليا. الشاعر سعدي يوسف من مواليد مدينة البصرة سنة 1934. بعد حيازته لشهادة الإجازة في الآداب، عمل بالتدريس والصحافة الثقافية. غادر العراق في سبعينيات القرن الماضي متنقلا بين عدة دول عربية وغربية، ليستقر منذ سنة 1999 ببريطانيا. أصدر سعدي على مدى ستة عقود العديد من الدواوين والمجاميع الشعرية، كما قام، من جهة أخرى، بترجمة أعمال كبار شعراء العالم إلى اللغة العربية. من بين أهم أعماله الشعرية: - قصائد مرئية (1965) - نهايات الشمال الإفريقي (1972 ) - الأخضر بن يوسف ومشاغله (1972) - كيف كتب الأخضر بن يوسف قصيدته الجديدة (1977) - قصائد أقل صمتاً (1979) - خذ وردة الثلج، خذ القيراونية (1987) - إيروتيكا (1994) - حانة القرد المفكر (1997) -الشيوعي الأخير يدخل الجنة (2007) في الترجمة: - أوراق العشب، والت ويتمان (1979) - وداعاً للإسكندرية التي تفقدها، كافافي (1979) - إيماءات، يانيس ريستوس (1979) - الأغاني وما بعدها، لوركا (1981 ) - سماء صافية، أونغاريتي (1981) حاز الشاعر سعدي يوسف العديد من الجوائز الأدبية والشعرية الرفيعة: جائزة سلطان العويس، الجائزة الايطالية العالمية، وجائزة (كافافي) من الجمعية الهلّينية، جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ (2005)، جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا (2008). وسيتم تسليم درع وشهادة الجائزة للشاعر العربي الكبير سعدي يوسف في حفل شعري كبير ينظم يوم 24 أكتوبر 2009 بمسرح محمد الخامس بالرباط.