لفظ أحد ضحايا المجزرة الدموية، التي كان قد شهدها السجن المركزي بالقنيطرة الأحد الماضي، أنفاسه متأثرا بجروحه البليغة التي كان قد أصيب بها جراء الاعتداء الذي تعرض إليه، رفقة خمسة آخرين من موظفي السجن، من طرف سجين محكوم عليه مرتين بالإعدام. ولقي حارس السجن «محمد زاهير»، الذي يشغل منصب رئيس حي الإعدام حيث توجد زنزانة الجاني، حتفه صباح أمس الأربعاء، بعد خضوعه، بداية هذا الأسبوع، لعملية جراحية مستعجلة على مستوى الدماغ بالمركب الجراحي في المستشفى الإدريسي بالقنيطرة، لم يكتب لها النجاح. وانتقلت عناصر الشرطة القضائية التابعة للأمن الولائي بالقنيطرة، مباشرة بعد إشعارها بهذه الوفاة، إلى المركز الاستشفائي لمعاينة جثة الضحية والشروع في مباشرة تحقيقاتها من جديد، على ضوء المعطيات المستجدة، هذا في الوقت الذي حلت فيه فرقة من المحققين الأمنيين، أول أمس الثلاثاء، بالسجن المركزي، واستمعت إلى إفادات معتقلين بحي الإعدام، كان مرتكب المجزرة قد قام بإضرام النار في زنزانتيهما وأحرق جميع محتوياتهما، انتقاما منهما لمساعدتهما حارسي السجن، يوجدان ضمن قائمة الضحايا، على الفرار، أثناء تنفيذه لحادث الاعتداء. وأوضحت نفس المصادر أن المستجوبين، أحدهما محكوم عليه بالإعدام والآخر بالسجن المؤبد، أدليا بشهادتيهما في الموضوع، واللتين أفادا من خلالهما بأن الجاني ظل، طوال الفترة الأولى من الفسحة، يوزع الماء البارد على باقي السجناء، باعتباره كان يتوفر على ثلاجة داخل زنزانته، قبل أن يبادر، فجأة، إلى اقتحام مكتب حراس حي الإعدام الثلاثة، والاعتداء عليهم. وقال المتحدثون إن مصالح الأمن أرجأت الاستماع إلى الضحايا من موظفي السجن، ريثما تتحسن أوضاعهم الصحية والنفسية، فيما علمت «المساء» بأن تقريرا أوليا بخصوص المعطيات المتوفرة حول هذا العمل الإجرامي قد تم وضعه على مكتب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، يتضمن تصريحات الجاني ودواعي ارتكابه لهذه المذبحة، وكذا إفادات السجين الذي كان محتجزا من طرفه، قبل أن يطلق سراحه بعد مفاوضات ماراطونية قادها مسؤول قضائي، إضافة إلى شهادات بعض الشهود الذين كانوا يتواجدون وقتها بمسرح الجريمة، هذا في الوقت الذي من المنتظر فيه أن تحل لجنة من المفتشين، تابعة للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالسجن المركزي، قصد مباشرة تحقيقاتها، هي أيضا، للكشف عن ملابسات هذه المجزرة. وفي موضوع ذي صلة، أكدت مصادر «المساء»، أن موظفي السجن المركزي، الذين أضحوا عرضة لتهكمات وتحرشات بعض السجناء عقب هذا الحادث، خاصة بعد شيوع خبر ترحيل «ابراهيم الحسنية»، منفذ الاعتداء، إلى السجن المحلي بسلا، نزولا عند رغبة هذا الأخير، شجبوا بشدة، صباح أول أمس، الظروف التي يتلقى فيها ضحايا هذا الاعتداء العلاج، ونظموا وقفة احتجاجية بالقرب من مكتب مدير المؤسسة السجنية للمطالبة بنقل الضحايا إلى مصحة خاصة وإخضاعهم للعناية اللازمة، وهو ما استجاب له، على الفور، حفيظ بنهاشم، المندوب العام لإدارة السجون، الذي كان قد زار، الاثنين الماضي، الجرحى بالمستشفى الإدريسي بالقنيطرة، قبل أن يعطي أوامره لمدير السجن المركزي بإيداع الموظفين المصابين بمصحات خاصة.