فرضت الإدارة العامة للوقاية المدنية على كل العاملين بهذا المرفق أن يقضوا فترات النقاهة والعطل المرضية داخل ثكنات الوقاية المدنية، وهو الأمر الذي خلق استياء لدى عناصر الوقاية المدنية. وقد وردت هذه التعليمات في مذكرة للإدارة العامة للوقاية المدنية، مؤرخة ب 9 مارس 2009، بعثت بها إلى جميع رؤساء الأقسام والمصالح ومدير مدرسة الوقاية المدنية وكل المسؤولين الجهويين والإقليميين والمحليين للوقاية المدنية وقائد وحدة التدخل. وتفرض المذكرة على كل العاملين بالوقاية المدنية قضاء فترة العطلة المرضية داخل الثكنات «نتيجة العدد الكبير للغياب عن الخدمة لأسباب مرتبطة بالصحة». وتنضاف هذه التعليمات إلى سلسلة من المشاكل التي يعانيها أفراد الوقاية المدنية من قبيل حرمانهم من الحصول على جوازات السفر ومن الحصول على شهادة العمل وتأسيس جمعية تدافع عن أوضاعهم المادية والمعنوية وعدم تفعيل المادة 35 من القانون الأساسي للوقاية المدنية والمتعلقة بالتعويض عن الساعات الإضافية، فضلا عن هزالة الأجور التي يتقاضونها. وجاء في البند الأول من المذكرة، التي تملك «المساء» نسخة منها، أن فترة المرض يجب أن يقضيها العامل بالوقاية المدنية داخل الثكنة باستثناء وقوع حادث يتعرض له العامل خلال تأدية عمله أو في الحالة التي يكون فيها في المستشفى أو في حالة الحصول على ترخيص حصري من قبل طبيب الوقاية المدنية. وطلبت المذكرة الموقعة من طرف عبد الكريم اليعقوبي، المفتش العام للوقاية المدنية، من جميع المسؤولين بالوقاية المدنية أن يستعرضوا ويناقشوا بداية كل شهر هذه التعليمات وتعلق بالثكنات. وفي حالة عدم احترام هذه الإجراءات، تعتبر كل فترة مرض لا يتم قضاؤها بالثكنة بمثابة انقطاع عن العمل خلال مدة المرض، وبالتالي اقتطاع الأيام التي لم يشتغل فيها العامل. ويتعين على المسؤولين الجهويين والإقلميين والمحليين للوقاية المدنية أن يبعثوا برسائل إلى الإدارة العامة يخبرونها فيها بأن العاملين بالوقاية المدنية يحترمون هذه التعليمات أو لا يفعلون. وبلهجة تهديدية واضحة، حذرت المذكرة في البند الرابع من كل إخلال بهذه التعليمات. وجاء فيها أن حملات مراقبة ستتم بشكل فجائي في هذا الإطار، وكل إخلال بهذه التعليمات ستعرض المسؤولين ل «عقوبات شديدة» لم توضح المذكرة طبيعتها. ومن جهتها أكدت الإدارة العامة للوقاية المدنية في اتصال مع «المساء»، وجود تلك المذكرة واعتبرت أنها أصدرتها «حرصا على عدم التلاعب بالشواهد الطبية والتملص من الواجب المهني الذي يفرضه نبل هذه المهنة». وأوضح المصدر ذاته أنه نظرا للارتفاع الذي لوحظ في عدد الشواهد الطبية المقدمة من طرف موظفي الهيئة الوطنية للوقاية المدنية وتعطل سير العمل بسبب هذه التغيرات المتكررة، باشرت لجنة تابعة للوقاية المدنية تستمد صلاحيتها من القانون حملة لمراقبة الجنود المرضى بمساكنهم، واتضح لها أن «أغلبيتهم لا يبرحونها، بل اتخذوا هذه الشواهد مجرد مطية لقضاء مآرب أخرى بعيدة كل البعد عن المرض». وأضاف المصدر ذاته أنه لهذا السبب قامت بإصدار مذكرة مصلحية تفرض على كل موظف أدلى بشهادة طبية المكوث داخل الثكنة خلال فترات تتراوح ما بين 24 و72 ساعة وذلك تحت الإشراف الطبي وتتبع الحالة الصحية من طرف أطباء وممرضي الوقاية المدنية، بالإضافة إلى إمدادهم بالأدوية، باستثناء الحالات المرضية الشديدة التي يرخص فيها طبيب الوقاية المدنية بمغادرة الثكنة.