يرى يونس النعومي، رئيس جمعية حركية الشباب في حوار مع «المساء»، أن الشباب المغربي قادر على المساهمة في التغيير الإيجابي العام الذي تعرفه البلاد. وأضاف النعومي أن القيادة المدرسية مرتبطة بإعطاء زمام الأمور للتلميذ ومحاولة دعمه لأخذ المبادرة داخل فضاء المؤسسة التعليمية.. - كيف جاءت فكرة إطلاق جمعية «حركية الشباب»؟ < تأسست جمعية «حركية الشباب»، وهي منظمة شبابية، في الثامن من أكتوبر 2000 بمنطقة حي السككيين شارع مولاي إسماعيل بالدارالبيضاء، والتي تقع في تقاطع ثلاث جماعات محلية مما ساهم في تهميشها لدرجة عدم إدراجها في خانة الاستفادة من أغلب الخدمات الرئيسية. الجمعية هيئة مستقلة مسيرة من قبل الشباب وتهتم بالشباب والأطفال بهدف إشراكهم في التنمية، وتحاول جمعية حركية الشباب النهوض بأوضاع الشباب عبر صقل المواهب والقدرات في ميدان التسيير عبر المشاريع الثقافية والتربوية والرياضية، وذلك من أجل بناء مجتمع شبابي متجدد على وعي تام بواجباته قبل حقوقه، وقادر على المساهمة في التغيير الإيجابي العام، والذي يجب أن يكون هو الهدف المنشود لكل المؤسسات التنموية. - تعملون على خلق وسائل اتصال جديدة في التعامل مع الشباب، كيف ذلك؟ < جمعية حركية الشباب ومنذ ما يقارب تسع سنوات جاءت بفكرة كانت رائدة سنة 2000، فقد اعتمدنا أسلوب المشاركة الفعلية للشباب في إدارة شؤون الجمعية، الشيء الذي أعطى نخبة قادرة اليوم على إدارة المشاريع وتتبع مخطط التنمية الذي رسمناه كمؤسسين للجمعية، بالإضافة إلى المشاركة فقد وظفنا الوسائل المتاحة من أجل إدماج الشباب في الشأن العام ولو على مستوى الحيز الجغرافي الذي نشتغل به، وتبقى الوسيلة غير العادية في تحقيق هذا الإدماج هي الرياضة، فالرياضة تظل وسيلة جد فعالة في التواصل مع فئة الشباب، وللأسف لازال ينظر إلى الرياضة ببلدنا كوسيلة إلهاء أكثر منها وسيلة تربية وتثقيف، ولعل مبادرة خبراء الأممالمتحدة بجعل سنة 2005 سنة دولية للرياضة لدليل على فعالية هذه الوسيلة في تحقيق التنمية وإدماج الشباب على المستوى العالمي. - أطلقتم ورشات المستقبل داخل العديد من المؤسسات التعليمية، ما هي أهداف هذا المشروع؟ < الأمر يتعلق ببرنامج المستقبل للمؤسسات التعليمية، ويأتي في إطار استمرارية أجندة عمل الجمعية، بداية ببرنامج «صوت لدعم مشاركة الشباب في الانتخابات» ثم برنامج المستقبل في نسخته الأولى على مستوى مدينة الدارالبيضاء لنصل إلى برنامج «المستقبل» على المستوى الوطني بدعم من مبادرة الشرق الأوسط الكبير، ويشمل برنامج هذه السنة ست مدن مغربية بشراكة مع ست نيابات تابعة لوزارة التربية الوطنية واثني عشرة جمعية محلية. برنامج المستقبل يهدف إلى صقل مواهب التلاميذ النشيطين داخل مؤسساتهم التعليمية باتباع وسائل عديدة في تقييم المشاركة التلاميذية كعامل رئيسي في تطوير الحياة المدرسية داخل المؤسسات. - كيف تلامسون تجاوب التلاميذ مع الأنشطة التي تشرفون على تنظيمها؟ < الاشتغال داخل المدرسة المغربية هو قبل كل شيء واجب ورد لجزء من الجميل بالنسبة لنا نحن خريجي المدرسة المغربية العمومية، وحين نرى التفاف نخبة من التلاميذ بكل المؤسسات التي اشتغلنا بها منذ 2007 نحس بالفخر والاعتزاز ونوع من الاطمئنان على مستقبل النخبة بين قوسين السياسية أو على الأقل النخبة المؤهلة للاهتمام بالشأن العام فأكثر من 21 ألف تلميذ استفادوا من برامج الجمعية، هذا العدد إن دل على شيء إنما يدل على التجاوب غير العادي للتلاميذ، خاصة في الشق المتعلق بالعملية التدريبية على مراحل العملية الانتخابية، من التزكية والترشيح إلى يوم الاقتراع وإعداد المحاضر النهائية للنتائج ثم إعلان النتائج، مرورا بعملية التسجيل في اللوائح الانتخابية. - ما الذي تقصدون بمبدأ «القيادة المدرسية» التي تنظمها جمعيتكم؟ < بغض النظر عن المفهوم الأكاديمي للمصطلح، القيادة المدرسية من المنظور الذي نشتغل به في إطار برنامج المستقبل للمؤسسات التعليمية هي توفير الحافز أو المحفز لتلاميذ المؤسسات التعليمية الشريكة في البرنامج من أجل الوصول إلى نتائج أحسن مما يحققونه في المعتاد، بالإضافة إلى توفير الآليات لإبراز بعض أوجه الإبداع التلاميذي الذي يجب أن يتعدى ملاِزمة الدروس والامتحانات. القيادة المدرسية إذن هي مرتبطة بإعطاء زمام الأمور للتلميذ ومحاولة دعمه لأخذ المبادرة داخل فضاء المؤسسة التعليمية وجعله اللاعب الأول في الحياة المدرسية، و بالضرورة هذه العملية لا يمكن أن تتم من دون انخراط تام لكل المكونات الداخلية و الخارجية للمدرسة المغربية. - كيف ترون مظاهر الأزمة التي يعرفها القطاع التعليمي بالمغرب؟ < بالنسبة إلينا، ومن خلال الممارسة ولمدة ثلاث سنوات داخل المدرسة المغربية، القطاع التعليمي يعرف أزمة جودة ليس إلا، كما ينقصه التجديد والانفتاح والإبداع بطبيعة الحال، فانزواء الجسم التربوي داخل إطار المقرر التربوي وكبت المواهب الكثيرة جدا التي تعج بها المدرسة المغربية هو ما يعطي الانطباع بهذه الأزمة، بالإضافة إلى أنه يمكن فعلا أن نتحدث عن أزمة عامة إذا استمر اعتماد المناهج المنغلقة التي لا تتوفر على مقاربات حديثة في تحقيق هدف النهوض بالحياة المدرسية ككل لا يتجزأ، ويمكننا في هذا الباب الاستفادة من تجارب عديدة ولو على المستوى العربي كالتجربة الأردنية على سبيل المثال. - تعاني المؤسسات التعليمية من انتشار العنف والمخدرات والهدر الدراسي، هل هناك آليات بديلة كفيلة بالتصدي لهذه المشاكل؟ < العنف والمخدرات هي نتائج متوقعة في حرب ضد عدو غير شريف اسمه الفراغ حتى مع كثرة المواد وامتلاء جداول الزمان بطريقة أو بأخرى، فالفراغ الذي يعانيه التلميذ هو الدافع الأساسي للتوجه إلى هذه السلوكيات التي تخدش وجه المدرسة المغربية سواء العمومية أو الخاصة، وبالتالي لا بد من إعادة النظر في المناهج التعليمية لتهتم بالحياة المدرسية، فلا يعقل أن تلميذا قارب الحصول على شهادة البكالوريا لم يسبق له أن جلس إلى طاولة أي أستاذ أو إداري أو مدير للحديث عن موضوع آخر خارج روتين الدروس. أعتقد أن المغرب بحاجة إلى خريجين متوازنين فكريا وأخلاقيا، بالإضافة إلى تفوقهم في الجانب الدراسي، فالمعلومات والدروس موجودة خارج أسوار المؤسسات التعليمية، ولكن القيمة المضافة الموجودة داخل هذه الفضاءات هي الأستاذ الذي يجب أن يلعب دوره الحيوي الذي يتعدى بكثير الدور الأكاديمي المرتبط بالامتحانات والنقاط إلى دور تربوي توجيهي وتحصيني للتلميذ من كل هذه الشوائب.