فاجأت الحكومة، ليلة الجمعة الماضية، موظفي ومنخرطي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بالإعلان عن تأجيل الانتخابات التي كان مزمعا أن تنطلق أمس الاثنين وإلى غاية العشرين من الشهر الجاري، بعد حوالي ثلاثة أشهر من التحضير اللوجيستيكي وإعداد اللوائح الانتخابية وتلقي ملفات الترشيحات. واكتفت الوزارتان الوصيتان، وزارة التشغيل والتكوين المهني للاتحادي جمال أغماني، ووزارة الاقتصاد والمالية للتجمعي صلاح الدين مزوار، ببلاغ مقتضب وصفته مصادرنا ب«المبهم»، قالت فيه إنه «تقرر تأجيل تنظيم هذه الانتخابات إلى أجل سيتم الإعلان عنه فيما بعد، نظرا لعدم توفر الشروط الضرورية لذلك»، كما نقل البلاغ عن التعاضدية قولها إن التأجيل هو بهدف «توفير كل الشروط الديمقراطية حتى تمر هذه الانتخابات في أجواء من الشفافية والتنافس الشريف بين جميع المنخرطين والمنخرطات». وكشفت مصادر من التعاضدية أن قرار التأجيل كان الثالث من نوعه في ظرف أسبوع واحد، مما كشف التخبط الحكومي في معالجة ملف التعاضدية الذي كان مثار جدل في الماضي، القرار الأول الذي صدر عن الوزيرين الوصيين كان يلزم المتصرفين المعينين، في إطار الفصل 26 من ظهير 1963 للتحضير لعملية الانتخابات، بعدم قبول ملفات الترشيح التي يتقدم بها أعضاء المجلس الإداري السابق للتعاضدية، خلال مرحلة امحمد الفراع، مما نتج عنه حصول توتر بين الحكومة والنقابات الثلاث، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل، التي كان أعضاء المجلس الإداري السابق ينتمون إليها، غير أن الحكومة تراجعت بعد ساعات عن هذا القرار، إثر ضغوط مارستها النقابات الثلاث، وفرضت على المتصرفين قبول ترشيحات أعضاء المجلس الإداري السابق باستثناء الفراع، وهو الأمر الذي دفع النقابات مرة ثانية إلى الضغط بقوة على كل من أغماني ومزوار لتأجيل موعد الانتخابات إلى أجل غير مسمى، إلى حين إيجاد صيغة مناسبة. وقالت المصادر إن التأجيل أربك عملية التحضير التي استمرت نحو ثلاثة أشهر، تم خلالها تطهير قاعدة المعطيات وتحيين اللوائح الانتخابية التي تضم أزيد من 320 ألف شخص، وإعداد مدونة الانتخابات والتقطيع الانتخابي في جميع الدوائر داخل المؤسسات العمومية والوزارات والمصالح المركزية والخارجية والجماعات المحلية. وقد تلقت لجنة الترشيح 1700 ملف تم إلغاء 120 منها بسبب عدم توفرها على الشروط القانونية، للتنافس على 377 مقعدا في مختلف القطاعات وبمختلف الأقاليم. وحاولت «المساء» الاتصال بأحد المتصرفين الثلاثة، الذين تم تعيينهم عن وزارة التشغيل والتكوين المهني ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة تحديث القطاعات العامة للإشراف على عملية الانتخابات، إلا أن اتصالاتنا لم تؤت أية نتيجة. وكان ميمون بن طالب، المتصرف المعين عن وزارة التشغيل، قد صرح في حوار أجرته معه «المساء» في الأسبوع الماضي بأن لجنة الانتخاب قامت بالعديد من الإجراءات والتدابير ، من بينها عملية تحديد تواريخ الاقتراع المتعلقة بكل إقليم وقطاع وتحديد المقرات التي ستتم فيها عمليات الاقتراع بمختلف أقاليم المملكة، وتحديد القطاعات التي تتوفر على العدد القانوني من المنخرطين الذي يسمح لها بانتخاب المندوبين. وفي اتصال ل»المساء» بعبد المولى عبد المومني، منسق لجنة التنسيق الوطنية الموسعة لمندوبي ومتصرفي التعاضدية، وصف تأجيل الانتخابات بالعبثي، وقال: «هذا القرار وبهذا الحجم الخطير لا يمكن أن يأتي إلا من الوزير الأول»، مضيفا أن الحكومة «أعطت الدليل على فشلها في إنجاح أي مسلسل انتخابي في البلاد، انطلاقا من فشلها في تنظيم انتخابات داخل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية»، وأوضح عبد المومني أن التأجيل لم يكن مفاجئا «لأن اللوبيات التي تحمي الفساد ما زالت موجودة، وهذا أثبت ما كنا نقوله دائما». ويتوقع أن تعقد لجنة التنسيق الوطنية الموسعة لمندوبي ومتصرفي التعاضدية يومه الثلاثاء ندوة صحافية بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالرباط لتسليط الضوء على تداعيات قرار التأجيل، وهو ما قد يترتب عنه إعادة تسخين الأجواء مجددا.