الدولي المغربي أشرف حكيمي يظفر بجائزة الأسد الذهبي لعام 2025    أسبوع دام على الطرقات .. مصرع 28 شخصا وإصابة الآلاف في حوادث السير الحضرية    سلمى رشيد تحيي حفلا خيريا لإعادة النور لأعين المحتاجين بالرباط    الأمم المتحدة لن تتمكن من مساعدة سوى ثلث المحتاجين غذائيا العام المقبل    التامني: التزود بالماء حق وليس منة من أحد.. والعطش في المدن الكبرى دليل على فشل التدبير    تشكيلة "أشبال U17" أمام منتخب مالي        سعيد التدلاوي يندد بغياب التشاور بين وزارة الفلاحة والغرف الفلاحية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    مصر تلغي نتائج التصويت في 19 دائرة    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    يوسف وقسو من خريبكة.. حصيلة الحكومة لايمكن أن تغطيها مناورات المعارضة    اتحاد طنجة يعلن عن فك الارتباط بالمدرب هلال الطير    ملعب طنجة يحتضن ودية المغرب وأوغندا وسط ترقّب لتجاوز مشكلة "فراغات السقف"    اختيار المغرب مجددا لاحتضان حفل جوائز "الكاف" 2025 وترشيحات وطنية تتألق في المنافسة        سبتة تترقّب زيارة سانشيز هذا الأسبوع بعد إلغاء الزيارة السابقة    جنوب أفريقيا ترفض استقبال رحلات تُقل فلسطينيين خوفاً من استخدامها ضمن "أجندة تهجير"..    وائل الدحدوح يوضح الجدل حول صورة "علم البوليساريو"    "دينوس ألايف".. المعرض التفاعلي المخصص لعالم ما قبل التاريخ يصل الدار البيضاء    التساقطات المطرية تُنعش آمال الفلاحين بجهة طنجة    الحرس المدني الإسباني يضبط 750 كلغ من التونة المصطادة بشكل غير قانوني بين طنجة وطريفة    الصناعة التقليدية المغربية تتألق في إشبيلية... انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي «We Love Morocco»    قتيل وثلاثة جرحى في "هجوم بالدهس والطعن" جنوب الضفة الغربية المحتلة    دراسة: المغرب من الدول الأكثر تأثرا بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الصادرة من مكبات النفايات    عطل مفاجئ يربك خدمات الإنترنت في العالم والمغرب    الملك يتوصل بتهنئة رئيس الإمارات    المعارضة النيابية تنسق من أجل تشكيل لجنة تقصي الحقائق في اقتناء الأدوية    الناظور .. ندوة دولية تصدر "إعلان الناظور للسلام والعدالة الانتقالية"    غوتيريش .. قرار مجلس الأمن بشأن غزة خطوة هامة نحو تعزيز وقف إطلاق النار    طرح 20% من أسهم "الشركة العامة للأشغال بالمغرب" في البورصة بهدف جمع 5.04 مليار درهم    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الإعلان عن الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في دورتها ال23 بالرباط    الشعب المغربي يحتفل غدا الأربعاء بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء    القصر الكبير.. مصرع شخص في حادث سير والسائق في حالة فرار    الماء والبنية التحتية..محور مباحثات بين وزير التجهيز والماء وسفيرة الصين    ترويج مخدرات يوقف ثلاثينيا بالناظور    "لبؤات الفوتسال" يتدربن في الفلبين    "بي دي إس" تدعو المغرب إلى الانسحاب فورا من ندوة لجيش الاحتلال وترى في مشاركته خرقا للالتزامات الدولية    مروحيات جديدة تعزز قدرات البحث والإنقاذ القتالي لدى القوات المغربية    كيوسك الثلاثاء | البنك الدولي يؤكد إمكانات المغرب كقوة رائدة في الاقتصاد الأزرق    الذهب يواصل انخفاضه متأثرا بصعود الدولار    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    فيدرالية اليسار بمكناس تُحمّل المجلس الجماعي المسؤولية في تفاقم أزمة النقل الحضري    حجيرة: طاقات تصديرية "غير مستغلة"    جمارك ميناء طنجة المتوسط تحبط محاولة تهريب الذهب    بحضور الوزير بنسعيد... تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة وحجب جائزة الكاريكاتير    دار الشعر بمراكش .. الموسم التاسع لورشات الكتابة الشعرية للأطفال واليافعين    سجلماسة.. مدينة ذهبية تعود إلى الواجهة رغم لغز أطلالها الصحراوية    تشكيلنا المغربي..    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسا تسعى إلى الاستفراد بالمغرب
بعد إبرام اتفاقيات متعددة مع الدول المنافسة قصد تحييدها
نشر في المساء يوم 03 - 08 - 2014

في كتابه «التدخل الأجنبي والمقاومة بالمغرب» يقول علال الخديمي إن العديدين يتوهمون بأنهم يعرفون أحداث الدار البيضاء سنة 1907/1908 «لأنهم قرؤوا عنها بعض الأسطر أو بعض الصفحات في المؤلفات التي اهتمت بتاريخ المغرب». ويتعمق الوهم أكثر حين يربط هؤلاء ربطا مباشرا بين مقتل التسعة أوربيين في 30 يوليوز 1907 وبين قصف المدينة وتدميرها يوم 5 غشت من العام نفسه. ربطٌ حاولت الكتابات الفرنسية، التي تناولت الحدث أن تمرره قصدا لإخفاء المبررات الحقيقية لمذبحة الدار البيضاء. في هاته الحلقات سنحاول ما أمكن استرجاع ما حدث في تلك الأيام العصيبة من تاريخ الدار البيضاء، مستندين على شهادات صحافيين عايشوا عن قرب فجائع تلك الفترة أمثال كريستيان هويل وشارل بوردون، وعلى مؤلفات أكادميين أمثال أندري آدم وعلال الخديمي.
لا يمكن فهم طبيعة العلاقة بين قصف الدار البيضاء والصراع الكولونيالي على المغرب بدون استعراض مسار التحولات التي عرفتها العلاقات الأوربية المغربية أواخر القرن التاسع عشر. فبعد وفاة الصدر الأعظم باحماد، الذي كان ينهج سياسة صارمة تجاه المطامع الأجنبية في البلاد، صار المغرب بلدا مقيد السيادة نتيجة اختلال ميزان القوى في العلاقات المغربية الأوربية. إذ شرعت مجموعة من الدول الأوربية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، إسبانيا...) في ممارسة ضغوطها على المغرب للحصول على امتيازات اقتصادية وسياسية. وابتداء من سنة 1900 سيشتد الصراع أكثر بين هاته الدول للظفر بمزيد من الامتيازات، واستغلال الإمكانيات الاستراتيجية والاقتصادية التي تزخر بها «المملكة السعيدة»، التي ستجد نفسها مضطرة للدخول في صراع مصيري من أجل الحفاظ على ما تبقى من سيادتها.
كانت فرنسا أكثر هذه الدول طموحا في السيطرة على المغرب. لذلك ستسارع إلى إبرام مجموعة من الاتفاقيات الثنائية مع عدد من الدول المنافسة لتحييدها. وهكذا ستوقع في 2 نونبر 1902 اتفاقية سرية مع إيطاليا لتبادل المصالح بينهما حول كل من ليبيا والمغرب. وفي 8 أبريل من سنة 1904 ستبرم اتفاقا وديا مع بريطانيا، تتنازل بموجبه عن مصالحها في مصر، فيما تتنازل لها بريطانيا عن مصالحها في المغرب. بعد ذلك ستوقع إسبانيا هي الأخرى في 7 أكتوبر من السنة ذاتها على عقد الاتفاق الفرنسي البريطاني، بعد أن ضمنت استحواذها على شمال المغرب.
هذه الاتفاقيات ستتيح لفرنسا الاستفراد بالمغرب بعدما ضمنت حياد القوى الأوربية الثلاث. وقد استغلت في هذا الجانب الضائقة المالية التي كان يمر بها المغرب لمحاصرته أكثر، فمنحته في 12 يونيو 1904، بشروط قاسية، قرضا بمبلغ 62.500.000 فرنك بفائدة 5 بالمائة. وكانت ضمانة هذا القرض هي عائدات الجمارك المغربية، التي حصلت فرنسا على حق اقتطاع 60 بالمائة من مداخيلها شهريا لمدة 35 سنة. «لقد وضع هذا الاقتراض، يقول الخديمي، بين يدي الفرنسيين جمارك المغرب في كل الموانئ المفتوحة للتجارة، والتي ستفتح، وأعطاهم الحق في مراقبتها. كما تم حرمان البلاد من 60 بالمائة من مداخيل الجمارك، في الوقت الذي لم توضع تحت تصرف المغرب إلا 10 ملايين فرنك قسطت على أربعة أقساط. فمن مجموع المبلغ الاسمي للقرض وهو 62.500.000 أخذت الأبناك المقرضة 12.500.000 فرنك عمولة مسبقة، و22.500.000 سددت لأصحاب ديون 1902-1903، ودفعت 15.500.000 لتسديد ديون السلطان من شركات خاصة، وأبقت الأبناك المقرضة 20.000.000 فرنك رهينة».
بعد هذا القرض ستبعث فرنسا سفيرها المفوض بطنجة سان روني طايانديي إلى المولى عبد العزيز في 26 يناير 1905 لتقديم مشروع قالت إنه يتضمن حزمة من الإصلاحات الإدارية والعسكرية والاقتصادية. غير أن عددا من الوطنيين المغاربة سيفضحون النوايا الحقيقية لهذا المشروع. إذ في رسالة وجهها عبد الله بن سعيد, أحد أشد معارضيه المطامع الفرنسية إلى الشيخ محمد بن الكبير الكتاني أحد علماء فاس، كان يؤكد على عدم وجوب دخول الأوربيين إلى فاس، وكان يرفض مقررات مؤتمر الجزيرة الخضراء، التي قبلها المولى عبد العزيز جاء فيها : «وها هو نائبه الملعون (طايانديي) قد خرج من ثغر طنجة قاصدا حاضرة فاس، معتمدا فيها على بعض الناس. وقد استفدت من عدة طرق بأن له مطالب سيطلب تنفيذها من المخزن تتناول تكليف الفرنسيين بإصلاح المراسي وديواناتها، أي مراقبة الصادرات والواردات، ووضع مستشار مع المخزن، أي مراقب مالي يكون بمثابة وزير للمالية، وتنظيم الجيش من طرف عسكريين فرنسيين، وعرض سلف آخر على المخزن. وقصد هذا العدو هو التدخل في أمور بلداننا، في المسائل المالية والإدارية والعسكرية بوجه مُعِين ومُشير وصاحب، ثم بعد وضع يديه واشتداد نفوذه، واستيناس الرعية بالمصارفة معه، والنظر في وجهه، يعلن بإعلاء كلمته، ونشر حمايته وأوامره، وإذ ذاك يصعب على المسلمين مقاومته وطرده».
استغرقت المفاوضات بين المغرب وفرنسا حوالي خمسة أشهر من أجل الحسم في مشروع طاياندي. وفي النهاية سيرفض المخزن المشروع بعد أن تبينت له النوايا الخفية لفرنسا، التي لم تكن تبتغي من إصلاحاتها تلك سوى بسط حمايتها على المغرب، مستغلة في ذلك ضغوطاتها الدبلوماسية المتزايدة عليه، وكذا تحرشات قناصلها، الذين كانوا يشيعون بأن المغرب يعيش فوضى، وهو ما كان يرفضه المخزن. إذ في رسالة بعثها إلى رئيس الجمهورية الفرنسية أوضح المولى عبد العزيز أن «الدبلوماسية الفرنسية ستخطئ وستخلق بين حكومتينا خلافات مؤسفة وصراعات خطيرة إذا اعتقدت بأن المغرب في خراب، وإذا هي فكرت بأنه لم يبق إلا ضمه تحت شكل مقنع لحماية مشابهة لحماية تونس أو مدغشقر».
كان السلطان في موقفه هذا مسنودا بقاعدة شعبية رافضة لأي تدخل أجنبي في المغرب، وأيضا بفتوى دينية أصدرها العلماء. تقول هذه الفتوى إن «الأجانب هم السبب الأصلي في آلام المغاربة، وهم سبب انحطاطهم وتفرقتهم وصراعاتهم وخرابهم». كما سيجد سنده أيضا في ألمانيا، التي دخلت بقوة حلبة التنافس الإمبريالي في هاته الفترة بالذات، وصارت تعارض الهيمنة الفرنسية المتنامية على المغرب، خصوصا أن لها هي الأخرى امتيازات ومصالح فيه بعد الاتفاقية التي أبرمتها معه سنة 1890. وقد ساند الألمان موقف المغرب الرافض لمشروع طايانديي. إذ علق كوهلمان، المفوض الألماني بطنجة، على هذا المشروع قائلا: «إن المغاربة لا يعارضون انتشار المدنية الأوربية، وإنما يكافحون ضد ما لفرنسا من نزعات استعمارية عدائية». كما أبدى معارضته للاتفاقية التي أبرمتها فرنسا مع بريطانيا وإسبانيا، وقال إن بلاده «تجهل كل شيء عن الاتفاقيات التي حصلت حول موضوع المغرب، ولا تعترف بأنها مرتبطة بأي كيفية بالنسبة إلى هذه المسألة».
عبد الله عرقوب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.