قال رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إن أحد أهم إنجازات التجربة الحكومية الحالية، هو المساهمة في إخراج المغرب من مرحلة سياسية واقتصادية حرجة إلى مرحلة جديدة تم فيها تدعيم الثقة واستعادتها في المؤسسات، وزيادة اهتمام المواطن بتدبير الشأن العام، وصيانة قدرة المغرب، كنموذج حضاري متميز باستقراره وقوي بوحدته، على أن يؤثر إيجابيا في محيطه. واعتبر بنكيران، الذي قضى حوالي ساعتين أمام النواب والمستشارين، ليلة أول أمس بالبرلمان، أن عناصر النجاح والقوة التي مكنت المغرب من تجاوز تحديات الربيع الديموقراطي، هي من ساهم في تجاوز مرحلة الخريف العربي، والهزات التي عرفتها بعض البلدان، معتبرا أن ذلك كان له أثر إيجابي على مصداقية مسلسل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى الرفع من جاذبية وإشعاع النموذج المغربي. وخلال تقديمه للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أمام غرفتي البرلمان، في جلسة ترأسها رشيد الطالبي العلمي ومحمد الشيخ بيد الله، قال عبد الإله بنكيران إن نجاح المغرب في اجتياز هذه المرحلة الصعبة كان بسبب سلسلة من القرارات والتدابير والإجراءات الصعبة والمسؤولة، من جهة، والنجاح التدريجي في إرساء ثقافة سياسية جديدة رافضة للتحكم والإقصاء وتقوم على التعاون بين المؤسسات عوض التنازع بينها، من جهة ثانية، مؤكدا أن حكومته تحملت المسؤولية في اتخاذ القرارات اللازمة ولم ترتهن للحسابات الضيقة والانتخابية. من جانب آخر، اعتبر بنكيران أن أي تقييم موضوعي للحصيلة المرحلية للعمل الحكومي يقتضي استحضار السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي جاءت في إطاره هذه الحكومة، دوليا وإقليميا ووطنيا، مشيرا إلى أن حكومته ساهمت بقدر كبير في استرجاع الطمأنينة وتسريع مسار الإصلاح وترسيخ الاستقرار السياسي وتوطيد السلم الاجتماعي، وأن ذلك ظهرت آثاره في تزايد إشعاع المغرب على المستوى الدولي. وفي انتقاد واضح للتجربة الحكومية السابقة، قال بنكيران إن النموذج التنموي الذي كان معتمدا لم يكن قادرا على مواصلة الصمود في مواجهة آثار الأزمة الاقتصادية الخارجية والارتفاع المستمر لأسعار البترول، لأنه يقوم على تعويض انحصار الطلب الخارجي ونتائجه بتقوية الطلب الداخلي. وتناول عرض رئيس الحكومة الإصلاحات المتعلقة بمنظومة العدالة والمالية العمومية والنظام المالي والمقاصة والتقاعد والجهوية والخدمات الصحية والتعليمية والسكن، والإصلاحات المتعلقة بالإعلام والمجتمع المدني والمرأة وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هذه الإصلاحات جعلت المغرب بمثابة ورش إصلاحي كبير مؤطر بمقتضيات تنزيل الدستور. وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد بنكيران أن الحكومة حريصة على ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية، والشروع في تنزيل الإصلاحات الهيكلية الكبرى، ومباشرة الإصلاحات الضرورية على المستوى التشريعي والمؤسساتي والإجرائي بهدف تحسين مناخ الأعمال، وقال إن المغرب استطاع في ظرف سنة واحدة أن يقلص عجز الميزانية بما يقارب نقطتين من الناتج الداخلي الخام، من 7.3 في المائة سنة 2012 إلى 5.5 في المائة سنة 2013. كما نجحت الحكومة، يضيف بنكيران، في تقليص عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات من 9.7 في المائة سنة 2012 إلى 7.6 في المائة سنة 2013. وأشار بنكيران إلى أن حكومته حريصة على ترسيخ خيار الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة، مؤكدا أنه هو من يشرف على الانتخابات، وأن وزير الداخلية يعمل معه بانسجام تام في هذا الملف، كما أكد أن الحكومة عملت على تسريع وتيرة الإنتاج التشريعي، وأنه من أصل 16 قانونا تنظيميا مقررة في إطار المخطط التشريعي، تمت المصادقة على ستة مشاريع قوانين تنظيمية وإعداد أربعة مشاريع أخرى في طور المصادقة . وأكّد رئيس الحكومة أن 2014 بمثابة السنة المفصلية في عمل الحكومة على مختلف المستويات، بما يعنيه ذلك من ضبط لأولويات العمل الحكومي للمرحلة القادمة، ويتعلق الأمر بصيانة السيادة والوحدة الوطنية والترابية وتعزيز البناء الديمقراطي ومواصلة تنزيل مقتضيات الدستور وترسيخ القانون والحريات والحكامة الجيدة.