أعلن وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، أن الدولة بريئة من كل أشكال التعذيب التي يمكن أن يمارسها بعض الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون، وأكد أن «الدولة ترفض التعذيب، وإرادتها قاطعة في محاربته ولن تسمح بممارسته، وأي ممارسات بالتعذيب لا علاقة لها بها وتتبرأ منها، وأن المسؤول عنها هو الشخص الذي يرتكبها، وهو حينما يرتكبها يرتكب فعلا مجرما يستحق عليه العقاب». واعترف الرميد، في لقاء مع عدد من الفعاليات الحقوقية، مساء أول أمس الخميس، بمقر وزارة العدل والحريات في الرباط، بوجود التعذيب، ونفى أن يكون صرح في يوم من الأيام أن التعذيب لا يقع، «فالتعذيب موجود والادعاءات الكاذبة بالتعرض للتعذيب موجودة، ومن يدعي أن التعذيب غير موجود فهو واهم، ومن يدعي أن جميع الأشخاص الذين يدعون التعذيب عذبوا فهو واهم أيضا». وشدد الرميد على أن الدولة ستضرب بيد من حديد على أي تسلط على السلامة الجسدية للأشخاص، الذين تسوقهم الأقدار إلى الأماكن التي تخضع لسلطة الدولة، ولكن أيضا لن تسكت عن أي ادعاءات بسوء نية لأشخاص يمكن لهم أن يستغلوا معطيات المرحلة لإشاعة بعض المزاعم الكاذبة. وفي هذا السياق، ضم محمد عبد النبوي، مدير الشؤون الجنائية والعفو، صوته إلى صوت وزير العدل والحريات، وأكد أن «من يقوم بإجراء خارج القانون، من الناس المكلفين بإنفاذ القانون، يجب أن يتحمل مسؤوليته، لأن الدولة لا تطلب منهم التعذيب، وبالتالي للي عذب شي واحد أو ساء معاملته فليتحمل مسؤوليته». وكشف عبد النبوي عن نتائج الخبرات الطبية في بعض القضايا، التي ادعى أصحابها تعرضهم للتعذيب، ومنها قضية المعتقل علي أعراس، حيث كشفت خبرات طبية أجريت عليه عدم وجود علامات تدل على تعرضه للتعذيب، غير أنه تم إخراج الملف من جديد من أجل التحقيق في تلك الادعاءات. ومن جهته، توقف النقيب عبد الرحيم الجامعي عند إثارة جهاز ال»ديستي» في بعض التقارير الدولية، وقال في هذا السياق: «يؤسفنا أن يثار اسم الديستي في هذا الموضوع، ألم يحن الوقت أن تتدخلوا وتتدخل الأجهزة الحكومية، ليكف هذا الجهاز عن التعذيب في مركز تمارة، فجميع قضايا التعذيب الخطيرة وقعت في هذا المركز». ودعا وزير العدل، في هذا السياق، إلى التفكير في رفع الاتهامات عن هذا الجهاز، «لأنه متهم»، ورفع الاتهامات عن بعض قضاة التحقيق وبعض قضاة النيابة العامة بشأن تسترهم على التعذيب. ورد وزير العدل والحريات على تصريحات الجامعي بنفيه، بشكل تام، أن يكون المغرب عرف، منذ 2 يناير 2012، أي حالة اختطاف، وأكد أن جهاز ال»ديستي» لم يضع يده على أي مواطن، منذ ذلك التاريخ، خارج الإطار القانوني، «والحالات التي تم ادعاؤها بحثنا فيها، ولن نسمح إلا بما منحه القانون لهذا الجهاز». وسجل عبد العالي حامي الدين، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، أن هناك مفارقة في موضوع التعذيب، «لأن الجميع يقر بأن هناك تعذيب، لكن ليست هناك أي خبرة طبية كشفت في يوم من الأيام أن هناك حالات تعذيب، ونحن نتحدث فقط عن هذه المرحلة، أما فيما بين 2003 و2010، فقد كان هناك تواصل لحالات التعذيب في إطار مكافحة الإرهاب، وكانت هناك شهادات صادمة». واعتبر حامي الدين أن المشكل يكمن في أن الخبرة الطبية يتم الاستعانة بها في الوقت الضائع الذي تختفي فيه آثار التعذيب، وبالتالي تجب الإشارة إلى السرعة في التجاوب مع الشكايات، وتحديد زمن لإنجاز تلك الخبرات، لأنه في بعض الأحيان مدة 24 ساعة تكون كافية لاختفاء معالم التعذيب، حيث دعا المتحدث ذاته إلى ضرورة إخراج الآلية الوطنية لمحاربة التعذيب. إلى ذلك، تحدث عبد اللطيف الحاتمي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، عن بعض أنواع التعذيب غير الجسدي. وكشف في هذا السياق عن «حالة شاب في الرباط، أريد منه أن يصرح بتصريحات معينة، ولم يمارس عليه أي نوع من التعذيب الجسدي، غير أنه وضع في حجرة مجاورة لحجرة أخرى فيها الصراخ والعذاب الأليم، وبعد 12 سنة اعترف». والحالة الثانية كانت في مدينة الدارالبيضاء، حيث شعر شخص بالعطش، فأعطي له مشروب حرمه من النوم يومين، فبدأ يتألم من عدم القدرة على النوم، فاعترف. أما الحالة الثالثة وهي حالة شخص وضع في نفس وضعية الشخص الأول وبعد 15 ساعة من التعذيب الذي يمارس بجانبه، «دخل على قدميه فخرج على كرسي متحرك، ولم يعد يقدر على الوقوف». والوسيلة الأخرى للتعذيب، حسب تصريحات عبد اللطيف الحاتمي، تتمثل في مشروب يثير ألما شديدا في الأسنان، فيبدأ الشخص يتألم بدون أن يمارس عليه تعذيب بشكل مباشر، فيطلب الإغاثة وتقدم له مادة مهدئة شريطة اعترافه. وفي موضوع متصل، وجه وزير العدل والحريات إلى الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك منشورا يطلب فيه اتخاذ الإجراءات اللازمة عند معاينة علامات عنف بادية على الأشخاص المقدمين أمامهم، سواء بصفة تلقائية أو بناء على طلب المعنيين، حيث تتم هذه المعاينة في محضر قانون، إضافة إلى الأمر بإجراء فحص طبي من طرف أطباء محايدين ومتخصصين وتقديم ملتمسات إيجابية بشأن طلبات إجراء الفحوصات الطبية، التي تقدم أمام قضاة التحقيق أو هيئات الحكم.