أكد عبد الحق العياسي، رئيس الودادية الحسنية للقضاة، أنهم لن يتنازلوا أبدا عن كل ما يمس استقلال السلطة القضائية، سيما أن مشاريع القوانين التنظيمية لا تتحدث عن السلطة القضائية، بل عن المجلس الأعلى للقضاء فقط، موضحا أن الودادية لها خلاف مع وزارة العدل والحريات حول عدد من النقاط التي تحفظت عنها. وقال العياسي إن عزل القضاة هو إعدام لهم بسبب حرمانهم من حق الطعن الذي ينص عليه الدستور، ودعا إلى تجميد العمل بهذا الإجراء، واتخاذ إجراء بديل من قبيل التوقيف في انتظار إصدار القوانين التنظيمية، التي تمنح القاضي حق الطعن في القرارات المتخذة بشأنه. - بعد تعيين وزير العدل والحريات مصطفى الرميد احتد الخلاف بينه وبين كتاب الضبط والمحامين والقضاة. ما سبب ذلك، في نظرك؟ الخلاف ظاهرة صحية غير مرتبطة بشخص وزير العدل والحريات، بل بمطالب نقابية، إذا تحققت فهذا أمر جيد، وإن لم تتحقق فسيؤدي ذلك إلى حراك. وهذا الواقع ليس وليد اليوم، بل كان في السابق، غير أن حدة الحراك اشتدت في عهد الوزير الحالي بسبب مطالب كتاب الضبط والمحامين فيما يتعلق بالمساعدة القضائية، ومطالب القضاة فيما يهم تحسين وضعيتهم المادية والاجتماعية، وكذا مشاريع القوانين التنظيمية المرتبطة بقطاع العدالة. - هل يعود ذلك إلى تراكم المشاكل الخاصة بقطاع العدالة منذ الحكومات السابقة؟ بطبيعة الحال، فمثلا منذ سنة 1996 ونحن نطالب بتحسين الوضعية المادية والاجتماعية للسادة القضاة، وقد تعاقب طيلة هذه السنوات على وزارة العدل حوالي أربعة أو خمسة وزراء، دون أن يتم حل المشكل، إلا في الفترة الأخيرة، حيث حُل جزء من المشكل عبر الزيادة، التي تقررت بالنسبة للقضاة من الدرجات الأولى والثانية والثالثة. كما كانت هناك مطالب أخرى قائمة حسم فيها دستور 2011، وتتعلق باستقلال القضاء، حيث ارتقى به الدستور الجديد من هيئة إلى سلطة قضائية. وما ندافع عنه حاليا هو أن يكون هناك استقلال حقيقي لهذه السلطة، التي يجب أن تُمنح جميع الصلاحيات التي كانت مسندة إلى وزير العدل. - على ذكر الزيادة التي تقررت للقضاة، فقد كان جميع الوزراء السابقين يعبرون عن أسفهم للوضعية المادية للقضاة، لكنهم لم ينفذوا أي زيادة إلى حين مجيء الحكومة الحالية. هل هذه الزيادة لبت انتظاراتكم أم تطالبون بالمزيد؟ على كل حال، هذه الزيادة محمودة، يجب أن نشكر عليها وزير العدل، وكذا القضاة الذين سبق لهم أن رفعوا ملتمسا إلى صاحب الجلالة في الموضوع، على اعتبار أنه هو الرئيس الأعلى للسلطة القضائية، وهو الضامن لاستقلال القضاء. غير أن هذه الزيادة لم تكن في مستوى الانتظارات، إذ كان ينبغي أن تكون قيمتها أكثر لأننا انتظرناها 17 سنة، وقد قبلناها مراعاة للظروف الاقتصادية التي تمر منها البلاد. لكن السؤال المطروح هو: لماذا تم استثناء القضاة من الدرجة الاستثنائية، وعددهم حوالي 1400 قاض، رغم أن جلهم قضى ما بين 20 و40 سنة في خدمة القضاء، وكان ينبغي أن يتم الالتفات إليهم، إلى جانب القضاة المتدربين، الذين كانوا الأولى بهذه الزيادة، خاصة أن منهم من يأتي من مدن بعيدة إلى الرباط من أجل الدراسة، ويتقاضى فقط 4000 درهم طيلة سنتين. هذا حيف في حقهم. - ألا تعتقد أن المبالغ الذي تمت إضافتها إلى تعويضات القضاة زيادة معقولة؟ هذه المبالغ يجب مقارنتها بالمجهودات التي يقوم بها القضاة، لأن القاضي ملزم بالبت في حقوق الناس ويعمل ليلا ونهارا، ومنهم من يعمل يومي السبت والأحد وأيام العطل، نظرا لتراكم عدد من الملفات. فهذا الأجر الذي يتقاضاه القاضي لا يتناسب والمجهودات التي يقوم بها، كما أن إصلاح منظومة قطاع العدالة له ثمن. وقد جاء ضمن التوصيات أن تكون هناك أولوية للوضعية المادية والاجتماعية للقاضي بهدف تحصينه حتى يشعر أنه في غنى عن الجميع، لكن هذا ليس معناه أن الأجر مرتبط بانحراف القاضي، لأن اختيار مهنة القضاء هو رسالة من أجل القيام بالعدل، والعدل من صفة الله عز وجل، كما أن القاضي ينوب عن أمير المؤمنين في الحكم بين الناس. - هل هذا يعني أن هزالة الأجرة تدفع القاضي إلى تلقي رشوة، وأن الزيادة في التعويضات من شأنها أن تحد من انتشار هذه الآفة في سلك القضاء؟ لا أبدا، فاختيار القضاء هو من باب أداء رسالة يؤجر عليها القاضي حتى يكون ضمن فئة القضاة الذين يدخلون في الجنة، وليس العكس، وأنا تحدثت عن الزيادة في إطار التحصين. لقد كان هناك، منذ القدم، اعتناء بالقاضي من الناحية الاجتماعية والمالية، ونحن نرفض إطلاقا أن يقرن وضعه المادي بانحرافه. - صرح وزير العدل بأنه يمكن أن يلغي مرسوم الزيادة في تعويضات القضاة إذا رفضوها كما فعل مع المحامين عندما ألغى المرسوم الخاص بالمساعدة القضائية. هل أنتم مع هذه الخطوة؟ لا، هذه مجرد ردة فعل على بعض التصريحات الشخصية لبعض القضاة. فهذه الزيادة انتظرها القضاة طويلا، ولا يمكن إلغاؤها، وتصريح الوزير كان مجرد سحابة مرت كانت لها ظروفها. - تحدثتم في بيانكم الأخير عن أنه تم استبعاد مقترحاتكم من قبل السلطة التنفيذية بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالقانون التنظيمي الخاص بالنظام الأساسي للقضاة. هل لديكم خلاف مع هذه السلطة؟ أبدا. ليست لدينا أي مشكلة مع السلطة التنفيذية، غير أن القوانين التنظيمية المنتظرة ينبغي أن تضمن استقلالا حقيقيا للقضاء، فبعد أن عرضت إدارة وزارة العدل والحريات على الودادية الحسنية للقضاة مشروعي القانونين التنظيميين، قدمت الودادية مقترحات خاصة بها، وعقدت لقاء مع وزير العدل والحريات، حيث تم الاتفاق على عدد من الأمور، لكن كانت هناك نقاط سجلنا تحفظنا عليها، وهذا هو الخلاف الحاصل بيننا. - وما هي أهم النقاط المختلف حولها؟ مثلا نحن نريد أن يكون جلالة الملك هو من يعين رئيس السلطة القضائية، الذي هو رئيس محكمة النقض، وكذا الوكيل العام لمحكمة النقض، فإذا ظهر أنهما صالحان فذلك ما نريده، وإذا لم يكن الأمر كذلك فيمكن للملك، خلال أسبوع أو شهر، إعفاءهما وتعيين بديلين لهما. غير أن مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية تحدث عن أن مدة الرئاسة حددت في خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ونحن غير متفقين على هذا الأمر، فإذا كان الشخص غير مناسب هل يجب أن يظل كل هذه المدة؟ لقد قال جلالة الملك في خطاب ملكي: أنا الضامن لاستقلالية القضاء. لذا يجب أن يكون ضمن اختصاصه تعيين رئيس السلطة القضائية، وكذا الوكيل العام لمحكمة النقض. من الأمور المختلف بشأنها أيضا عدم السماح للقاضي بالانتماء إلى كثر من جمعية، وقد سبق لنا أن اتفقنا مع وزير العدل بأن لا يحدث ذلك، غير أن المشروع جاء فيه أن الانتماء يكون مقتصرا على جمعية واحدة، وهذا تضييق على الحريات العامة. - هناك من يرى ضرورة انتخاب رئيس محكمة النقض والوكيل العام للملك. هل أنتم مع هذا الرأي؟ نحن ضد هذا الاقتراح، لأنه من عيوب الديمقراطية أن الانتخابات تفرز الصالح والطالح. لذلك نؤكد على أن ضامن استقلالية القضاء هو جلالة الملك، الذي يمكنه أن يعزل من لا يصلح في يومه، ولكن إذا كانت هناك انتخابات أفرزت لنا شخصا غير صالح، فماذا سنفعل آنذاك؟ - ولكن هناك قوانين تمكن من إقالة أي مسؤول عن طريق إجراء انتخابات. لا، هذا غير ممكن. فمشروع القانون لا ينص على ذلك، بل ينبغي انتظار مدة انتدابه. إضافة إلى أن السؤال المطروح هو: من سيقوم بانتخاب رئيس السلطة القضائية؟ هل قضاة المغرب بأكملهم، أم أن الأمر سيقتصر على قضاة المجلس الأعلى؟ إن المسألة معقدة، صعبة، ستؤدي إلى فئوية، وستخلق حزازات وحسابات ضيقة نحن في غنى عنها. لذلك نحن نلتف وراء جلالة الملك الضامن الأول للسلطة القضائية من أجل أن يختار الرجل المناسب في مكان المناسب. - هل ستلجؤون إلى التحكيم الملكي إذا ما تشبثت وزارة العدل بمضامين مشروعي القانونين التنظيميين؟ بطبيعة الحال، فرئيس السلطة القضائية هو جلالة الملك، ونحن ننطق الأحكام باسمه، وإذا ضاق علينا الأمر سنفعل ذلك، وقد لجأنا إليه في الكثير من المرات، منها محطة النضال حول دستور 2011. ولا بد من الإشارة إلى أننا عقدنا، مؤخرا، لقاء مركزيا للودادية، وقررنا تكوين لجنة لدراسة التعديلات المتفق بشأنها والمختلف حولها، وسنتصل بكافة فعاليات المجتمع، سواء بمجلس النواب أو مجلس المستشارين أو الأمانة العامة للحكومة أو الحقوقيين، من أجل تبليغ وجهة نظرنا الخاصة بالقوانين المقبلة والدفاع عنها للوصول إلى المبتغى. - وما هي المطالب التي لا يمكنكم التنازل عنها، والتي قد تدفعكم إلى طلب التحكيم الملكي؟ كل ما يمس استقلال السلطة القضائية لن نتنازل عنه أبدا. مثلا، لا تتضمن مشاريع القوانين الحالية ما يؤكد وجود سلطة قضائية، رغم أن الدستور يقول بذلك، على غرار باقي السلط الأخرى كالسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. فمشروع القانون يتحدث عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي هو جزء من السلطة القضائية، وبأن جلالة الملك هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأن رئيس محكمة النقض هو الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، لكن من هو رئيس السلطة القضائية الفعلي؟ ومن يمثلها؟ - وماذا تقترحون في هذا الباب؟ أنا أتحدث عن غياب الحديث عن السلطة القضائية في القوانين التنظيمية. لذلك يجب وضع تصور على الأقل يحدد السلطة القضائية ورئيسها. - لكن مشروع القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية نقل مجموعة من صلاحيات وزير العدل والحريات إلى المجلس، من بينها استقلال النيابة العامة عن وزير العدل والحريات. هذه مسألة نسبية وليست مطلقة، وكمثال على ذلك هناك في السودان استقلال فعلي للسلطة القضائية، ماديا ومعنويا، إذ أن الرجل الثاني في السودان، بعد رئيس الجمهورية، من حيث البروتوكول، هو رئيس السلطة القضائية، ووزير المالية يأتي إلى مقر السلطة القضائية ليناقش مع رئيس السلطة القضائية ميزانية وزارة العدل التي تتحكم فيها السلطة القضائية. بطبيعة الحال هناك أشياء من اختصاصات الحكومة لا نناقشها من قبيل السياسة الجنائية والتدبير الإداري للمرفق. - هل تطالبون بأن يكون الشخص الثاني في الدولة هو رئيس السلطة القضائية؟ لا، أنا فقط قدمت مثالا، خلال الحديث عن معنى الاستقلالية. يجب أن تنقل جميع الصلاحيات التي كانت لوزير العدل والحريات، والمتعلقة بالشأن القضائي، إلى السلطة القضائية. أما الموظفون والإدارة فهذا شأن خاص بالوزارة. - يلاحظ أن الودادية تراجعت من حيث الحضور على المستوى الإعلامي مقارنة بنادي القضاة. هل هذا يتعلق بضعف عملها؟ لا بالعكس. إذا نظرنا إلى بورصة القيم فأسهم الودادية مرتفعة جدا. وأنا لا أنكر بأن الودادية غير حاضرة بقوة على المستوى الإعلامي. لكن حضورنا، على مستوى العمل، قوي سواء داخل القضاء أو خارجه، فنحن اهتممنا كثيرا بالشأن الاجتماعي وبالجانب الثقافي، سواء داخل المغرب أو خارجه، ونقوم بأعمال مهمة، لكننا لا نقوم بتسويقها إعلاميا، وهذا تقصير منا له أسبابه ومسبباته. إضافة إلى أن الظرفية التي نشأت فيها الجمعيات الحالية مختلفة عما كان في السابق، لأنها وجدت مجال التعبير مفتوحا، أما نحن فعانينا أكثر وناضلنا أكثر، إذ في عهدنا لم يكن بإمكان القاضي نشر مقال في الصحافة أو إعطاء تصريح لقناة إلا بعد حصوله على إذن. غير أن الودادية استطاعت تكسير هذا الجدار، إذ نحن أول من انفتح على الإعلام وأول من نادى باستقلال القاضي عبر ندوة موسعة حضرتها جميع الفعاليات السياسية والقضائية والفقهية. كما فرضنا أن يكون موضوع مؤتمر الاتحاد الدولي للقضاة هو استقلال السلطة القضائية لتحسيس الدوائر المسؤولة. إضافة إلى ذلك، نظمنا ندوتين حول القضاء والإعلام بطنجة والرباط من أجل أن ينفتح القاضي على الصحافة. - هذا كان في الماضي، فماذا عن الحاضر؟ أنا أتحدث بتسلسل. فبعد أن جاء الحراك المتعلق بالدستور ناضلنا سنة من أجل استقلال القضاء، وبالفعل تحققت مطالبنا، وبعد الدستور انشغلنا بالهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة بسبب العمل المكثف الذي واكب هذه الفترة، وهناك حاليا حراك خاص بالقوانين التنظيمية، نشارك فيه بفعالية، لذلك لم يكن لدينا وقت لتنظيم أنشطة موازية، وقد قصرنا فعلا في تنظيم ندوات إشعاعية، لكن بالمقابل قمنا بعدد من الأعمال الاجتماعية، منها ملف السكن، إلى جانب التكوين، سواء في الداخل أو الخارج بهولندا وأمريكا وسويسرا، وحاليا نحن منكبون على عدد من المشاريع الأخرى. وإضافة إلى كل ما سلف، نحن نقوم بحل عدد من المشاكل الخاصة بالقضاة بغض عن انتماءاتهم، وقد قمنا بمعالجة ملفات لقضاة ينتمون إلى جمعيات أخرى. حاليا لدينا حالة لقاض يعاني من سرطان البنكرياس ولا يستطيع تأمين علاجه، وسنلجأ إلى جلالة الملك ليتكفل به لأنه سبق أن تكفل بقاضية كانت مصابة بتشمع في الرئة، تطلب علاجها 4 ملايين درهم بفرنسا. - هل مازالت علاقتكم بنادي القضاة متوترة، خصوصا أنه عند تأسيس هذا النادي كانت هناك تصريحات نارية متبادلة بينكما؟ أبدا، العلاقة ليست متوترة، وكل ما في الأمر أن بعض الإخوان، سامحهم الله، كانوا يعتقدون أن للودادية يد في منع عقد جمعهم التأسيسي الأول، وهذا غير صحيح، فنحن لا نملك الداخلية ولا أي شيء، فنحن جمعية مهنية يشرفنا أن خطابا لجلالة الملك جعل الودادية ضمن المؤسسات التي يمكن للقاضي أن يمارس نشاطه بها، إلى جانب المجلس الأعلى للقضاء والمؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية، ونحن نعتبر أن قضاة المملكة كلهم أعضاء في الودادية مهما اختلفت أساليب عملهم، لأن هدفنا في الأخير هو استقلال القاضي والدفاع عن مصالحه. - هل تعتبرون الودادية جمعية وطنية، فيما الجمعيات الأخرى التي تأسست روافد لها؟ لا، ليست روافد لها. ولكن هذه الجمعيات كلها خرجت من صلب الودادية، وأغلب أعضاء نادي القضاة في بعض مكاتبه الجهوية كانوا أعضاء في المكاتب الجهوية للودادية. كما أنه لا يوجد أي قاض مستقيل من الودادية، ومجموعة منهم لهم بطائق الانخراط في الودادية. نادي القضاة هو جمعية مستقلة بمقتضى الدستور، لكن هناك رابط معنوي قوي بيننا جميعا، فالجمعيات المنشأة الخاصة بالقضاة ليست تحت مظلة الودادية. - هناك من يقول إن عضويتكم في بعض المؤسسات من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان غير دستورية لكون الفصل 111 من الدستور ينص على التعددية. ما قولك في ذلك؟ جميع التركيبات، التي عرفها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كانت الودادية عضوا فيها، ولا أرى مشكلا في ذلك، ويمكن مستقبلا أن تكون جميع الجمعيات التي لها علاقة بالقضاء ممثلة. - تنتقدون دائما عزل القضاة. هل تريدون أن لا يطال هذا الإجراء هذه الفئة في وقت يطال العزل فئات أخرى؟ أبدا، لقد كنا دائما ضد الفساد الذي يجب أن يبتر، غير أننا نعتبر عزل القاضي بمثابة إعدام له، لأنه تغلق في وجهه جميع الأبواب أينما اتجه، ونرى أنه لا يجب اللجوء إلى هذا الإجراء إلا بعد استنفاد جميع المراحل، وقد أعطى الدستور الجديد للقاضي حق الطعن في القرارات المتخذة في حقه، فيجب ألا نعزله ونحرمه من مرحلة من مراحل التقاضي، ولننتظر على الأقل إصدار القوانين التنظيمية الحالية حتى يتمكن من ممارسة حقه في الطعن، وعندما يقول القضاء الإداري كلمته النهائية لا نناقش وقتها. يجب أن ننتظر إصدار القوانين التنظيمية ووقتها يمكن اتخاذ إجراء العزل. فلماذا هذه العجالة في اتخاذ هذه القرارات؟ - وإذا ارتكب القاضي أخطاء تستوجب العزل، هل يترك مع ذلك في منصبه؟ هناك إجراءات أخرى يمكن أن تتخذ بشأنه من قبيل توقيفه عن العمل في انتظار تشكيل المجلس الأعلى للسلطة القضائية واتخاذ قرار في حقه، فأين المشكل؟. هناك من يتم توقيفه لارتكابه أشياء بسيطة، ومنذ سنوات والمجلس الأعلى للقضاء ينعقد ويتخذ عددا من الإجراءات في حق القضاة من عزل وتوقيف وتأديب. - لكن هناك مجموعة من الأفعال يرتكبها بعض القضاة، ويكون لها تأثير على نزاهة العدالة، مثل الرشوة. ألا ترى أن مثل هذه الأفعال تستوجب العزل؟ إذا كانت هناك حالة تلبس في الرشوة، فإنه لا يتم انتظار قرار المجلس الأعلى للقضاء، بل تتم محاكمة مرتكب هذا الفعل، وهناك من اعتقل ومن صدر في حقه حكم بالسجن، لكن عندما يكون هناك شك ونقاش لا يمكن اتخاذ القرار إلا بعد التمحيص والتدقيق.