تفجرت فضيحة من العيار الثقيل داخل إحدى الشركات التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، بعد أن أكرم مسؤولو هذا الأخير مدير الشركة، بمنحة سنوية تزيد عن 22 مليون سنتيم خلال سنة 2013، رغم الأزمة الخانقة التي يمر منها الفرع، وعدم توصل الموظفين بأجور ثلاثة أشهر، وتأخر دفع مساهمة الشركة لدى صناديق التأمين والحماية الصحية لمدة سنة. وحسب وثائق فإن المدير العام لشركة «كرياتيف تكنولوجي» حصل على منحة 221 ألف درهم، تنضاف إلى أجره الشهري الذي يصل إلى 81 ألف درهم، وهو الراتب الذي يعادل راتب وزير في حكومة عبد الإله بنكيران، في وقت لم يقدر فيه الفرع على تأدية ديون الممونين والبنوك التي تراكمت، بل وتدخل الصندوق لضخ الملايين لإنقاذ الفرع وتسديد ديونه. وفضلا عن المنحة السنوية والأجر الشهري يستفيد مدير الشركة من سيارتين فاخرتين. ووفق مصادر مطلعة، فإن المثير في فضيحة استفادة مدير الشركة من منحة 20 مليون سنتيم، أنها جاءت في وقت كشف فيه سؤال آني وجهه، أخيرا، الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة إلى محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، عن حالة وصفت ب«المزرية» و«الصعبة» يعيشها موظفو ومستخدمو الشركة الرسميين وغير الرسميين ال 160 بسبب تأخر صرف مستحقاتهم المالية الشهرية، بما فيها المساهمة لدى صناديق التأمين والحماية الصحية لمدة سنة. إلى ذلك، علمت «المساء» أن صندوق الإيداع والتدبير استبق إثارة وضعية الشركة داخل المؤسسة التشريعية، خاصة بعد السؤال الآني الذي وضع علامات استفهام كبرى حول آليات المراقبة والحكامة الجيدة للشركة، داعيا وزير المالية إلى تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ببعث لجنة قامت بافتحاص لمالية الفرع. وحسب مصادرنا، فإن مسؤولي الصندوق سارعوا إلى ضخ حوالي مليار و300 مليون سنتيم في خزينة الشركة وعلى دفعتين في سباق مع الزمن لوقف النزيف المالي وإنقاذ ماء الوجه، خاصة بعد مساءلة وزير المالية بخصوص الموضوع في قبة البرلمان، متسائلة:« كيف يعقل أن يسخر الصندوق مبلغا خياليا للتستر على عيوب تسيير الشركات التابعة له، في غياب أدنى محاسبة للمسؤولين، علما أن هذه الشركة كانت قد استفادت من ضخ مليار وأربع مائة مليون سنتيم في رأسمالها منذ ثلاث سنوات ثم تبديدها، ولم يتبق منها إلا ديونا جديدة مستحقة للبنوك والشركات الممونة، في غياب تام للرقابة والحكامة» . وفيما لم يتسن ل»المساء» الحصول على تعقيب من مدير الشركة، رغم محاولاتنا الاتصال به طيلة صباح أمس الاثنين، قالت المصادر:» إذا كانت للصندوق القدرة على تدبير أزمات فروعه، فإن ما يحز في النفس هو استعمال المال العام من صناديق التقاعد والضمان، بدل استعمال آليات المراقبة الكفيلة بالحد من التبذير»، معتبرة أنه «كان جديرا بمسؤولي الصندوق الإعلان عن التجاوزات التي سجلت، وهي التجاوزات ذاتها التي أدت إلى استقالة المدير المالي للشركة السنة الفارطة، وذلك لبعث رسائل طمأنينة إلى من يهمه الأمر على مصير المال العام».