سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الصادقي: الأمازيغية والدارجة خزانان حاملان للتاريخ المغربي بعاداته ومعتقداته وأعرافه وطقوسه قال إن غياب الفلسفة عن المنظومة التعليمية أدى إلى ظهور أفكار لا تستجيب لطموحات الشعب المغربي
- ما هي المناهج الفلسفية التي اعتمدتها في كتاباتك؟ سؤال وجيه، نظرا لأهميته الكبرى في تأسيس معرفة عالمة، إذ أن أي معرفة لا تحصل على تأشيرة الدخول إلى ميدان العلم إلا إذا أقامت طريقة في تحليل وتفسير الواقع، وربما أيضا القيام بتأويله، ثم إن المعرفة لا تصبح علما إلا إذا حددت لنفسها منهجا وموضوعا ولغة خاصة تتمثل في إصطلاحاتها ومفاهيمها، وتكمن في مبادئها وطرق استنباطها واستدلالها، سواء على المستوى المنطقي أو المستوى التجريبي. إذ أن الحقائق العلمية تفرض نفسها علينا لأسباب منطقية وتجريبية لا تتدخل فيها الأهواء والعواطف والمنافع الشخصية المباشرة، غير أن المعرفة صارت اليوم، نظرا لما تعرفه العلوم المعاصرة من تطورات كانت نتيجة أزمات وعقبات وعوائق إبستمولوجية عرفتها عبر تاريخها المعرفي، أكثر تواضعا وعقلانية، وأكثر تفتحا، وأكثر قبولا للمراجعة وإعادة سبك لمفاهيمها ومبادئها ونتائجها، وأكثر ابتعادا عن إدعاء البداهة واليقين المطلق، فتم الانتقال من مفهوم المنهج إلى مفهوم المقاربة، ومن ثمة فإن الحديث عن المناهج الفلسفية اليوم هو حديث عن المقاربات الفلسفية، إذ معها حصل تكسير الأنساق الكبرى، وغياب المركز. وبناء على هذه المقدمة أقول إن المقاربات الفلسفية التي توسلت بها في ما كتبته متعددة، منها ما هو تاريخي، وما هو بنيوي، وتاريخي بنيوي، ومنها ما هو سيميائي يتعلق بالدلالة، وهيرمينوطيقي يتعلق بالمعنى ومعنى المعنى، حيث يكون وراء كل معنى معنى آخر مفترض، وما هو فينومينولوجي، يقتضي الذهاب إلى الأشياء نفسها، وإلى النصوص باعتبار أن لها أيضا أشياءها التي تعطى لنا في قصدية الوعي، بناء على مبدأ المبادئ المتمثل في الحدس الواهب الأصلي، نظرا لما فيه من إمكانات جديدة لطرح السؤال من جديد على الفكر. ورغم أن الفينومينولوجيا دار حولها نقاش فيما إذا كانت منهجا أو فلسفة أو علما مع مؤسسيها الرئيسيين هوسرل وهايدغر، ورغم ما يمكن أن نقوله عن التشتت الفينومينولوجي، فإنه مع الفينومينولوجيا الأنطولوجية، تم الكشف عما تم نسيانه عبر تاريخ الميتافيزيقا، عن طريق مقاربة تقوم على الاستعادة والاستبعاد، واستعادة ما تم نسيانه. وقد استعملت هذه المقاربة في التحليل قصد الكشف عما تم نسيانه في التصوف تحت سيادة الرأي الفقهي. - تم استبعاد الدرس الفلسفي في فترة سابقة عن المدرسة المغربية، ما هي في نظرك أسباب هذا الاستبعاد وما هي نتائجه؟. استبعاد الفلسفة في لحظة معينة من تاريخ المغرب كانت وراءه أسباب عديدة يصعب حصرها، منها أسباب تتعلق بالقرار السياسي، وأخرى تتعلق بنظام التعليم نفسه، حيث كنا ندرس المادية والمثالية وإشكالية العلاقة بين الفكر والواقع، وكذا إشكالية العلاقة والتغير، وغيرها من الإشكاليات، وكنا نصنف الفلاسفة ضمن تيارات معينة، كالتيار المادي أو المثالي، وكان المثالي يصنف ضمن الرجعية وضمن الثورية، فدخلت السياسة إلى الدرس الفلسفي من هذا الباب، وكنا حينها نتساءل حول فيلسوف معين: هل هو مادي أم مثالي؟ هل هو رجعي محافظ ينبغي دحضه أم ثوري ينبغي الأخذ بتوجهاته؟، فكان لهذا التصنيف غير الفلسفي دوره في إضعاف الدرس الفلسفي نظرا لكونه درسا يورط نفسه في السياسة، أي في سياسة الحرب الباردة وجدار برلين. يضاف إلى هذا أن الفلسفة، آنذاك، على الرغم من أهميتها في طرح الإشكاليات، عملت على إقصاء العديد من الفلاسفة الكبار، الذين كانوا ينظر إليهم بكونهم رجعيين لأنهم مثاليون، وعلى سبيل المثال لا الحصر: مارتن هايدغر الذي فتحت فلسفته الباب أمام فكر جديد يقوم على «فهم الوجود»، وهو فهم يجد أصله في الشعر والفن، فضلا عن أن التصنيف نفسه يخفي أكثر مما يظهر. غير أن إبعاد الفلسفة من منظومة التعليم كانت له نتائج سلبية، لأنه كان من الممكن أن تبقى الفلسفة باعتبارها فكر الوجود، وباعتبارها فكرا متسائلا يتعلق بوجود الإنسان في العالم، وما يطرحه هذا الوجود من قضايا كونية، ومن قضايا تتعلق بالتجربة الذاتية للإنسان في علاقته بنفسه وبالعالم المحيط به، إذ الفلسفة في عمقها لا تصنع قلاعا، وإنما تجعل الإنسان في أي بقعة من العالم مواطنا كونيا، وعندما تم تعويض الفلسفة بغيرها، حصل نوع من التراجع إلى الوراء، وإلى ما يسمى بالتقلدة، وبدل الانفتاح على العالم تم تقليص دائرة الإنسان المغربي في قراءة الماضي الفكري الإسلامي، فحصل ما يشبه الانكفاء على الذات، وبدل الاعتراف بالحق في الاختلاف حصل التعصب، فأدى ذلك إلى العنف، وأدى العنف إلى الإرهاب الذي نعاني منه حاليا. وبالمناسبة يتم الحديث في المنابر الإعلامية عن الفكر الإرهابي، وأنا، بصفتي مدرسا للفلسفة، أشمئز من هذا التعبير للسبب التالي هو: أن الفكر نبيل وقوي في توسله بالعقل والحجة والدليل وأخلاقيات المناقشة والحوار، وعدم قبوله لأي شكل من أشكال العنف، وأن الإرهاب خسيس ليس له ما يبرره في الفكر وفي الدليل، وأنا أفضل العبارة التالية: النزغ الإرهابي بدل الفكر الإرهابي، فالإرهاب من الشيطان وليس من الدين، ولا يوجد في تعاليم الإسلام إطلاقا ما يدعو إلى الإرهاب، قولا وفعلا وعملا وسلوكا، فقولنا قول لين (وقولا له قولا لينا)، وحوارنا هو جدال بالتي هي أحسن، والفلسفة بدورها تريد أن يختفي العنف من العالم، كما يقول إريك فايل، والفيلسوف دائما ملتزم بقول الصدق أمام نفسه وأمام الآخرين وأمام الحقيقة. لقد علمتنا الفلسفة الشجاعة في طرح الأسئلة والتواضع في عدم الزعم والادعاء بامتلاك الحقيقة النهائية، حيث قال أحد الفلاسفة: «لو وضع الله الحقائق كلها عن يمينه وبحثنا عن المستمر فيها، ثم خيرني لقلت له: إنه أفضل ما بيسارك لأن الحق لك وحدك». تعلمنا الفلسفة، إذن، المضي في الطريق والبحث المستمر، وهو بحث يتأسس على الحب، حب الحقيقة، والحب ضد التعصب والعنف والإرهاب. كان هذا الفهم هو الذي أعاد الفلسفة إلى الدرس المغربي، إذ الفلسفة هي بنت المدينة، ومع المدينة ظهرت الديموقراطية والفكر المختلف. - هل تساير، في نظرك، الخطابات الدينية التأويلية الراهنة الفكر الفلسفي؟. أسئلة الفلسفة هي على الدوام راهنية، والإجابات عنها هي التي تكون تاريخية. فضلا عن هذا، فإن الفلسفة منذ أن تشكلت كنظرة إلى العالم وإلى الحياة الإنسانية، كانت تنشد خير الناس وسعادتهم، والغاية من علومها هو الخير، وأسمى العلوم، كما يقول أرسطو، هي السياسة، والخير السياسي هو العدل، والعدل هو المنفعة العامة. من هذا المنطلق اعتبرت السياسة فضيلة. أما الدين في علاقته بالفلسفة فقد كان موضوع نقاش غني بين الفلاسفة والمتكلمين والمتصوفة، ظهر في صورة العلاقة بين العقل والنقل، وبين الحكمة والشريعة، وإن كان أبو سليمان السجستاني قال بالانفصال بينهما على اعتبارهما حق، وكأنهما خطان متوازيان يتشابهان في جميع نقطهما، ويختلفان في منهج بلوغ الحق ذاته، فإن ابن رشد قال عن الحكمة والشريعة إنهما أختان في الرضاعة، وكلاهما يشهد على الآخر. ويمكن أن أقول إجمالا إن الفلسفة هي هذا الفكر، الذي يعبر عن المشاكل التي يعيشها الإنسان في العالم ويحاول من خلاله أن يجد حلولا لهذه المشاكل على الصعيد النظري الخالص، فضلا عن كون الفلسفة تعبير عن روح وخلاصة عصرها، كما أنها تجمع في عمقها بين جوانب كثيرة، منها الجانب الروحي والتراثي الفلسفي للشعوب، على اعتبار أن كل فلسفة جديدة تتأثر بالفلسفات السابقة عليها، سواء كان هذا التأثير سلبيا أو إيجابيا. كما أن الفلسفة تحتوي على جوانب علمية، باعتبار أن العلاقة القائمة بينها والعلم علاقة جدلية، وأن الفلاسفة الكبار كانوا علماء، وإن لم يكونوا علماء فقد كانوا يطلعون على علوم عصرهم، وهذا نجده في المفاهيم الفلسفية التي تستعار من العلوم. فضلا عن ذلك، فإن للفلسفة أيضا علاقة بالمجتمع، وهذا يتمثل في الجوانب الإيديولوجية لأنها تعبر عن مصالح معينة، أي تحاول أن تجد تبريرا لها على الصعيد الاستدلالي. أما فيما يتعلق بالدين، فينبغي أن نعلم بأن الفلسفة لها بالفعل خلال تاريخها علاقة به، فهناك الفلسفة الإسلامية والمسيحية واليهودية... لكن الإشكال المطروح هو أن الفلسفة تحاول أن تقوم بعمل تأويلي للقضايا التي أثارها الدين، وفيما إذا كانت تتوافق مع العقل أم لا، حيث إن الإشكال الذي طرح قديما هو إشكال العقل والنقل، أي إشكال الفلسفة والدين، والآن يطرح إشكال السياسة والدين، و يمكن أن نتساءل بصدده عن المقصود أولا بالسياسة، لأنها، نفسها، فكر نبيل، فهدفها في نهاية المطاف هو الحصول على السعادة، سواء على الصعيد الفردي أو الاجتماعي أو على صعيد العلاقة بين المواطنين والدولة، فالسياسة والممارسة السياسية هي بالضرورة أخلاقية بامتياز، لكن يلاحظ أن السياسة عندما تنحرف وتصير حزبية يطرح السؤال عما إذا كانت بالفعل تعانق ما يسمى بالأخلاقيات أم لا. أما فيما يخص الخطابات السياسية الراهنة فهي كثيرة جدا، حيث تمارس تأويلات للفعل الديني، لكن هذه الخطابات المتنوعة يصعب الحديث عنها مجملا. أما إذا كان السؤال يتعلق بالحركات الإسلامية فهي بدورها متعددة، منها ما يلجأ إلى التأويل الضيق للنصوص الدينية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عدم الاعتراف بالخطاب الآخر، وعدم الإقرار بوجوده، وعندما يحدث غيابه يحصل ما يسمى بالعنف الذي يناقض في عمقه الخطاب السياسي، لأن أي خطاب كان يتأسس على الحوار، بمعنى تداول الأفكار بين الفاعلين باختلافهم في المجتمع من أجل الوصول إلى بعض الحقائق التي يمكن أن يحصل بصددها الاتفاق. - وما رأيك في السجال الدائر حول التدريس بالدارجة؟ من موقعي، كمدرس للفلسفة، أقول إن عملية التدريس هي عملية ديداكتيكية وبيداغوجية تستوجب عددا من الشروط، منها ما يتعلق بالبرامج والمناهج الدراسية وتكوين المدرسين ولغات التدريس، ومن هنا أود أن أشير إلى أن الدارجة هي استعمال للغة العربية الفصيحة، أي أنها فرع من أصل، وأنها استعمال يومي نفعي براغماتي ولها علاقة بالتداول، أما تدريسها فسوف يرجعنا إلى البدايات، مما سينتج عنه تخلف عن الركب الذي يعرفه العصر. وعلى الرغم من أنني أمازيغي، فإنني أحب الحديث والكتابة باللغة العربية، رغم أن الأمازيغية لغة قائمة بذاتها، مما يختلف عن الدارجة التي هي في الأصل، كما أشرت سابقا، استعمال يومي للغة العربية، غير أنهما يلتقيان في كونهما خزانين حاملين للتاريخ المغربي ولعاداته ومعتقداته وأعرافه وطقوسه ضمن نسق أنثروبولوجي. ومن هنا فإن المبدع المغربي قد يبدع كأساس خلفي انطلاقا من الأمازيغية والدارجة، لأنهما تحتويان على صور تعبر عن تاريخ مشترك لكل المغاربة، بالإضافة إلى كل هذا، فإن الذي ينادي بالتدريس بالدارجة هدفه في اعتقادي نفعي أكثر منه تفسيري، ثم إن من يطالب بهذا لا يعدو أن يتعدى مستوى الرأي ولا يصل إلى مستوى العلم، وفي مجال الإبستمولوجيا يميزون بين الرأي والعلم، فالرأي يعبر عن الرغبات وينقلها إلى مستوى الحقائق، ومن هذا المنطلق يقول باشلار إن «الرأي لا يفكر»، لأنه لا يفسر. وبناء على هذه الفرضية نلاحظ نوعا من التوجه في منظومتنا التعليمية إلى المنفعة، ويتمثل ذلك في المدارس المتخصصة والاهتمام بدروس الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والنظر إليها على أساس المنفعة وليس على أساس التفسير، وهذا ما يدفع إلى إهمال الشعب الأخرى كالمسرح والسينما والرواية والشعر... لأن الفكر المسبق حولها مبني على عدم منفعتها من الناحية المادية، لكنها في نظري أساسية ولها أهمية كبرى باعتبارها المؤسسة لحضارات كل الشعوب الإنسانية وبنائها، ولهذا يجب أن نعيد النظر في العلاقة بين نظام التعليم والمقاولات. لذلك لا ينبغي للدارجة أن تقوم مقام اللغة العربية من أوجه كثيرة ولأسباب متعددة، أهمها: أن للغة العربية تاريخ وحضارة، تاريخ يتمتع بغنى ثقافي معروف، والدليل على ذلك هو مئات الألوف من الكتب والمؤلفات التي كتبت باللغة العربية في مختلف أصناف العلوم والإبداعات، التي تجد فيها مدى تمكن اللغة العربية من استيعاب التراث العالمي، فلقد كانت في ماضيها لغة العلم والعلماء، لغة جابر بن حيان وابن الهيثم وابن رشد وابن سينا وابن البناء وابن خلدون، كما كانت هي لغة المتنبي وابن الرومي والجاحظ، ولغة الجنيد وابن عربي والغزالي، ولغة الشافعي والشاطبي، وهي لغة الشعراء والروائيين والفنانين العرب الذين ترجمت أعمالهم بالعربية إلى العديد من اللغات العالمية. لقد كانت اللغة العربية في لحظة من تاريخها لغة العلم، حيث نصح الأوروبيون أبناءهم حينها بتعلم العربية، تماما مثلما نتجه اليوم إلى تعلم الإنجليزية، فكيف نغض الطرف عن هذا الكنز الوافر الذي تقدمه لنا العربية بتدريس الدارجة؟ وكيف نهتم بالفرع ونهمل الأصل؟ ثم إن الذين قعدوا اللغة العربية لم يكونوا أنفسهم عربا، وهذا يعني أن اللغة العربية لا علاقة لها بمفهوم العرقية، بل إنها لغة الحضارة، وهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم. وعليه، ليست اللغة العربية جامدة، وإنما هي متحركة حركة الفكر العربي الإسلامي، وهكذا. فلو سلمنا جدلا بأن تقوم الدارجة بتعويض اللغة العربية في التدريس، فإن هذا يدل على أننا سنبدأ من جديد، وسيكون نظامنا التعليمي مجرد بداية تلغي بداية أخرى، هذا ما ينبغي للإصلاح نفسه أن يتأمله ويفكر فيه. إن اللغة ضرورية في الإصلاح، ولكن ليست هي الإصلاح كله. ينبغي للإصلاح أن يقوم على مشروع علمي – ثقافي بعيد المدى، بحيث تكون البرامج ذات البعد المتوسط مندرجة ضمن هذا المدى البعيد، وتكون البرامج والمناهج والمقررات الدراسية تشخيصا فعليا لهذا البعد المتوسط عبر سنوات التدريس وعبر التدرج في هذه المقررات والبرامج، وأنا أرى أن الذين انخرطوا في الإصلاحات السابقة لا ينبغي أن يشاركوا في الإصلاح المرتقب، إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه، كما يقال. إن اللغة سلطة تتمثل في كونها المؤسسة لنظام المواقف والمعايير ونظام التسميات والقيم والمعتقدات، وهي الموجه الفعلي لرؤية الأشياء والوقائع، فهي الظاهرة الحضارية الأولى، وهي الفاصل بين الطبيعة والثقافة. وفي نظري، فإن تدريس الدارجة هو إضعاف لهذه السلطة، وإضعاف لهذه القيم والمعايير، غير أن هذا لا يعني أن الدارجة غير حاملة لهذه القيم والمعايير والمشاعر، وإنما يعني أن الدارجة هي الوجه الاستعمالي التواصلي الاجتماعي للغة العربية عندنا، فنحن نتحدث الدارجة، ولسنا في حاجة إلى تعلمها، نحن في حاجة إلى أن نكون محليين وكونيين في الآن نفسه. نحن في حاجة دائمة إلى الفلسفة - ما هي ضرورة الفلسفة في الوقت الراهن؟. أعتقد أن الفلسفة كانت ولا زالت وستبقى ضرورية، وضرورتها تكمن في علاقتها بالحياة الإنسانية التي لا تخلو من مشاكل، لأن الفلسفة تحمل وتطرح دائما أسئلة لفتح آفاق جديدة أخرى تساعد على الاستمرارية في الحياة، وتكتفي فقط بطرحها مع الانتظار دون الإجابة عنها، بمعنى آخر أنها لا تعالجها كما يعالج الطبيب الأمراض، وإنما الفيلسوف يطرح الأسئلة فقط وله القوة على الصبر والانتظار، لأنها أسئلة ليست جزئية، وإنما أسئلة تمس جوهر الوجود الإنساني، ثم إن الفلسفة لا تجعلنا ننغلق في قلعة معينة، وإنما أسئلتها تجعل منا مواطني هذا الكون، لذلك كان لغيابها في فترة معينة أثر على المنظومة التعليمية، مما أدى إلى ظهور أفكار لا تستجيب لطموحات الشعب المغربي.