وجّه نواب المعارضة بمجلس النواب انتقادات لاذعة لتدبير الحبيب الشوباني لقطاع العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. وتحوّل البرلمان مساء أول أمس إلى حلبة للتراشق الكلامي بين نواب الأغلبية والمعارضة خلال أشغال لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، التي انعقدت لمناقشة الميزانية الفرعية لهذا القطاع. وانتهى التراشق بين الطرفين بانسحاب المعارضة في آخر الاجتماع، ورفض الاستماع إلى ردّ الوزير احتجاجا على اتّهام النائبة عن العدالة والتنمية آمنة ماء العينين لها بممارسة الاسترزاق السياسي بالفصل 10 من الدستور. ووصف نائب برلماني عن الأصالة والمعاصرة عمل لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني بالحملة السابقة لأوانها، وقال إن وزارة الشوباني ومن ورائها حكومة بنكيران تعمل بمقاربة الاستحواذ وتمارس الوصاية على المجتمع المدني بعيدا عن المقاربة التشاركية، معتبرا أن القبول بدعم الدول الأجنبية لهذا الحوار فيه تكريس للوصاية الدولية على المجتمع المدني. وقالت القيادية في الأصالة والمعاصرة خديجة الرويسي: «كنت أتمنى أن يعلن الشوباني عن فشل الحوار الوطني حول المجتمع المدني بعد أن أعلنت أسماء وجمعيات وازنة مقاطعتها له»، وتحدثت عن الاحتجاجات التي عرفتها وزارة الشوباني وخلاف إدارته مع الموظفين بخصوص منحة العيد وغيرها. وفي مداخلة باسم الفريق الاشتراكي عبّر النائب حسن طارق عن استغرابه لقيام وزير العلاقات مع البرلمان بدعوة المواطنين عبر وسائل الإعلام العمومية إلى العصيان المدني ضد الفساد، متسائلا عن خلفيات تكليف قطاع حكومي بالمجتمع المدني، الذي يجب أن يعمل باستقلالية عن الحكومة، لأنه سلطة مضادة. ولم يترك طارق الفرصة تمر دون انتقاد الحكومة الحالية ووصفها بأنها ليست حكومة التغيير، وأنها ليست وليدة دستور 2011، وأنها ليست الحكومة التي فكّر فيها شباب «20 فبراير». من جانبهم، اعتبر نواب الأغلبية أن المعارك «المفتعلة» في وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني تعبير عن دينامية تقاوم التغيير، وقالت النائبة عن فريق العدالة والتنمية رقية الرميد إن هذا القطاع كان مجالا للترضيات وجبر الخواطر، وأضافت أن «الحوار حول المجتمع المدني أفرز الجمعيات الحقيقية، وجعلنا نميّز بينها وبين الجمعيات المحمولة في الحقائب، والبرامج الجمعوية الصورية». وطالبت في هذا الصّدد بإخراج الإحصاء العام حول الجمعيات، والكشف عن الدعم الخارجي الذي تتوصل به بعض الجمعيات، وإبراز مصدره وقيمته وأوجه صرفه. وفي الوقت الذي لوحظ غياب نواب الأغلبية عن اللجنة، لوحظ التواجد المكثف لنواب العدالة والتنمية. وفي هذا الصّدد هاجمت آمنة ماء العينين نواب المعارضة الذين اتهموا الحكومة بالوصاية على المجتمع المدني، وقالت إن الذين يروجون لهذه الأحكام هم الذين يمارسون الوصاية الحقيقية على مئات الجمعيات التي انخرطت في الحوار الوطني، وقالت إن المغاربة عانوا من الجمعيات التي وُلدت وفي فمها ملعقة من ذهب، وهي التي يزعجها انفتاح الوزارة على المجتمع المدني الحقيقي. وذهبت ماء العينين بعيدا في وصفها للمعارضة بكونها متباكية وتعلّق ضعفها على الأغلبية، وبأنها تمارس الاسترزاق السياسي بالفصل 10 من الدستور. وهو الموقف الذي فجّر موجة غضب في صفوف المعارضة انتهى بانسحابها من أشغال اللجنة وعدم انتظار رد الوزير. ولم يترك وزير العلاقات مع البرلمان الفرصة تمر دون أن يصف موقف المعارضة بالمستسلم، قائلا: «لم أكن أتصور أن تنهزم المعارضة بالضربة القاضية بدون بذل أي مجهود، لأن من يرافع ساعات لمساءلة الحكومة يريد جوابا، أما الترافع والانسحاب فيدل على أن الأمر ليس ذا معنى أو قيمة». واعتبر الشوباني أن الديناميات التي صنعها المغاربة تجاوزت النخب، وأن المعارضة الحالية تشبه كثيرا الرعد الذي يحدث صوتا مجلجلا، لكنه لا يمطر. وأضاف «كنت أتمنى أن يتناول أعضاء المعارضة العمق، ولكن كان الفقر الشديد هو عنوان المداخلات».