بعد أكثر من سنتين من الاستعدادات، وقعت الثلاثاء الماضي بالرباط عشر اتفاقيات، تروم- وفق ما تم التصريح به - وضع الإطار القانوني لاستخلاص حقوق المؤلفين في الإذاعات الخاصة، بين المكتب المغربي لحقوق المؤلفين وجمعية الإذاعات والقنوات الخاصة، وذلك بحضور وزير الاتصال خالد الناصري ومدير المكتب المغربي لحقوق المؤلفين عبد الله الودغيري. وهي الاتفاقيات التي تحاول أن تؤطر عملية استثمار المحطات الإذاعية للتراث والإنتاج الفني والأدبي المغربي والأجنبي بشكل يحفظ الحقوق المادية والمعنوية للمنتجين (شعراء،ملحنون) وفق المعايير الدولية المتعارف عليه -حسب ما تم التصريح به طبعا- ووفق ما ينص عليه دفتر تحملات المحطات الإذاعية المؤطر لعملها لدى»الهاكا». وفي رأي المهتمين بواقع الفن المغربي وبمسار أداء المكتب المغربي لحقوق المؤلفين وبعملية استخلاص الحقوق من الإذاعات والقنوات الوطنية العمومية، فالتوقيع على هذه الاتفاقيات يعيد السؤال حول حقيقة الاستفادة الفعلية للفنان المغربي الذي بدا بعيدا عن «البروباغاندا» الإعلامية التي رافقت التوقيع ومنحت الفرصة لأصحاب المشروع للحديث عن مكاسب، وظل صوته الصوت الخافت في العملية، رغم أنه العنصر المنتج بالدرجة الأولى، وتفرض الحاجة الإنصات إليه بكثير من التفاعل مع أسئلته الكثيرة المقلقة التي تهم تجربة مردودية التحصيل المالي المتعلقة بالتلفزيونات والمحطات الإذاعية الوطنية العمومية. وفي هذا السياق، نفى الملحن والمطرب المغربي عبد الواحد التطواني علمه بتوقيع هذه الاتفاقية بالقول: «لم نستدع إلى هذا اللقاء، لكي نعلق على تفاصيل العملية، لقد تلقينا الخبر عبر وسائل الإعلام كباقي الجمهور، وما أعرفه هو التوقيع على اتفاقيات قيل إنها ستعمل على تحسين عملية استخلاص الحقوق المادية للفنانين المغاربة والأجانب، ويجب أن ننتظر قليلا للحكم على فعالية هذه الاتفاقيات،مع التأكيد على أن دخول القطاع الخاص سينعش لا محالة الصندوق وسيمنح الفنانين- إذا ما ضبطت عملية الاستخلاص- رافدا ماليا جديدا قد يحسن وضعيته التي تفترض كثير اهتمام ودعم». وحول تجربته مع الإذاعات الوطنية والتلفزيونية، عبر الملحن عن خيبة أمله من العائدات التي يستخلصها كل سنة بالقول:» من المخزي والمحبط أن أعلن عما نتسلمه في بعض الأحيان، وأجد نفسي مضطرا إلى القول إن هناك فئتين من المستفيدين، هناك فئة محظوظة- وأقول بكل صراحة ومسؤولية- تجني أحيانا أكثر من 3 ملايين، وأخرى غير ذلك تستخلص في السنة مبالغ هزيلة يجد الفنان الحرج في إعلانها، تخيل أنه في بعض الأحيان تتسلم ورقة استخلاص لا تتعدى قيمتها 300 درهم في السنة، فهل من الطبيعي أن يستسيغ الفنان هذه الأرقام؟ وهل بهذه الطريقة يمكن الحديث عن استخلاص الحقوق؟ وهل بهذه المبالغ يمكن للفنان أن يعيش ويطور أداءه ويحسن أن إبداعه وإنتاجه؟ ويواصل عبد الواحد التطواني لغته الإحتجاجية التي تختزل احتجاج وتذمر فنانين آخرين من عملية استخلاص حقوقهم المادية بالقول: «أنا أتابع عملية بث أغاني وأعرف كم مرة تقدم، ولكن حينما أستقبل كشف الحساب، أتوه في الأرقام وأحاول فك رموزها دون إمكانية تحقيق ذلك، وحينما تتصل بالمسؤولين، تجد الجواب الذي يتكرر إذا أردت أن تعرف يمكن أن تأتي إلى المكتب لنشرح لك، وهذا يعني الدخول في عملية معقدة من الحسابات لسنا بحاجة إليها، لأننا فنانون يجب أن نركز على إبداعنا ويجب على المسؤولين أن يضمنوا لنا حقوقنا بشكل..». ودعا عبد الواحد التطواني إلى البحث عن آلية مضبوطة من شأنها توحيد عملية استخلاص حقوق المبدعين (كتاب الكلمات، الملحنون) والتعامل معهم بشكل سوي، دون محاباة أو إقصاء، ودون العمل بمنطق الصدفة والحظ الذي يفسر توصلنا بأرقام متباينة في التعامل مع الإنتاج. هذه الهواجس تفترض، في رأي متتبعي واقع الساحة الفنية المغربية التي تفقد كل أحد أسمائها دون أن «تقبض» على موارد مادية للعيش والاستشفاء، في الوقت الذي تبث وتقرصن فيه أعمالهم على مرأى المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، تفعيل بنود حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وجعلها أكثر تنفيذية، وجعل اتفاقيات التي وقعت بين المحطات الخاص( هيت راديو،راديو أطلنتيك،راديو بلوس، شذى إف إم،كاب لراديو،كات راديو،راديو إف إم أطلس،راديو أصوات،إم أف إم سوس،إم إف إم سايس، نموذجا للتعامل القانوني والمادي والأخلاقي،هذه المعطى الأخير الذي يبقى الحاسم في كيفية التفاعل مع الإنتاج الفني المغربي الأصيل الذي يفترض كثير احترام واعتراف.