سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بنكيران «يترمضن» على المستشارين ويوجه رسائل قوية إلى محيط القصر وشباط بث شكواه مما سماه «التشويش الممارس من أعلى وأدنى» وقال إن الشعب يعرف من يقصد بالتماسيح
بعث عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، في جلسة الأسئلة الشهرية المنعقدة بعد زوال أول أمس الأربعاء بمجلس المستشارين، رسائل واضحة و أخرى مشفرة إلى محيط القصر ومعارضي حكومته، دون أن ينسى تصفية بعض حساباته مع حليفه السابق، حزب الاستقلال. ففي إشارة قوية إلى من يهمه الأمر، لم يتوان بنكيران عن بث شكواه مما سماه «التشويش الممارس من أعلى وأدنى»، وقال خلال تدخله للتعقيب على أسئلة المستشارين خلال جلسة المساءلة الشهرية، التي تمحورت حول «تطوير السياسات المتعلقة بالاستثمار والصناعة والتجارة والخدمات»: «أقوم بدور قاس فيه صعوبات وإكراهات من أدنى ومن أعلى ومن اليمين ومن اللوبيات»، دون أن يحدد الجهة الأعلى ولا الأدنى اللتين تواجهانه عند أدائه مهامه. رئيس الحكومة تابع بعث رسائله بالقول: «انظروا ماذا يقع بجوارنا حين يتلاعب المتلاعبون بمصائر الأوطان بعد سنة من الحكم»، مشيرا إلى أن «رئاسة الحكومة بالنسبة لي ليست الجنة..الجنة عند الله». أكد بنكيران أن عهد التحكم في السياسة والثقافة والاقتصاد لم يعد ممكنا اليوم، فيما اعترف بعجزه أمام «التماسيح والعفاريت»، حينما قال في معرض رده على طلب أحد المستشارين الكشف عن هويتها: «الشعب يعرف أني لا أنا ولا هو، نستطيع أن نبوح بمن هم». إلى ذلك، تحولت جلسة المساءلة إلى جلسة للملاسنات غير مسبوقة بين رئيس مجلس المستشارين الشيخ محمد بيد الله، ورئيس الحكومة، بعد أن طالبه بالدخول في صلب موضوع الجلسة. ولم يكد رئيس الغرفة الثانية ينبس بطلبه حتى انفجر بنكيران في وجهه قائلا: «أنا في صلب الموضوع، وليس لك الحق في مقاطعتي .. عرف راسك مع من تتهدر، راني رئيس الحكومة»، وهو الرد الذي لم يستسغه بيد الله ليرد بقوة: «هذا كلام لا يليق بك كرئيس للحكومة.. الله يهديك.. أنا أحتكم للقانون التنظيمي». كلمات رئيس المجلس لم تكن كافية لإيقاف غضب بنكيران، إذ تابع هجومه بالقول: «السيد الرئيس أنت عزيز علينا ونحترمك فلا تنضافوا إلى الجهات المشوشة.. وقد كثر المشوشون على هذه الحكومة.. إيلا قاطعني شي واحد ما يلوم إلا راسو، غلب الصمت على الكلام الفاحش وغلب السب والشتم». وبنبرة تحد واضحة قال بنكيران: «أنا رئيس الحكومة.. الشعب اللي حطني هنا.. أنا لا أحتاج إلى الكلام.. الشعب يعرفني ويعرف من يواجهني وأنا لا أحتاج إلى الحكومة وإلا بغيتو نمشو للانتخابات نمشو ليها». من جهة أخرى، دشن بنكيران حربه المباشرة ضد حزب شباط، محولا جلسة الأسئلة الشهرية الرابعة التي غاب عنها وزراء الاستقلال المستقيلين باستثناء عبد الصمد قيوح، إلى جلسة لإفراغ ما بصدره. رئيس الحكومة شن هجوما حادا على مستشاري حزب علال الفاسي، بعد أن دشنوا بمناسبة الجلسة الشهرية انتقالهم إلى يسار حكومة بنكيران، وقال بنبرة ساخرة على مرأى ومسمع من محمد الوفا، الوزير الاستقلالي: «مالكم بالزربة تقلبتو خليكم حتى تولفو شي شوية.. سبحان الله بين عشية وضحاها انقلبتم على سياسة وزيركم في المالية الذي نعتز به، وهو الذي وضع السياسة المالية في الحكومة، وهو الذي تم تكريمه هذه السنة مرتين إفريقيا وعلى مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط». وأضاف: «خذوا شويا ديال الوقت وخرجوا للمعارضة بعدا، أما وأن تعارضوا الحكومة حتى قبل أن أرفع استقالات وزراء حزبكم إلى جلالة الملك فهذا غير معقول». ويأتي هجوم بنكيران على الفريق الاستقلالي، بعد أن فوجئ الفريق بشن هجوم حاد عليه، بعد أن أعلن فؤاد القادري، عضو الفريق خلال تدخله أن حزبه «اختار جهة الشعب، لأن حال المغاربة اليوم أصبح أكثر سوءا مما كان عليه»، مشيرا في هذا الاتجاه إلى أن الشعب المغربي سئم من لغة الحيوانات التي اختار بنكيران مواجهة خصومه بها. واعتبر القادري في كلمة مرتجلة خطفت الانتباه واستهلها بعبارة «لسنا من أهل الكهف»، أن آلية صنع القرار داخل الحكومة تعطلت، مشيرا إلى أن المغاربة يحتاجون اليوم إلى القرارات الشجاعة وإلى من يتحمل المسؤولية. من جهة أخرى، بدا أن هجوم الاستقلاليين على بنكيران انقلب ضده، إذ أبدى محمد الأنصاري، رئيس الفريق، مباشرة بعد انتهاء جلسة المساءلة غضبه إزاء ما آلت إليه الأمور بعد تدخل القادري ومحاولات عبد السلام اللبار مقاطعة بنكيران.