كشفت دراسة حديثة أنجزها مجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج بعنوان «أسطورة العبور.. الهجرة جنوب الصحراء في المغرب» أن المعطى الأكثر تردّدا لدى المهاجرين من جنوب الصحراء المقيمين في المغرب بشكل سرّي هو معاناتهم من «التمييز»، حيث وصف بعضهم علاقتهم بالمغاربة بعبارات قوية من قبيل أنّ «المغاربة يُذلون العِرق الأسْود»، وأنّ «المهاجرين يعاَملون كالشامبانزي.. إنهم يعتقدون أننا متسخون». وتحدثت الدراسة، التي جرى تقديمها صباح أمس في الرباط، عن أنّ الاختلاف الديني يمكن أن يعمّق مثل هذه الممارسات التي يعانينها هؤلاء المهاجرون، حيث تحدّث مهاجرون من ديانة مسيحية عن وجود تفرقة بينهم وبين الساكنة المغربية، التي يدين أغلبها بالدين الإسلامي. «إنهم يسألونك مباشرة إنْ كنت مسلما.. وحتى إن لم تكن مسلما.. فطبعا يجب أن تقول إنك مسلم»، يصرّح مهاجر سري لفريق البحث، فيما ذهب بعض هؤلاء المهاجرين إلى أنّ الدين ليس المشكل الأساسي، وأنه حتى لو كان المهاجر مسلما فإنّ المغاربة لن يقبلوه، «نحن السود في المغرب لا يصدقنا أحد حتى عندما نقول إننا مسلمون»، يضيف مهاجر آخر. ووقفت الدراسة على وضعية المهاجرين السريين في سوق العمل، حيث كشفت، بناء على عدد من الشهادات، أنّ عددا من المهاجرين مُجبَرون على العمل في القطاع غير المهيكل، وغالبا في مهن أكثر خطورة وبأجور زهيدة في مجالات الفلاحة والبناء، حيث صرّح أحدهم بأن المغاربة تؤدى لهم مثلا 100 درهم كتعويض عن العمل في اليوم، في حين أن المهاجرين يتقاضون 50 درهما، رغم أدائهم العمل نفسَه. واعتبرت الدراسة أن المهاجرين في وضعية غير قانونية لا يستفيدون، بشكل عامّ، من الخدمات العمومية الأساسية، من قبيل العلاجات الطبية والتعليم والدعم القانوني.. وبسبب وضعية الفقر والتهميش والخوف من استبعادهم نحو بلدانهم، فإنّ عددا من المهاجرين لا يقدرون حتى على توفير العلاجات المستعجلة، غير أنّ منظمات المجتمع المدني، حسب الدراسة ذاتها، تلعب دورا مُهمّا في سد هذا الخصاص الذي يعاني منه المهاجرون في مجال الاستفادة من الخدمات، وبدونها فإن عددا كبيرا من المهاجرين سيجدون أنفسَهم غير قادرين على الولوج إلى الخدمات الصحية. من جهة أخرى، أوضحت دراسة ثانية، بعنوان «عودة المهاجرين في وضعية غير قانونية إلى المغرب»، أنّ كلا من المغرب والاتحاد الأوربي لا يريدان تحمّل مسؤولية عودة المهاجرين غير الشرعيين من أوربا إلى المغرب، حيث انتقدت الدراسة عدم استفادة العائدين من برامجَ للمساعَدة. وأضحت الدراسة أنه تم تسجيل ارتفاع في عدد المهاجرين العائدين إلى المغرب خلال السنوات الأخيرة، حيث أبدى المجلس، إلى جانب المعهد البريطاني حول السياسات العمومية، الذي ساهم في إجراء الدراستين، ملاحظات سلبية حول السياسة المتبعة من لدن الاتحاد الأوربي في موضوع عودة المهاجرين نحو المغرب. كما أكدت الدراسة أن السياسة الحالية، سواء في دول الاتحاد الأوربي أو في المغرب، مكلفة وغير ناجعة ومؤسفة بالنسبة إلى هؤلاء المهاجرين.