يعيش المعهد التعليمي للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين وضعاف البصر بطنجة حالة من الإهمال وسوء الإدارة، مما يؤثر على المستوى التعليمي للأطفال المستفيدين من خدمات المعهد، في ظل وجود أستاذين فقط يسهران على تعليم 24 تلميذا مكفوفا، ومشاكل في توفير نقل مدرسي يوفر العناء على التلاميذ القادمين من أماكن نائية بعاصمة البوغاز، بالإضافة إلى «الفظاظة» في تعامل المشرفين على إدارة المعهد مع التلاميذ وأولياء أمورهم. أستاذان لخمسة فصول يعاني المعهد التعليمي للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين، الوحيد بمدينة طنجة، من نقص في الأطر التربوية، إذ يسهر على التدريس بالمعهد أستاذان كفيفان، فقط، يقومان بالإشراف التربوي على خمسة مستويات، ابتداء من الصف الأول إلى الصف الخامس الابتدائي، بعد أن كان عددهم منذ ثلاث سنوات يصل إلى ستة أطر تربوية، حسب بيان لجمعية آباء وأولياء المعهد توصلت «المساء» بنسخة منه. وقد أكد رئيس جمعية آباء وأولياء تلاميذ معهد المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بطنجة، عبد الرحمان دبابا، مطالبة أولياء الأمور المتكررة بضرورة استقدام أطر تربوية إضافية لضمان تعليم أفضل لأبنائهم. إضافة إلى ذلك، فإن جميع تلاميذ المعهد الأربعة والعشرين، في جميع المستويات، يدرسون معا في نفس الحصة، وهو ما يطرح سؤالا حول قدرة التلاميذ على مسايرة الأساتذة، وقدرة الأساتذة على التوفيق بين جميع المستويات، في الوقت الذي تنص فيه المعاهدات الدولية على أن لا يتعدى عدد التلاميذ، من ذوي الاحتياجات الخاصة، في الفصل الدراسي الواحد عشرة تلاميذ. وهو ما يفسر استنكار أولياء التلاميذ، في البيان، عجزهم عن تقييم مستوى أبنائهم وتطور مستوياتهم التعليمية. وكشف دبابا تقدم عدد من المتطوعين للعمل على تدريس الأطفال المكفوفين، إلا أن المؤسسة تعاملت مع تلك الطلبات ب»استخفاف». ومن بين المتطوعين موظفان «كفيفان» في ولاية طنجة، من قدماء تلاميذ المعهد، عرضا الالتحاق بالمعهد للتدريس، وتم تقديم طلب لتغيير إطارهما لوزارتي الداخلية والتربية الوطنية، بتعاون مع النائب الإقليمي لوزارة التربية والتعليم بطنجة، إلا أنهم لحدود كتابة هذه الأسطر لم يتلقيا جوابا. وتفرض الاتفاقية الموقعة بين المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين وضعاف البصر ووزارة التربية والتعليم أن تقوم الأخيرة بتزويد معاهد المنظمة بالأطر التربوية اللازمة، وأيضا خضوع معاهد المنظمة لعمليات تفتيش دوري من طرف الوزارة، للاطلاع على سير العملية التربوية في تلك المعاهد، وهو الشيء الذي نفت جمعية الآباء وجوده، في بيانها. ماذا بعد الابتدائي؟ يطرح أولياء التلاميذ المكفوفين مشكلة أخرى تتمثل في مصير أبنائهم بعد إتمام التعليم الابتدائي، حيث لا تتوفر مدينة طنجة على مؤسسة للتعليم الإعدادي لهذه الفئة، وغياب الرؤية لدى الوزارة الوصية لإدماج المكفوفين ضمن المؤسسات العمومية. إذ يتحتم على الآباء الراغبين في إتمام أبنائهم لمراحلهم الدراسية إرسالهم إلى مدينة تطوان، التي تتوفر على مؤسسة للتعليم الإعدادي لهذه الفئة. وهو ما يضطر آباء التلاميذ إلى إجبار أبنائهم على الانقطاع عن الدراسة، كما أكد على ذلك أحد الآباء قائلا إنه لا يستطيع إرسال ابنه «الكفيف» ذو 11 سنة ليعيش في مدينة أخرى. رئيس جمعية الآباء أشار إلى أن معهد طنجة يعاني من تهميش «متعمد»، مستشهدا بنظيره في مدينة تطوان، حيث إن معهد تطوان يشتغل به حوالي 25 أستاذا، يقومون على تدريس حوالي 78 تلميذا، بينما يبلغ عدد المسجلين في معهد طنجة 24 طفلا، يداوم 21 منهم على الحضور بانتظام، في حين يجد الآخرون صعوبة في الانتظام في الدراسة، بالنظر إلى مجموعة من الاعتبارات على رأسها بعد المعهد عن أماكن سكنهم. معضلة النقل المدرسي يمثل النقل عائقا آخر أمام تلاميذ معهد المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين وضعاف البصر بطنجة، حيث أكد آباء التلاميذ لل»مساء» أنهم كانوا يتوفرون على سيارة للنقل المدرسي متوسطة الحجم، قبل أن يتفاجئوا بتعرض السيارة لحادث سير يوم السبت 16 فبراير 2013، وهو يوم عطلة، مما اضطر أولياء التلاميذ إلى إبلاغ الشرطة، في ظل إحجام مسؤولي المعهد عن التصريح بملابسات الحادث. وبعد أن حُرم الأطفال من الالتحاق بمعهدهم نظرا لغياب النقل المدرسي، ومراسلة النيابة الإقليمية للتعليم، تم الاتفاق على أن تتكلف جمعية الآباء بمصاريف البنزين، في حين تتكلف المنظمة بأجرة السائق ومصاريف السيارة، إلا أن الآباء فوجئوا بمنعهم من ولوج المؤسسة بحجة عدم قانونية الجمعية، إلا أن المفاجأة كانت أكبر، يقول أحد الآباء، عندما علموا أن سيارة النقل التي وفرتها المؤسسة هي سيارة لنقل العمال، وهو الشيء الذي رفضه الآباء بعد تجربة سابقة مماثلة، حيث كان السائقون يستعملون المخدرات ويتلفظون ب»ألفاظ نابية» أمام التلاميذ، بالإضافة إلى أنهم كانوا ينزلون التلاميذ المكفوفين في محطات دون تواجد أهاليهم. سوء تسيير يتهم آباء التلاميذ رئيس فرع المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين وضعاف البصر في طنجة بالتقصير في أداء واجباته، حسب بيان جمعية أولياء التلاميذ، وذلك بالنظر إلى الخدمات التي يقدمها المعهد للأطفال، في الوقت الذي كان يجب أن يكون عدد المستفيدين من خدمات المعهد أكبر بكثير بالنسبة إلى مدينة كبرى كطنجة، والحالة المزرية التي كان عليها المعهد قبل أن تتدخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي شيدت ست حجرات. وقد حاولت «المساء» الاتصال بمسؤولي المعهد، لكن دون جدوى، حيث ظل الهاتف يرن دون تلقي رد. وأوضح رئيس جمعية الآباء أن رئيس الفرع «لا تتمثل في عمله أهداف المنظمة العلوية»، خاصة أنه سبق له أن هدد في عدة مناسبات بطرد التلاميذ الذين يتذمرون من سوء خدمات المعهد. في حين أنه هو إطار أستاذ، ولم يقم أبدا بالتدريس للتخفيف من الضغط على الأستاذين الآخرين، نظرا لتفرغه. كما يشتكي أولياء التلاميذ من تهديدات مدير المعهد المتكررة لهم بإغلاق المعهد، حيث يواجههم إذا ناقشوه في شؤون المعهد بعبارات من قبيل «إِذَا مَا عْجْبْكْ حال ادِيهْ»، في إشارة إلى الطفل الكفيف، و«نْسْدُّو المعهد»، حسب نص بيان الجمعية. ويورد البيان حادثة وقعت مع مدير المعهد وأم إحدى التلميذات الكفيفات، التي حاولت أخذ ابنتها لعدم توفر نقل مدرسي، قبل أن يفاجئها المدير بعبارة «إذا ادِّتِيهَا ما تْعَاوْدْشْ تْحُطْ رْجْلِيهَا هْنَا»، في إشارة إلى المعهد. ويضيف رئيس جمعية الآباء أنهم عندما يحاولون الاستفسار عن مستوى أبنائهم الدراسي وكيفية التوفيق في تدريس خمسة مستويات مع بعضها في حصة واحدة، يجيبهم مدير بالمعهد بأن مستويات التلاميذ داخل المؤسسة تنقسم إلى مستويين، ضعيف ومتوسط.