تتجه النقابات التعليمية إلى تصعيد مواقفها إزاء التباطؤ القائم بشأن مطالب الشغيلة التعليمية. تصعيد لم تشهده المؤسسات التعليمية منذ توقيع اتفاق فاتح غشت سنة 2007 بين النقابات التعليمة الخمس ووزارة التربية الوطنية في عهد حكومة جطو. مبعث هذا التوتر الجديد، الذي نجمت عنه الدعوة إلى الإضراب الوطني من طرف الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المحسوبة على نقابة الإسلاميين ومن المحتمل أن تنضم إليه نقابات أخرى، عدم أجرأة ذلك الاتفاق على أرض الواقع إلى حد الآن، وعدم وضوح الرؤية بشأن البرنامج الاستعجالي الذي دخل حيز التنفيذ انطلاقا من الموسم الدراسي الحالي، ويمتد على مدى أربع سنوات. مظاهر التوتر القائم حاليا بين الوزارة والفرقاء الاجتماعيين لم يسلم منها اللقاء التشاوري الذي جمع أمس مسؤولي النقابات التعليمية الخمس ومسؤولي وزارة التربية الوطنية، حيث تحول اللقاء، الذي تم تخصيصه من أجل إطلاع النقابات على التقرير التركيبي للبرنامج الاستعجالي بعد تنقيحه وإدخال جملة من التعديلات عليه وحذف مجموعة من الفقرات التي اعترض عليها عدد من النقابات، إلى لقاء مساءلة للحكومة ككل بشأن مستقبل التعليم بالمغرب. وبخصوص الجو العام الذي ساد في هذا اللقاء، يوضح سعيد مندريس، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أن أغلب النقابات كانت محبطة من منهاجية الحوار المعتمد، سواء فيما يتعلق بالصيغة التي تم اعتمادها بخصوص الحوار المركزي في جلسات الحوار الاجتماعي أو جلسات الحوار القطاعي، وعدم تنفيذ بنود اتفاق فاتح غشت التي هيمنت بشكل كبير على مجريات هذا اللقاء، حيث يتعذر مسؤولو الوزارة بأن مرد عدم تنفيذ ذلك الاتفاق يعود بالأساس إلى الحكومة ككل، وأنها غير مستعدة في الوقت الحالي للرفع من نسبة حصيص الترقية إلى 33% على الأقل للتخفيف من التراكمات التاريخية الحاصلة في الترقية بالاختيار منذ 2003، كما أنها غير مستعدة لتمديد العمل ببعض المقتضيات الانتقالية المنصوص عليها في النظام الأساسي كقاعدة (15 سنة أقدمية زائد 6 سنوات قصد الترقي بالاختيار). وحسب مندريس، فإن النقابات رفضت في بداية هذا اللقاء الاستماع إلى طروحات وزارة التربية الوطنية في ما يتعلق بالبرنامج الاستعجالي ما لم تتم الإجابة عن الدواعي الحقيقية الكامنة وراء عدم تنفيذ اتفاق يرهن مستقبل الشغيلة التعليمية بالمغرب، ويتوقف عليه البرنامج الاستعجالي نفسه. اللقاء كان مناسبة أيضا، يضيف مندريس في تصريح ل»المساء»، للتصريح أمام ممثلي الوزارة بسيادة جو عدم الثقة بين الفرقاء الاجتماعيين والحكومة بخصوص ما يتم الاتفاق عليه ولا يتم تنفيذه. كما أن الاحتجاج انصب أيضا على طريقة تدبير البرنامج الاستعجالي، حيث لم تتوصل النقابات بتفاصيله كاملة، واقتصرت الوثائق المتحصل عليها إلى حد الآن على تقارير تركيبية. إلى ذلك، ذكرت مصادر نقابية أنه يرتقب عقد لقاء تنسيقي بين النقابات لتوحيد مواقفها إزاء عدد من القضايا الملحة، كما أن مضمون هذا اللقاء سيتوقف على نتائج اللقاءات مع الوزارة الوصية. وتطالب النقابات برفع المظلومية عن أساتذة التعليم الابتدائي المرتبين في السلم 9 والحاصلين على البكالوريا قبل سنة 1993 وإنصافهم، وكذا إنصاف باقي المتضررين من أساتذة الإعدادي، كما تلح على ضرورة إيجاد حل شامل واستثنائي لمطالب أطر التخطيط والتوجيه التربوي وهيئة المحللين بالتعليم المدرسي، وتفعيل ما جاء في اتفاق فاتح غشت حول ترقية المعنيين. وتشدد على التعجيل بحذف السلالم من 1 إلى 4، والتعويض عن سنوات ما قبل الترسيم لفائدة الأعوان، مع إقرار حركة انتقالية خاصة بهم محلية، جهوية ووطنية، والتفعيل الإيجابي لمذكرة تحديد المهام. كما تدعو النقابات إلى مراعاة التوصيات والملاحظات حول البرنامج الاستعجالي وإشراك الفرقاء الاجتماعيين في تنزيل بنوده، وتدارك الخصاص المهول في الموارد البشرية عبر إحداث مناصب جديدة في القطاع.