«أفلتَ» كل من أنس العلمي، مدير صندوق الإيداع والتدبير، وإدريس بنهيمة، الرئيس العام للخطوط الملكية الجوية، من مُساءلة لجنة المالية والتنمية الاقتصادية للتدبير المالي للمؤسستين، بعد أن تم تأجيل جلستي مساءلتهما، التي كانت مقررة صباح يومي الثلاثاء والأربعاء، إلى 12 و25 مارس الجاري، على التوالي. وجاء تأجيل اجتماعَي لجنة المالية في الغرفة الأولى لضمان حضور الوزراء المسؤولين عن القطاعين، بسبب التزاماتهم في إطار النشاط الملكي في مدينة فاس. وحسب سعيد خيرون، رئيس اللجنة، فإن هذه الأخيرة ارتأت تأجيل اجتماعيها حتى يكون الوزراء المعنيون حاضرين، مشيرا في المقابل، في اتصال مع «المساء»، إلى أن المدير العام ل»السي دي جي» مستعدّ للمثول أمام اللجنة والرّد على كل تساؤلات البرلمانيين. وللمرة الثالثة على التوالي، يتم إرجاء مثول مدير صندوق الإيداع والتدبير، لأسباب مختلفة، منذ جلسة 20 يونيو الماضي، التي مرت عليه «بردا وسلاما»، بعد أن اقتصرت على تقديمه عرضا يقدّم صورة إيضاحية عن المجموعة ومهنها وأنشطتها في جميع مناطق المملكة وحصيلة عملها خلال سنة 2010. غير أن اللافت كان هو عدم امتلاك مدير الصندوق الجرأة على كشف وضعية المجموعة، التي عاشت على وقع الانخفاض في أرباحها خلال السنة الماضية بما يقارب 58 في المائة.. وكان مسؤولو الصندوق قد فشلوا في «تهريب» الشوط الثاني من مساءلتهم من قِبل أعضاء لجنة المالية إلى المقر المركزي للصندوق، في شارع مولاي يوسف في الرباط، بعد أن قطعت اللجنة الطريق على محاولات تحويل الجلسة الثانية لمساءلة العلمي بتوجيه الاستدعاء له للمثول أمامها في 5 مارس القادم. ووفق مصادر برلمانية، فقد كانت هناك تخوفات من سعي جهات داخل لجنة المالية ومن الصندوق إلى «تهريب» جلسة المساءلة إلى المقر المركزي للصندوق، وتحويلها إلى زيارات للمؤسسات التابعة للصندوق فقط وتفادي «إحراج» البرلمانيين.. وحسب المصادر نفسها، فإن إثارة مُقترَح الانتقال إلى مقر الصندوق تم خلال الشوط الأول لجلسة المساءلة، مشيرة إلى أن الانتقال يخالف ما هو منصوص عليه في الدستور والنظام الداخلي للغرفة الأولى، وما اعتادت عليه اللجنة. إلى ذلك، ينتظر أن تتحول جلسة 12 مارس الجاري إلى جلسة «محاكمة» بامتياز للتدبير المالي للمؤسسة، خاصة في ظل التساؤلات الكثيرة التي تطرح بهذا الشأن، فضلا على الوضعية الدقيقة لماليتها، في ظل تراجع أرباح المؤسسة، التي لم تتجاوز خلال سنة 2011 قيمة 801 مليون درهم، ويتوقع أن تقارب خلال السنة الماضية 28 في المائة، وكذا مديونية الدولة للصندوق، والتي وصلت إلى خلال 2012 إلى 500 مليون درهم. وفيما يُنتظر أن يمَكّن مدير الصندوق أعضاءَ اللجنة من تقرير المجلس الأعلى للحسابات والحصيلة السنوية لأنشطة الصندوق برسم سنة 2011، وفقا للطلب الذي كان قد تقدم به الفريق الاشتراكي في الجلسة الأولى، كشفت مصادر من اللجنة توجها لإثارة موضوع استثمار الودائع ونسب الفائدة التي تودع بها أموال صناديق التقاعد، المُهدَّدة بالإفلاس. من جهة أخرى، ستكون مهمة إدريس بنهيمة، الرئيس العام للخطوط الملكية الجوية، بحضور عبد العزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز، صعبة وهو يحلّ ضيفا على لجنة المالية يوم 25 من الشهر الحالي، للإجابة عن أسئلة البرلمانيين بشأن التدبير المالي ل»لارام»، التي كانت تقارير المفتشية العامة للمالية الخاصة بالشركة قد وقفت لدى افتحاص ماليتها على خصاص ماليّ يقدَّر بحوالي 300 مليار سنتيم.. وسي كون بنهيمة مطالَبا بتقديم التوضيحات الضروروية والإجابة عن التساؤلات المطروحة منذ مدة حول الاختلالات التدبيرية والخسائر المالية التي سجلتها الشركة خلال السنوات الماضية، وكذا عن مصير المساعدات التي تقدّمها الدولة للشركة، والتي كان آخرها دعم مالي من الدولة بمبلغ 34 مليون درهم سنويا.. كما ستكون جلسة المساءلة مناسبة لإثارة موضوع «المخطط الاجتماعيّ» وما تلاه من مغادرةٍ لمجموعة من المضيفين والمضيفات، وُصفت ب»القسرية» من قِبل النقابات، وما خلفته من مآسٍ اجتماعية.