يميل مولود مدكر، اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي بالبطولة القطرية، إلى أن اللاعب والمدرب المغربي هما الأجدر بوضع الثقة فيهما، ويبرر ذلك بكون المغرب يتوفر على أطر لها من الكفاءة والمعرفة ما يؤهلها لأخذ زمام المنتخب المغربي والسير به بعيدا، وأيضا على لاعبين أصبح من الواجب الاعتماد عليهم، وخير دليل، يقول مذكر في الحوار الذي أجرته معه «المساء» أن هؤلاء، رغم قلتهم، أبانوا عن مستوى طيب في جنوب إفريقيا. في نفس الحوار يرشح مولود مدكر الرجاء والوداد البيضاويين والجيش الملكي للظفر بلقب الموسم الحالي، بدعوى أنها الفرق التي لها الطراوة والنفَس، أي الفرق التي أعدّت العدة منذ البداية، وعزّزت صفوفها بلاعبين لهم قيمتهم بالدوري المغربي. من جانب آخر يتحدث نفس المصدر في هذا الحوار عن سر إخفاق الفرق المغربية في مشاركاتها القارية، ويقدم العوامل الأساسية الخمسة التي يراها سببا في ذلك. - كيف تجد الأداء العام في البطولة الاحترافية المغربية هذا الموسم؟ إجمالا، يمكن القول إن هناك تحسنا في الأداء، وبين الفينة والأخرى، نشاهد مباريات جميلة بأداء راقٍ، لكنْ في المقابل أحضر في مرات أخرى مباريات متواضعة حتى لا نقول سيئة.. لأن الفوارق بين الأندية في المغرب ما تزال كبيرة جدا، فباستثناء خمسة أو ستة فرق، فإن بقية الأندية تعاني، ومشاكلها تظهر بشكل كبير في مرحلة الإياب، نظرا إلى النقص الكبير في الموارد المادية، وهو الأمر الذي يجعلها تدخل في دوامة من المشاكل تعصف بالاستقرار وتؤدي بها إلى تحقيق نتائج سلبية، وهنا أتأسف لحال بطولتنا، لأن جل الفرق تقريبا لا تشتغل ببرامج واضحة ورؤية مُعَدّة سلفا، كما تسطر الأهداف قبل انطلاق البطولة، إذ ينبغي أن يقرّر المكتب ما إذا كان سيلعب الأدوار الطلائعية أم إنه يراهن على الحفاظ على وسط الترتيب أو تفادي النزول للقسم الثاني، وهذه الأهداف تسطر بعد دراسة ميزانية النادي وتشكيلته البشرية وأمور تقنية أخرى.. - كيف ترى تقدّم مشروع الاحتراف، هل نتقدم في المسار الصحيح أم أن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن التقييم؟ فعلا، ما زال الوقت مبكرا نسبيا لتقييم المشروع، لكنْ يمكن القول إن كل مكونات الشأن الرياضي كانت تريد مشروعا احترافيا يُنهي الصلة بالهواية، ويدخلنا عهد التقنين الرياضي، حيث يصبح للاعب عقد واضح البنود، يبيّن له حقوقه وواجباته، والأمر نفسه بالنسبة إلى المدرب وكل المتداخلين في كرة القدم المغربية. لكنْ إذا تحدثنا عن البنية التحتية فما زال أمامنا طريق طويل وشاق، لأنه باستثناء ملاعب طنجة ومراكش، وبحول الله أكادير، هناك غياب كبير لملاعب محترفة تراعي كل الشروط التي يجب أن يتوفر عليها هذا المرفق، لأن الملاعب الاصطناعية في نظري ليست حلا، كما يحاول البعض الترويج لذلك، فمن الصعب على اللاعب أن يبرز مواهبه وإمكانياته على الأرضية الاصطناعية، ناهيك عن المشاكل العضلية والصحية، التي قد تلحه. كما أن الحديث عن التكلفة -بدوره- أصبح مُتجاوَزا في نظري، فيكف نستطيع إنشاء ملاعب كبيرة للغولف وصيانتها طيلة السنة، ولا نقوم بالأمر نفسه مع ملاعب كرة القدم، ونحن نعلم جيدا ما تمثله كرة القدم بالنسبة إلى أي مواطن مغربي؟.. وبالتالي فالمسألة مسألة قرار وجرأة وتحد. - في نظرك، ما هي الفرق الأكثر حظا للظفر بلقب الدوري المغربي هذا الموسم؟ هي، بالتأكيد، الأندية التي تتوفر على الطراوة والنفَس، أي الفرق التي أعدّت العدة منذ البداية، وعزّزت صفوفها بلاعبين لهم قيمتهم بالدوري المغربي، وأقصد هنا الرجاء والوداد البيضاويين والجيش الملكي في المرتبة الأولى، وبدرجة أقلّ نادي الفتح الرباطي والمغرب الفاسي، وفي نظري فلهذه الفرق مقومات البطل وبإمكانها إحراز اللقب هذا الموسم، أما في ما يخصّ نادي المغرب التطواني فحظوظه أقلّ هذا الموسم، ويبدو أنه اختار التحضير للموسم القادم. - كيف تشرح تواضع الأندية المغربية في الكؤوس القارية، وعدم قدرتها على الاستمرار بقوة بشكل دائم؟ هذا صحيح، فبإمكان فريق مغربي الفوز بكأس قارية في الموسم، لكنه يغادر بشكل جد مبكر في الموسم الموالي، وهذا مشكل جوهريّ في كرتنا، مرده إلى الاعتماد على الهواية وغياب الإستراتيجيات المتوسطة وبعيدة الأمد، فالمشاركة الخارجية تتطلب نفَسا طويلا وإمكانيات مادية وبشرية مهمّة.. إلى جانب غياب عامل الاستقرار عن صفوف الفرق المغربية، فأي ناد بمجرد الفوز بأي لقب ونيله القليل من الشهرة يغادره جل اللاعبين بعد توصلهم بعروض أفضل ماديا.. ولا يبذل المسؤولون عن النادي جهدا كبيرا للاحتفاظ بهم، مما يؤثر على استمرارية النجاح، وخير دليل ما وقع للمغرب الفاسي، وأيضا للفتح الرباطي.. إضافة إلى مشكل تغيير المدربين بشكل مستعجل للغاية، وعدم منح الفرصة للمدربين الشباب، رغم أنّ الكثير منهم أبانوا عن علو كعبهم قاريا، وهنا أتمنى أن يتم منح الشواهد للمدربين الصغار في السن حتى يتسنى لهم إظهار قدراتهم والتألق مع الفرق الوطنية محليا وقاريا، كما لا يجب أن ننسى أن أندية الدول الأخرى أصبحت تراهن بشكل كبير على الكؤوس القارية وتستثمر الأموال في هذا السياق. -كيف وجدت المشاركة المغربية في نهائيات كأس إفريقيا للأمم في جنوب إفريقيا والخروج المبكر للمنتخب منذ الدور الأول؟ بالتأكيد، مثلَ كل المغاربة، كنت أتمنى أن يظهر المنتخب المغربي بمظهر أفضل بكثير ويذهب بعيدا في المنافسة، لكننا خرجنا منذ الدور الأول وهنا أفضل القول إن المشاركة المغربية كانت متواضعة ولم تكن هزيلة، بالنظر إلى الظروف العامة التي تسلم فيها الطوسي زمام تدريب المنتخب، فالوقت لم يكن كافيا لتحضير المنتخب بشكل قوي، وبالتالي كان من الصعب على المدرب الاستقرار على التشكيلة المناسبة القادرة على رفع التحدي. - يستعد المنتخب الوطني لاستئناف تصفيات كأس العالم 2014، كيف ترى حظوظ الأسود؟ أكيد أنّ مسار المنتخب صعب للغاية، ولكنه يبقى غيرَ مستحيل، شريطة الفوز في كل المباريات، لاسيما الانتصار على الكوت ديفوار في أبيدجان، غير أن التحدي يبقى مشروعا، ومنتخب الفيلة بدوره يمرّ بفترة انتقالية، فقد «شاخ» معظم لاعبيه، وبالتالي بإمكاننا حصد ثلاث نقط في أرضهم، لكنْ لا يجب، طبعا، أن تنسينا أهمية مباراة أبيدجان الفوز في دار السلام، وهو ما من شأنه أن يعطيّ جرعة ثقة كبيرة للاعبين والمدرب للتقدم بخطوات ثابتة في مسار التأهل، وأتمنى للطوسي وأسوده حظا موفقا، ورؤية المنتخب المغربي ضمن إحدى المجموعات التي ستنافس في البرازيل. - أدى الخروج المبكر في جنوب إفريقيا إلى فتح النقاش حول المدرب واللاعب المحلي، ما هي قناعاتك في هذا السياق؟ بالتأكيد، أنا إلى جانب المدرب المحلي، لأننا والحمد لله، أصبحنا في المغرب نتوفر على أطر لها من الكفاءة والمعرفة ما يؤهلها لأخذ زمام المنتخب المغربي والسير به بعيدا، وكفانا الآن من الإطار الأجنبي، والأمر نفسه في ما يخص اللاعبين، فقد أصبح من الواجب الاعتماد على اللاعب الملحي، وخير دليل أن هؤلاء، رغم قلتهم، أبانوا عن مستوى طيب في جنوب إفريقيا، فاللاعب الشاكير مثلا، ورغم خبرته القليلة، فإنه كان من بين أفضل العناصر التي خاضت النهائيات، وفي اعتقادي فقد حان الوقت لإعادة الثقة إلى اللاعب المحلي ورفع التهميش عنه، وكفانا من التهليل للاعب القادم من الخارج.. فجلّ هؤلاء يجلسون على دكة الاحتياط أو يمارسون في بطولات متواضعة وأندية عادية، لكنْ بالتأكيد إذا كان أحد هؤلاء قادرا على تقديم الإضافة فمرحبا به، وباب المنتخب مفتوح لكل عنصر تتوفر فيها الجاهزية والمقومات التي يراها المدرب تخدم رؤيته. - أنت الآن مدرب داخل السد القطري، فكيف تجد مسار عموتة مع الفريق الأول وهو القريب من الفوز بدرع البطولة؟ أنا لن أمدح صديقي العزيز الحسين، لكنّ الأرقام الخاصة بالبطولة القطرية تتحدث عنه هذا الموسم، فقد حقق إلى حد الساعة أرقاما كبيرة وغيرَ مسبوقة في دوري النجوم، ومردود النادي جيد جدا إلى حد الساعة، مما يرشحه بقوة لنيل لقب الدوري هنا.. فقد حقق الفريق تحت قيادة عموتة انتصارات كبيرة على فرق قوية تتوفر على عناصر محترفة من الطراز الكبير، كما منح عموتة في خضمّ الانتصارات الفرصة للكثير من اللاعبين الشباب لإظهار مهاراتهم على المستطيل الأخضر، ولمسته مع الفريق بادية للجميع، وأتمنى أن يواصل على الدرب نفسه في كل الاستحقاقات. - ماذا تقول بخصوص مردود اللاعبين المغاربة الذين ينشطون في الدوري القطري؟ بعيدا عن الذاتية، سمعة اللاعب المغربي ممتازة في البطولة القطرية منذ سنوات، ويعتبر المتتبعون اللاعبَ المغربيّ من أجود العناصر المحترفة التي مرت في الكرة القطرية، وخير دليل ما يقدّمه حاليا المحترفون المتواجدون في دوري النجوم، سواء عثمان العساس وسعيد بوطاهر مع أم صلال، وأنور ديبا مع الوكرة، والسفري مع قطر، وخرجة مع العربي.. وشخصيا، كنت أتمنى تواجد الحسين خرجة مع المنتخب المغربي لما لهذا اللاعب من قدرات احترافية عالية وخبرات محترمة، ومجهوده مع العربي واضح رغم وضعية النادي الصعبة هذا الموسم.